17-يونيو-2021

تعاونية نسوية في مراكش (Getty)

تمارس النساء المغربيات في المجتمع المحلي صنعة جني زيت الأرغان منذ عشرات السنوات في الجبال القاحلة في جنوب المغرب، وهو منتج طبيعي تم استخدامه منذ فترة طويلة في الطهي، ولكنه أصبح ذا قيمة عالية من قبل مستثمري صناعة التجميل حول العالم كعلاج مضاد للشيخوخة وكعلاج للبشرة، وكذلك كمستحضر للعناية بالشعر وإصلاحه خلال السنوات الأخيرة. ويتم إنتاج معظم كميات زيت الأرغان من قبل تعاونيات محلية للنساء في مدن أكادير والصويرة وتارودانت، حيث تنتشر شجرة الأرغان التي تحمل فاكهة خضراء صغيرة تشبه الزيتون. ولعدة قرون، كان هذا الزيت من بين أغلى أنواع الزيوت في العالم، ويلقب بالذهب الأحمر، ويستخرج عن طريق تجفيف ثمار الأرغان في الشمس، ومن ثم تقشير الثمار وهرسها، وأخيرًا طحن النواة بواسطة الحجارة.

 أصبح قطاع إنتاج زيت الأرغان يقدر بما يزيد عن مليار دولار أمريكي بفضل عنصر الجذب الذي بات يتمتع به هذا النوع من الزيوت على الصعيد الدولي 

في الماضي كان هذا النوع من الزيوت يستخدم بشكل تقليدي في الطعام لإضفاء نكهة لذيذة عبر تغميس الخبز فيه، وكان يباع على جوانب الطرقات بسعر لا يتعدى 3 دولارات للتر الواحد. ولا يزال هذا النوع من الزيوت منتشرًا في المغرب، أما الأن فأصبح يتم تصديره كمكون من مكونات التغذية والأطعمة والمستحضرات التجميلية. وقد أدى استخدامه كمنتج تجميل إلى زيادة الطلب عليه من قبل شركات مستحضرات التجميل الدولية. وهذا يعني أيضًا أن مجموعات من النساء المغربيات أصبحن ينتجنه في عبوات أكثر جاذبية ويقمن بتسويقه في السوق المحلي والدولي. أما تكلفة هذا النوع من الزيوت الأن فتقارب حوالي 30 إلى 50 دولارًا للتر الواحد، فيما يتم تصديره وبيعه في السوق الدولية في زجاجات صغيرة عالية الجودة يصل سعرها إلى 250 دولارًا للتر الواحد، بحسب تقرير نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية.

اقرأ/ي أيضًا: تضامن لبناني واسع مع الناشطة ياسمين المصري وانتقادات لسياسة وأسلوب جبران باسيل

وتوظف تعاونية تايتماتين 100 امرأة لإنتاج زيت الأرغان في إحدى واحات منطقة تيوت بالقرب من تارودانت. وكانت الجمعية التعاونية قد تأسست في عام 2002، ويعني اسمها بالأمازيغية "الأخوات". وتقدم الجمعية التعاونية للنساء العاملات رواتبًا، وتأمينًا صحيًا، ورعاية لأطفالهن، ودورات محو الأمية مجانًا. على الرغم من أن الآلات الجديدة التي يستخدمنها للمساعدة في عملية معالجة وإنتاج الزيت قد ساعدت في تسريع العمل، إلا أنه لا يزال يتعين على النساء إزالة القشرة الصلبة للحبوب يدويًا عن طريق سحقها بالحجر، قبل أن تتمكن الآلة من الضغط على النواة الداخلية لاستخراجها، كما أورد موقع تيليغراف.

رئيسة جمعية تايتماتين التعاونية، مينا آيت طالب، قالت في تصريحات نقلتها وكالة رويترز "يستغرق الأمر ثلاثة أيام من الطحن لكل امرأة للحصول على لتر واحد من زيت الأرغان". فيما أفادت إحدى النساء العاملات، أثناء عملها مع النساء في طحن حبات الأرغان، وتدعى زهرة حقي، بالقول "نحن نعمل هنا ولكننا أيضًا نستمتع ونغني معًا"، وأشارت إلى أن هذه الوظيفة ساعدتها في الحصول على مدخول منتظم.

وبحسب تقرير مصور نشره موقع BUSINESS INSIDER فإن قطاع صناعة زيت الأرغان أصبح يقدر بما يزيد عن مليار دولار أمريكي بفضل عنصر الجذب الذي بات يتمتع به هذا النوع من الزيوت على الصعيد الدولي مما أعطاه شهرة وسمعة طيبة لدى العديد من المستهلكين. وقالت العاملة خديجة هيدا "لا نقوم بقطاف الفاكهة وإنما نتركها كي تنضج كثيرًا فيصبح لونها بنيًا وتسقط في الحقل، ومن ثم نقوم بجمعها"، وأضافت "هذه العملية صعبة، فليس بمقدور أي أحد أن يقوم بهرس حبوب الفاكهة وطحنها بالحجارة"، وتابعت بالقول "هذه العملية تتطلب مهارة وجهد كبيرين". كما أشارت هيدا بالقول إلى أن كل 40 كيلو من فاكهة الأرغان يخرج منها 20 كيلو من الحبيبات حيث يتم استخراج لتر واحد فقط منها.

كما تعتبر هذه العملية راسخة من ضمن التراث المغربي. ويشير التقرير إلى أن شجر الأرغان صار معلمًا سياحيًا أيضًا، حيث أن السياح يأتون لمشاهدة أشجار الأرغان، خاصة وأن الماعز تتسلق أغصان الأشجار لأكل قشور هذه الفاكهة مما يعتبر مشهدًا غير مألوف بالنسبة للوافدين من السياح إلى المنطقة حيث يلتقطون الصور، كما يظهر التقرير المصور. 

أما في أواخر عام 1980 قامت الباحثة زبيدة شروف بنشر ورقتها البحثية لنيل شهادة الدكتوراه حول شجرة الأرغان وفوائدها، وذلك بعد أن لاحظت الباحثة أن أيدي النسوة اللواتي يعملن في طحن الحبيبات واستخدام الزيت على بشرتهن أدى إلى جعلها أكثر نعومة وخالية من التجاعيد. وقالت الباحثة نقلًا عن BUSINESS INSIDER "كنت أدرس الخطر البيئي لانقراض أشجار الأرغان واكتشفت أهمية زيت الأرغان، وقمت حينها بتحويل الخطر البيئي إلى منفعة اقتصادية"، وأضافت "استخدمت نتائج البحث من أجل تنظيم هذا القطاع الذي كان مهملًا وكانت النساء غير منظمات". وأنهت كلامها بالقول "بدأنا المشروع مع 16 امراة وسرعان ما تطور وصارت النسوة أكثر تعاونًا فيما بينهن، كما استفادت الحياة البرية من الاهتمام الحاصل بهذه الأشجار".

 

اقرأ/ي أيضًا:

دراسة إحصائية لرويترز تربط بين ظروف المسلمين في فرنسا وارتفاع وفيات كوفيد-19

تفاعل واسع في الكويت مع خبر استدعاء نيابة الإعلام لعباس الشعبي