12-يوليو-2022
تحالفات أمنية وتطبيع مع إسرائيل تتضمنها زيارة بايدن (Getty)

تحالفات أمنية وتطبيع مع إسرائيل وملفات عديدة تتضمنها زيارة بايدن (Getty)

من المتوقع أن تكون زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة الأربعاء محطة لانخراط أمريكي أكبر في المنطقة. فقد استعرض البيت الأبيض أبرز الملفات التي ستشهدها الزيارة الأولى لبايدن  للمنطقة. وسيكون على رأس أولويات الزيارة الدفع بملف التطبيع وإن كان تحت لافتة التعاون لتعميق اندماج إسرائيل. وعلى الرغم من أن العديد من المراقبين يستبعدون الإعلان الرسمي عن تطبيع العلاقات بين السعودية واسرائيل، إلا أننا سنشهد مزيدًا من الخطوات على صعيد العلاقات الإسرائيلية السعودية، مثل السماح للرحلات الجوية التجارية الإسرائيلية بعبور الأجواء السعودية إلى دول أخرى. كما نقلت مصادر إسرائيلية أنه من المتوقع خلال زيارة بايدن أن يتم التوقيع على اتفاق  بين الولايات المتحدة وإسرائيل يشمل القضايا الأمنية والاقتصادية. وبحسب صحيفة "هآرتس" فإنه من المنتظر أن "يعلن بايدن عن إجراءات تتعلق بتعزيز العلاقات بين إسرائيل والسعودية خلال زيارته".

سيكون على رأس أولويات الزيارة الدفع بملف التطبيع وإن كان تحت لافتة التعاون لتعميق اندماج إسرائيل في المنطقة

كما نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول رفيع في الحكومة الاسرائيلية أن "إسرائيل ستدفع خلال زيارة بايدن باتجاه عقد صفقة أمنية ضخمة مع السعودية تشمل بيع منظومات دفاع جوي للرياض، حيث تسعى إسرائيل لإبرام الصفقة تحت غطاء أمريكي في ظل عدم وجود علاقات دبلوماسية إسرائيلية مع السعودية". وفي هذا الإطار، تحدث وزير المالية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الإثنين خلال مشاركته في مؤتمر نظمته صحيفة "كلكليست" الاقتصادية الإسرائيلية، عن توقعاته من أن "زيارة الرئيس الأمريكي ستقود إلى إنشاء سوق مشتركة بالشرق الأوسط تشمل السعودية". وأضاف ليبرمان أن "هذه السوق ستغير الواقع في المنطقة تمامًا في كل من المجالين الأمني والاقتصادي، لذلك آمل أن يكون التركيز خلال زيارة بايدن على إقامة هذه السوق الجديدة في الشرق الأوسط". وأشار أن رؤيته الإقليمية "تشمل نوعًا من طريق سريع عابر للشرق الأوسط، وشبكة للسكك الحديدية تربط الدول الشريكة في المنطقة".

وتلقى الحملة الانتخابية في إسرائيل بظلالها على الزيارة، فقد حاول زعيم المعارضة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي سيلتقي بايدن لوقت قصير، من استغلال الزيارة، مشيرًا أنه "أقام لسنوات كرئيس للوزراء علاقة سرية بشكل أساسي مع المملكة العربية السعودية". وأضاف نتنياهو في مؤتمر صحفي أمام وسائل إعلام اسرائيلية: "أود أن أعرب عن تقديري لولي عهد المملكة العربية السعودية  محمد بن سلمان لمساهمته في تحقيق معاهدات السلام التاريخية الأربع التي توصلنا إليها"، وتعهد نتنياهو في حال عودته لرئاسة الحكومة الإسرائيلية فإنه ينوي "عقد معاهدات سلام كاملة مع المملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى".

تحالفات قديمة جديدة

هذا وسيكون الملف النووي الإيراني من أهم الملفات التي ستتناولها الزيارة، وهو ما أكده رئيس الوزراء الاسرائيلي حين قال إن "تعزيز التعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة ضد إيران سيكون في صلب زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الشرق الأوسط"، مضيفًا أن "إسرائيل  تعتبر إيران عدوها الأول، وتحتفظ بحق العمل بحرية كاملة في معركتها ضد البرنامج النووي الإيراني". وتحاول إسرائيل منع القوى الغربية بما في ذلك الولايات المتحدة من إحياء اتفاق 2015 الخاص بالبرنامج النووي الإيراني الذي انسحبت منه واشنطن في 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.

ومن المرجح أن يتم نقاش كيفية إيجاد أفضل الطرق لمنع إيران من تطوير وامتلاك سلاح نووي، وهو الأمر الذي يعتقد أن إيران أصبحت أقرب إليه من أي وقت مضى، وهو ما تعتبره إسرائيل تهديدًا. وتتقاطع مع عدد من الدول العربية في هذا الموقف من إيران، لذا فمسألة قيام تحالف لمواجهة إيران بين إسرائيل وعدد من دول المنطقة حاضر وبقوة.

في هذا السياق، قال مسؤول إسرائيلي كبير، إن "بيانًا تاريخيًا" سيتم التوقيع عليه بين "إسرائيل" والولايات المتحدة خلال زيارة جو بايدن إلى المنطقة، سيحمل اسم "إعلان القدس"، كما "سيعبر عن الالتزام الأمريكي بأمن إسرائيل وازدهارها والعلاقات بين البلدين" وفقًا لما نقلت القناة الرسمية الإسرائيلية "كان"، مساء الثلاثاء. وأوضح أن الإعلان سيتضمن رسالة موحدة بشأن إيران وبرنامجها النووي وأنشطتها الإقليمية، والتزامًا بعدم السماح لإيران بامتلاك أسلحة نووية، والسماح لـ"إسرائيل" بأن تقوم "بالدفاع عن نفسها بنفسها" على حد قوله. وبيَن المسؤول، أن الإعلان سيتضمن إشارة إلى الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، وتعزيز التطبيع وتوسيع دول السلام، وتوسيع البرامج المشتركة بين الدول في مجالات التكنولوجيا، وأهمية الولايات المتحدة "كمرساة للاستقرار" في المنطقة.

ومن المتوقع كذلك أن يزور بايدن منشأة دفاع صاروخي إسرائيلية، كبادرة لطمأنة إسرائيل بالتزام واشنطن بحمايتها، وفي إشارة إلى الجهود الأمريكية لمنح إسرائيل 500 مليون دولار إضافية لدعم منظومة القبة الحديدية. كما نقل موقع "تايمز أوف اسرائيل" عن مسؤول إسرائيلي قوله إن " بايدن سيعلن موافقته على أن يبدأ المجمع الصناعي العسكري الأمريكي محادثات مع نظرائه الإسرائيليين حول شراء نظام الدفاع الجوي Iron Beam".

كما ستشهد زيارة بايدين عقد قمة افتراضية تجمع كل من الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بالاضافة لرئيس دولة الإمارات محمد بن زايد ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، كبادرة لتأسيس شراكة جديدة في المنطقة. وقال عنها السفير الهندي السابق في الإمارات نافديب سوري إن "المبادرة تهدف إلى الجمع بين التكنولوجيا الإسرائيلية ورأس المال الإماراتي والمهارات والخبرات الهندية"، وأضاف "نشهد اضطرابًا في المنطقة، وفي الهند نفضل أن تكون على الطاولة بدلًا من أن تكون خارجها". وهو ما ذهب إليه المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس حين قال إن "هناك الكثير من الفرص لتعزيز العلاقات"، مشيرًا إلى أن "هناك عددًا من المجالات التي يمكن لهذه البلدان التعاون فيها، سواء كانت التكنولوجيا أو التجارة، وربما الأمن أيضًا".

جمود بشأن القضية الفلسطينية

فلسطينًا، لا ينتظر كثيرًا من هذه الزيارة خاصة مع خطوات التطبيع التي قادت عدد من الدول العربية لإقامة علاقات مع اسرائيل والدفع بدول أخرى بنفس الاتجاه بالرغم من تنكر إسرائيل لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وزيادة وتيرة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والعمل المتصاعد لتهويد مدينة القدس. كما أن حل الدولتين الذي تدعمه واشنطن نظريًا، أصبح مع الواقع الذي تحاول أن تفرضه اسرائيل، بعيد المنال مع غياب أي فرصة لاستئناف المفاوضات على المدى القريب، وهو ما أكدته الحكومة الإسرائيلية.

هذا ويلتقي الرئيس الأمريكي مع نظيره الفلسطيني في بيت لحم ويتوقع أن يتم الإعلان عن حزمة من المساعدات للفلسطينيين، كما يتوقع أن يقوم بايدن بزيارة إلى مستشفى أوغوستا فيكتوريا في الشق الشرقي من القدس. وستكون هذه أول زيارة يقوم بها رئيس أمريكي يمارس مهامه إلى هذا الجزء من المدينة الذي تقطنه أغلبية فلسطينية. وخلال الزيارة سيعلن بايدن عن مساعدات أمريكية بقيمة 100 مليون دولار لشبكة المستشفيات الفلسطينية في القدس الشرقية.

وينتظر أن يواجَه بايدن بتداعيات ملف اغتيال الصحفية الفلسطينية الزميلة شيرين ابو عاقلة التي تحدثت أخبار عن أن عائلتها تريد لقاء بايدن، خاصة بعد بيان التحقيق الأمريكي الذي جاء مخيبًا للآمال، ولم يخلص إلى نتيجة حاسمة بخصوص استهداف أبو عاقلة من قبل الجنود الإسرائيليين، وهو ما أثار موجة غضب عارمة في صفوف الفلسطينيين.

عودة إلى السعودية

وستكون قضية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي نقطة مهمة خلال زيارة بايدن للسعودية، إذ كشف الرفع عن سرية تقرير المخابرات الأمريكية الذي أكد أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وافق على الأرجح على عملية قتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018. بالإضافة لذلك، فقد أكد بايدن أن ملف حقوق الإنسان في السعودية مدرج على جدول أعمال زيارته، حيث يقبع العشرات من رجال الدين والمدونين ونشطاء حقوق الإنسان والسياسيين في السجون السعودية لانتقادهم سياسات ولي العهد السعودي، بالإضافة لاعتقال بعض الأمراء والاستيلاء على أصولهم المالية.

على الرغم من أن العديد من المراقبين يستبعدون الإعلان الرسمي عن تطبيع، إلا أننا سنشهد مزيدًا من الخطوات على صعيد العلاقات الإسرائيلية السعودية

لكن مسألة النفط تعتبر على رأس أولويات زيارة بايدن للسعودية، لذا لا يتوقع أن ينحى الرئيس بايدن منحى متشددًا في مقاربة ملف حقوق الإنسان، وهذا لإقناع المملكة السعودية بزيادة حصتها من إنتاج النفط لمواجهة تداعيات الارتفاع الحاد في الأسعار، جراء توقف الإمدادات الروسية بسبب العقوبات الدولية على روسيا بعد قيامها بغزو أوكرانيا. لكن من المرجح أن تقابل مطالب بايدن بحذر شديد من قبل مجموعة "أوبك بلس". وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان قد أعلن خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في أيار/ مايو في دافوس أن "المملكة فعلت ما في وسعها"، معتبرًا أن "المطلوب زيادة القدرة على التكرير أكثر من زيادة إمدادات السوق".