30-مارس-2018

سفير إسرائيل في الأمم المتحدة عبر شاشة غسان عبود "الإماراتية" (أورينت)

تطبيع رجال الإمارات ووكالاتها مرة اُخرى، هذه المرة من قناة أورينت نيوز السورية، حين أعلنت بكل فخر عن "جريمة التطبيع"، مذيعتها هيفي بوظو، في 28 آذار/مارس الجاري، بقولها: "إنه أمر تاريخي. المرة الأولى التي تقوم بها قناة سورية أو قناة شرق أوسطية باستضافة مسؤول إسرائيلي". 

أجرت قناة أورينت التي تبث من الإمارات حوارًا لنحو 40 دقيقة مع مسؤول إسرائيلي بدا وكأنه ترويجٌ لممثل دولة الاحتلال

فعلى ما يبدو أن كل ما سيأتي من الإمارات سيكون انطلاقة أجندة واحدة: تطبيع باستمرار واستعداء وتشويه للثورات العربية. فمحمد بن زايد، ومرتزقته في المنطقة، بمثابة ماكينة لنشر بذور التطبيع في المنطقة، التي عملوا جاهدين لإفشال مشاريع التحول الديمقراطي في بلدان ثوراتها.

اقرأ/ي أيضًا: فروض التطبيع الإماراتية.. شراكة إستراتيجية وثيقة مع إسرائيل

جاء حوار شاشة أورينت مع سفير الاحتلال في الأمم المتحدة أشبه بحوالات العلاقات العامة مدفوعة الأجر مقدمًا، لصالح سفير الاحتلال الإسرائيلي الدائم في الأمم المتحدة، داني دانون. ولنحو أربعين دقيقة مع المسؤول الإسرائيلي، تعرضت القناة لرؤيته وإعلانه عن مواقفه، وزيف مشاعره تجاه الشعب السوري لغرض في نفسه واضح: تكريس التطبيع.

لم يكن حضور دانون على القناة كطرف آخر للرد على أسئلة واستفسارات متعلقة بموقف سياسي محدد، وإنما حوار، بدا أن غرضه إظهار الرجل ممثلًا عن "دولة سلام"، وليس دولة عنصرية تختطف شعبًا كاملًا، بالإمعان في المجازر والانتهاكات. ممثل دولة في سجلها ما لا يقل أبدًا عما ارتكبته يد نظام الأسد في سوريا.

سعادة سفير الاحتلال

تعاملت المذيعة هيفي بوظو، بحفاوة بالغة مع ضيفها الإسرائيلي، في حوارها الذي قدمته بقولها: "تحول الصراع في سوريا إلى صراع إقليمي ودولي، وفي هذا السياق لم يعد ممكنًا تجاهل الدور الإسرائيلي لأهميته كطرف إقليمي قوي وتأثير وانعكاسات الموقف الإسرائيلي على الموقف الغربي، وخاصة الأمريكي". لكن دفة الحوار اتجهت تمامًا نحو إيران وحلفائها، وطبيعة الموقف الإسرائيلي منها. مع التذكير الدائم من قبل المذيعة بأنه الحوار الأول من نوعه.

بدت هيفي بوظو خلال الحوار وكأنها سكرتيرة لدى المسؤول الإسرائيلي، أو مذيعة في قناة إسرائيلية محلية رسمية تتقاضى راتبها من الحكومة الإسرائيلية. لقد كان لقاء "تلميع" من الدرجة الأولى، فعلى ما يبدو كان "سعادة السفير" كما قدمته هيفي بوظو، محط إعجابها وإعجاب قناتها وسُيّاسها.

لم يفتها أيضًا الولوج إلى جانب من حياة المسؤول الإسرائيلي الشخصية، كأصوله العربية المصرية، رغم عدم تحدثه العربية. وقد أفردت هيفي بوظو له مساحة الحديث عن "مساعي السلام الإسرائيلية"، في تناقض واضح من جهة أن جزءًا كبيرًا من الحديث تطرق إلى انتهاكات نظام الأسد، على لسان ممثل دولة غير طبيعية من جهة، وأكثر الدول إمعانًا في الانتهاكات المؤسسة لها أصلًا من جهة أُخرى.

ولم يفت داني دانون أن يستخدم نبرة الأبوة في حديثه عن سوريا: "أنا أب لثلاثة أطفال، عندما يرى أطفالي الصور المروعة في سوريا أجلس معهم وأشرح لهم. إنه أمر صعب بالنسبة لنا"، لكن المذيعة هيفي بوظو نسيت، أو بالأحرى أنساها موقفها وقناتها الإشارة إلى الأطفال الذين قضوا في العدوان على غزة وبالحصار، أو الأطفال المعتقلين في السجون الإسرائيلية ويحاكمون أمام محاكمها العسكرية.

تدمير المعارضة برعاية أولاد زايد

دخول قناة أورينت، التي تصف نفسها بأنها قناة سورية معارضة، على خط التطبيع بهذا الشكل الفج؛ يهدف أساسًا إلى نسف صورة الثورة السورية، والمبادئ التي التزمت بها المعارضة السورية باختلافها، باعتبار التطبيع مع إسرائيل خطًا أحمر.

ومقابلة كهذه تُعمّق الخلافات داخل صفوف المعارضة السورية المختلفة بطبيعة الحال، وتعطي الفرصة للنظام السوري ومؤيديه لتوجيه أصابع الاتهام للمعارضة، بل للثورة السورية من حيث المبدأ، خاصة وأنّ النظام ينطلق من مزاعم "الممانعة"، ويلوك الاتهامات دائمًا لأي معارض بالعمالة للاحتلال الإسرائيلي، لذا كان راسخًا موقف المعارضة من التطبيع مع إسرائيل باعتباره خط أحمر، خاصة أيضًا وأن إسرائيل لا تزال محتلة للجولان السوري الذي لم يُقدم نظام الأسد على التعامل الجاد مع قضية احتلاله.

أصبح لدى النظام السوري الآن شمّاعة أُخرى صنعتها يد محمد بن زايد، لمزيد من الاتهامات لـ"الثورة السورية" بالتطبيع مع المحتل، وهو أمرٌ في سياق مجمل التحركات الإماراتية مفهوم، إمارات التطبيع والقضاء على أي روحٍ ثورية في المنطقة.

يعد غسان عبود مالك قناة أورينت، رجل الإمارات في مسيرة التطبيع الإعلامي مع إسرائيل وإفشال الثورات العربية

و"أورينت نيوز"، قناة إخبارية سورية يمتلكها رجل الأعمال السوري غسان عبود، الذي انتقل إلى أبوظبي منذ عام 1992، وعمل في البداية في مجال الدعاية والعلاقات العامة، ثم انتقل للعمل في تجارة السيارات، قبل إطلاق القناة عام 2009، ومع اندلاع الثورة السورية، صنفت القناة نفسها معارضةً، مع استمرار بثها من الإمارات، والتزامها الضمني بأجندة السياسة الإماراتية. وقد عمدت للترويج المستمر للنعرات الطائفية والإثنية في الأزمة السورية.

"حُسن الجوار"

بالعودة للسفير الإسرائيلي والمقابلة التي أجرتها هيفي بوظو معه، وخلال حديثه الدعائي، تحدث عن المساعدات الإسرائيلية المزعومة للمصابين من العمليات العسكرية في سوريا، عبر مشروع ما أسماه بـ"حسن الجوار". ومن حسن الجوار هذا تنكشف بعض الأمور المثيرة للاهتمام.

اقرأ/ي أيضًا: فيديو: فضائح إمارات التطبيع: "نحن وإسرائيل مثل الإخوة!"

فقد كشف عن تطبيع من بوابة "المساعدات الإنسانية" بين غسان عبود -الذي يبدو أنه سيبرز للساحة كأحد رجال الإمارات في مشروعها في المنطقة- ومؤسسته "أورينت الإنسانية" وبين مشروع حُسن الجوار الإسرائيلي!

وفي تحقيق استقصائي أجرته صحيفة العربي الجديد، كُشف عن أنّ لرجل الأعمال السوري المقيم في أبوظبي، "رؤية لدور إسرائيلي في المنطقة"، من جهة العمل الأمني والاستخباراتي والدعائي أيضًا.

وكشف التحقيق علاقة عبود ومؤسساته بجيش الاحتلال الإسرائيلي ومساعيه للترويج لبرنامج "حسن الجوار"، الذي تديره قيادات عسكرية إسرائيلية، والذي تثار الشكوك حول أهدافه الحقيقية، خاصة وأن مؤسسات إنسانية دولية كبرى، رفضت التعاون مع إسرائيل في هذا البرنامج، وعلى رأسها الصليب الأحمر وأطباء بلا حدود.

ويُرجّح أن هدف مشروع "حسن الجوار" هو الاختراق الاستخباراتي الأمني من قبل إسرائيل للجنوب السوري. ويُرجّح أن لمؤسسات رجل الإمارات الجديد/القديم غسان عبود، دورًا مهمًا في ذلك. 

فقد كشف استقصائي العربي الجديد عن توجيه عبود مراسلي القناة في جنوب غرب سوريا، تحديدًا مدينة القنيطرة، إلى إعداد تقارير يومية مفصلة بمعلومات عن المكان والفرق العاملة به وسكانها وتوجهاتهم وولاءاتهم وما يشاع بينهم وما يتكلمون فيه، وكأنهم جواسيس! بل وطلب منهم تقارير عن الكتائب المسلحة في المنطقة ومرجعياتها وأطروحاتها، واعتبر في رسالة وجهها لطاقم القناة، أن "غير المبالي (بالتوجيهات) ليس منّا".

توجيهات غسان عبود لمراسلي قناة أورينت في الجنوب السوري (العربي الجديد)
توجيهات غسان عبود لمراسلي قناة أورينت في الجنوب السوري (العربي الجديد)

وكالعادة، عندما رد عبود الرد على تلك الاتهامات ذهب للاحتماء بالموقف الإماراتي، فلاك الادعاءات التقليدية، عبر حسابة على فيسبوك، أن كل ذلك يحدث بسبب تسخير قطر لوسائل إعلامية للهجوم عليه، بينما في حقيقة الحال يسخر مؤسسته وفرق مراسليه، بأوامر إماراتية، لصالح الترويج التطبيعي لإسرائيل وجرائمها وتدخلاتها بمصائر الشعوب العربية، إضافة لدق مزيد من المسامير في مركب تشويه الثورة السورية وتجريم السوريين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أبرز 5 شخصيات في مسلسل التّطبيع السّعودي والإماراتي مع إسرائيل

كيف تستخدم أبوظبي تهمة إسرائيل لتمرير تعاونها معها؟