18-يونيو-2021

مشهد من أحد أسواق هافانا (Getty)

ألترا صوت - فريق التحرير

أفاد تقرير قدمته وكالة رويترز عن فقدان العديد من السلع الأساسية في كوبا من الأسواق، وأصبح الكثير من المواطنين الكوبيين يتساءلون عن الكيفية التي يمكنهم من خلالها تأمين المواد الغذائية الضرورية مثل الحليب واللحوم والحبوب، وكذلك الأدوية ومستحضرات التنظيف. في حين يرتفع القلق لدى الكوبيين جراء تزايد أسعار المواد التي لم يعد بمقدورهم تأمين ثمنها الباهظ، يضاف إلى ذلك نقص حاد في المواد الأساسية من الأسواق، في ظل إفلاس وشيك للدولة الكوبية. كما تشكلت الطوابير أمام المتاجر وفي المصارف من أجل الحصول على البطاقات المصرفية وذلك بغية التمكن من شراء السلع المستوردة بعد اليأس من إمكانية الحصول على السلع بالعملة المحلية.

تقوم حكومة كوبا بإلقاء اللوم في الأزمة الاقتصادية الحالية إلى حد كبير على العقوبات الأمريكية، التي تم تشديدها في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وكذلك تبعات انتشار فيروس كورونا الذي دمر القطاع السياحي في كوبا

كل ذلك أدى إلى تحويل عمليات البيع والشراء بواسطة البيزو الكوبي إلى الدولار وإلى عملات أخرى، لا بل أن البعض توقف عن استقبال البيزو كعملة مقبولة في العمليات التجارية، الأمر الذي أجبر الكوبيين على شراء عملات قابلة للتحويل من السوق السوداء وبأسعار مضاعفة. وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة الكوبية كانت قد خفضت قيمة البيزو بحدة في شهر كانون الثاني/يناير 2021. حيث قال الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل، الذي أعلن عن الإصلاح النقدي، أن البيزو الكوبي سيتم تحديده بسعر صرف واحد قدره 24 بيزو لكل دولار، وأشار كانيل إلى أن "هذه الخطوة ستؤدي لتهيئة الظروف اللازمة للتقدم بطريقة أكثر صلابة".

اقرأ/ي أيضًا: تعاونيات إنتاج زيت الأرغان النسوية في المغرب.. نموذج تمكين اقتصادي

لكن الخبير الاقتصادي الكوبي، عمر إيفرليني، قال في تصريح نقلته وكالة رويترز "أصبح يتعين على المواطنين الكوبيين شراء المنتجات من البائعين لقاء أسعار مرتفعة جدًا وخاصة إذا ما تم الدفع بواسطة عملة البيزو"، وأضاف "الحكومة بحاجة إلى تنفيذ إصلاحات جذرية، وحتى ذلك الحين، سيستمر السوق غير الرسمي (السوق السوداء)، ومعه ارتفاع الأسعار، في الازدهار".

كما لم يعد يتم بيع العديد من السلع في المتاجر بواسطة عملة البيزو، على الرغم من الزيادة في ضخ مليارات من البيزو في السوق الكوبية المحلية. فنتيجة الدولرة وشح العملات الصعبة كالدولار وتخفيض قيمة العملة الوطنية البيزو، ارتفعت الأسعار بشكل ملحوظ، ومن المرجح أن يصل التضخم في الأسعار هذا العام إلى ما لا يقل عن 500% كحد أدنى، بينما من الممكن أن يصل إلى 900% كحد أقصى، وفق ما أشار الخبير إليه الاقتصادي السابق في البنك المركزي الكوبي، بافل فيدال، بحسب ما جاء في تقرير منشور لدى فاينانشيال بوست.

بينما تقوم حكومة كوبا بإلقاء اللوم إلى حد كبير على العقوبات الأمريكية، التي تم تشديدها في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وكذلك تبعات انتشار فيروس كورونا الذي دمر القطاع السياحي في كوبا وأصاب الاقتصاد العالمي بأزمات كبيرة وشديدة. وتقول السلطات الكوبية بأن التضخم يجب أن يكون مجرد انتكاسة مؤقتة، حيث من المقرر أن ينتعش الاقتصاد مع انحسار الوباء وإعطاء الإصلاحات مفاعيل إيجابية. فيما يشير بعض الخبراء الاقتصاديون إلى أن القضية الرئيسية تكمن في عدم كفاءة الاقتصاد الذي تديره الدولة، على الرغم من بعض الإصلاحات في السوق.

ويذكر أن الدولة الكوبية احتفظت ببطاقتها التموينية التي تقدم بعض السلع المدعومة بشكل كبير. كما زادت الأجور والمعاشات الحكومية بما يصل إلى خمسة أضعاف، عندما خفضت قيمة البيزو بنحو 95% في محاولة لتخفيف وامتصاص تأثيرات الأزمة الاقتصادية. لكن المساعدات الحكومية والبطاقة التموينية المدعومة لا  تغطي سوى حوالي 60% من السكان، بينما يترك العديد من الكوبيين يكافحون من أجل التغلب على الأسعار المتقلبة بشدة لتأمين احتياجاتهم.

كما يشار إلى أن الخزينة الحكومية تعاني من نقص حاد في احتياطي العملات الأجنبية، ولم يعد بإمكانها الاستيراد من الخارج، فالبيزو عملة غير مقبولة في عمليات الاستيراد. وذلك كله أدى إلى تراجع الاقتصاد بنسبة 11% العام الماضي، في ظل الاستمرار في التراجع حتى هذا العام. ويهدف تخفيض قيمة العملة الوطنية الكوبية، إلى زيادة الصادرات وتقليل الواردات على المدى المتوسط.

ومن باب المعايشة العيانية قالت الموظفة آنا ريبيكا لابرادا "اعتادت الحكومة بيع أنابيب الإنارة بسعر 30 بيزو، بينما تباع الآن في السوق غير الرسمية بسعر 400 إلى 500 بيزو ولا يوجد أي منها في المخازن الحكومية". وقال أحد عمال المقاهي في هافانا عاصمة كوبا، ويدعى أريس لايديس بلانكو "كل يوم يصبح أكثر صعوبة لأن أسعار كل شيء تستمر في الإرتفاع دون توقف". كما قالت المواطنة الكوبية ميريام، وهي من سكان هافانا، إن سلطات الولاية كانت تبيع الأرز على البطاقة التموينية مقابل 10 بيزو، وفي السوق غير الرسمية (السوداء) كانت تباع بسعر 60 بيزو. وأفادت أيضًا بأن سعر أنبوبة غاز الطهي يبلغ 50 بيزو بينما في السوق غير الرسمية تباع بسعر 200 بيزو، إضافة للعديد من المواد كحليب الأطفال وغيرها التي ارتفع سعرها بشكل جنوني، بحسب ما نقلت شبكة يو أس نيوز.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تضامن لبناني واسع مع الناشطة ياسمين المصري وانتقادات لسياسة وأسلوب جبران باسيل

دراسة إحصائية لرويترز تربط بين ظروف المسلمين في فرنسا وارتفاع وفيات كوفيد-19