17-يناير-2019

تطالب الولايات المتحدة، كما ترجح مصادر، تقليل نفوذ الحشد الشعبي (أ.ف.ب)

الترا صوت – فريق التحرير

بين خضراء بغداد وصحراء الأنبار، احتدم التنافس الأمريكي - الإيراني على النفوذ في العراق، خلال الأيام القليلة الماضية، فبعد أن حط وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في البلاد، قبل أسبوع، في زيارة غير معلنة مسبقًا، لـ"يحذر" القيادات العراقية من "خطر" طهران، استقبلت تلك القيادات بعد أيام نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في زيارة هدفها الرئيسي توسيع مجال التعاون الاقتصادي في تحد معلن للعقوبات الأمريكية.

شهدت الأسابيع القليلة الماضية تحركات معلنة لقوات أمريكية في عدد من مدن العراق، من بينها العاصمة بغداد، وثقتها صور ومقاطع مصورة

أما على الأرض، فشهدت الأسابيع القليلة الماضية تحركات معلنة لقوات أمريكية في عدد من مدن البلاد، من بينها العاصمة بغداد، وثقتها صور ومقاطع مصورة، ضمن عملية "إعادة انتشار" كاملة تجريها تلك القوات في قواعد عسكرية وخارجها، بعد قرار الانسحاب العسكري من سوريا، لتصطدم بقوات "الحشد الشعبي" الذي تدعمه إيران بشدة وتقف بوجه أي مساع لدمجه بالقوات العراقية أو حله.

اقرأ/ي أيضًا: العقوبات الأمريكية ضد إيران.. ارتباك يخيم على العراق أيضًا

 

تأتي هذه التحركات العسكرية الأمريكية في العراق "ضمن تراتبية في التوقيت، وكجزء من الاستراتيجيات المتبناة من قبل الرئيس ترامب، القائمة على الاحتواء المزدوج، والموجهة دوليًا ضد الصين وإقليميًا باتجاه إيران"، كما يرى الخبير العسكري والاستراتيجي أحمد الشريفي، مؤكدًا في تصريح صحافي، أن "مفهوم الاحتواء الذي تتبناه الولايات المتحدة ضد إيران من المحتمل أن ينتهي بعمليات عسكرية".

مواجهة عسكرية مباشرة !

تضاربًا مع النفي الحكومي المتكرر لأي مهام عسكرية تجريها القوات الأمريكية على الأرض في البلاد، باستثناء "تدريب القوات العراقية"، ونفي أي انتشار لها خارج قواعد معينة، أعلن الحشد الشعبي منع قوات أمريكية من "استطلاع ميداني مريب، للقطعات الأمنية ضمن حدود مسؤوليتها"، على الحدود العراقية السورية، عادًا إياه "انتهاكًا للسيادة العراقية".

وبحسب بيان أصدره قائد العمليات في الحشد، قاسم مصلح، فإن القوات الأمريكية حاولت "كشف معلومات سرية وحساسة وغاية بالخطورة" عن قوات الحشد هناك، عبر استطلاع مسافة من الحدود العراقية السورية وتوجيه أسئلة لشرطة الحدود والجيش العراقي عن عدد النقاط القتالية للحشد الشعبي وكمية الذخيرة ونوع السلاح، وعدد الأفراد المتواجدين في كل نقطة، مؤكدًا أن قواته "اضطرت القوات الأمريكية إلى الرجوع إلى قاعدة بئر المراسمة وعدم الاقتراب من قاطع الحشد الشعبي".

ويفوق عدد عناصر الحشد الشعبي الـ140 ألفًا، يتوزعون كمجموعات قتالية وأخرى لوجستية، تنتشر في مناطق عدة من البلاد، وفق إحصائيات غير مؤكدة.

طلب أمريكي لحل الحشد

بالأثناء، أفصحت مصادر في العاصمة الأمريكية واشنطن عن طلب تقدم به بومبيو لرئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي خلال لقائهما، الأربعاء 9 كانون الثاني/يناير، لـ "تجميد" عشرات الفصائل المسلحة المنضوية في الحشد الشعبي وسحب سلاحها.

وحدد الطلب الأمريكي، وفق تلك المعلومات، قائمة تضم 67 فصيلًا أبرزها "بدر، كتائب حزب الله، عصائب أهل الحق، النجباء، سرايا الخراساني، وجيش المؤمل"، فضلًا عن "سرايا السلام، القوة التابعة لزعيم التيار الصدري وفصائل أخرى تابعة للمرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، فيما حددت القائمة اسم قائد كل فصيل ونطاق نشاطه ضمن العراق وسوريا.

يأتي ذلك بالتزامن مع حراك سياسي داخل البرلمان العراقي، لتشريع قانون يفرض على الحكومة العراقية إخراج القوات الأجنبية من البلاد، بدأ بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المثيرة للجدل إلى قاعدة عين الأسد في كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي.

ويعول معاون رئيس هيئة الحشد الشعبي جمال جعفر الإبراهيمي، المعروف بـ "أبو مهدي المهندس"، المقرب من طهران على ذلك الحراك لتجنب المواجهة العسكرية المباشرة، مؤكدًا أن "السياسية الأمريكية تجاه الحشد الشعبي ماضية نحو التصعيد والعمل على حله".

وقال المهندس في تصريح صحافي، إن "الوسيلة الوحيدة للحفاظ على سيادة العراق تكون بإصدار قانون أو تشريع بإخراج القوات المسلحة الأجنبية من العراق، وهذا لا يسبق بالدعوة إلى المقاومة والأعمال الأخرى داخل العراق"، مضيفًا: "نعتقد أنه حان الوقت لنعطي بديلًا فى المجال السياسي يوازي الأعمال القتالية الدفاعية التى نقوم بها".

نفي حكومي.. واتهام لـ "جيوش إلكترونية"!

وكالعادة بشأن أي تسريب يخص الملفات الشائكة، سارعت الحكومة العراقية على لسان رئيسها عادل عبد المهدي إلى النفي. إذ أكد الأخير خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي، الثلاثاء 15 كانون الثاني/يناير، "عدم تلقي أي طلب من بومبيو بشأن حل الحشد الشعبي، معتبرًا أن "ذلك شأن عراقي".

وجدد عبد المهدي نفي زيادة عدد القوات الأجنبية الموجودة في البلاد، فيما رأى أن العراق بوضعه الحالي هو "الدولة الوحيدة التي تستطيع الاتصال بجميع الدول والأطراف دون خطوط حمراء"، مشددًا بالقول إن "من يحاول دفعنا لمواجهة ضد إيران فهو واهم".

أما أحمد الأسدي المتحدث باسم تحالف "الفتح" المقرب من إيران، فقد اتهم "صفحات مستأجرة وجيوش إلكترونية"، بالوقوف وراء تسريب قائمة بومبيو المزعومة، مؤكدًا ثقته بـ "استحالة" قبول مثل ذلك الطلب الأمريكي من قبل عادل عبد المهدي، "الذي لم يستقبل رئيس الولايات المتحدة كونه لم يتوجه لبغداد"، على حد تعبيره.

ويعد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، أول من تحرك لتأسيس قوات رديفة لحماية محيط العاصمة بغداد، بعد سيطرة تنظيم داعش على مناطق قريبة منها في الأشهر الأولى من عام 2014، حيث انتشرت مجاميع من المقاتلين الشيعة تابعة لفصائل منها "عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله"، لمواجهة التنظيم.

اقرأ/ي أيضًا: بين العقوبات ومزاجية ترامب..غيمة قلق فوق طهران

في 13 حزيران/يونيو من عام 2014، توسع "الحشد الشعبي"، باستغلال استجابة عشرات آلاف العراقيين لدعوة المرجع الديني الشيعي علي السيستاني إلى حمل السلاح، لمواجهة تنظيم داعش الذي سيطر على ثلث أراضي البلاد حينها.

 أفصحت مصادر في واشنطن عن طلب تقدم به بومبيو لرئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي، لـ "تجميد" عشرات الفصائل التابعة للحشد الشعبي وسحب سلاحها

وعلى الرغم من تأكيد المرجع السيستاني، على ضرورة انخراط المتطوعين ضمن صفوف القوات الأمنية والجيش، وعدم اعترافه مطلقًا بمصطلح "الحشد الشعبي"، إلا أن الفصائل المسلحة عملت على تدعيم وجوده كقوة منفصلة بدعم إيراني، قبل أن يعلن كقوة عسكرية رسمية بموجب قانون أقره البرلمان تحت اسم "قانون الحشد الشعبي".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

احتجاجات إيران.. موجة غضب لا تستثني أحدًا حتى خامنئي!

انسحاب ترامب الأحادي من الاتفاق النووي الإيراني.. نتنياهو مصفقًا لنفسه