20-ديسمبر-2015

سمير القنطار (1962- 2015)

مبنى مكون من ستة طوابق أبيد عن بكرة أبيه مساء البارحة في دمشق. المسؤولة إلى الآن هي إسرائيل، المستهدف هو سمير القنطار، المعتقل اللبناني الأبرز في سجون الاحتلال، وصاحب قرابة 30 عامًا من الأسر هناك.

يأتي الهجوم الإسرائيلي على دمشق بعد ليلة واحدة من الموافقة بالإجماع على مشروع قرار حل الأزمة السورية

وبصرف النظر عن تاريخ الرجل الذي حكم عليه في 1979، إثر عملية إطلاق نار على أربعة مستوطنين وقتلهم، وما فعله بعد خروجه من المعتقل سنة 2008، عقب صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحزب الله وانضمامه لصفوف الأخير، إلا أننا سنناقش حيثيات العملية بعيدًا عن شخصيته والجدل الدائر حولها.

يأتي هذا الهجوم بعد ليلة واحدة من الموافقة بالاجماع على مشروع قرار حل الأزمة السورية سياسيًا، فهل يكمن الشيطان في التوقيت؟ إذا ثبت تورط الكيان الصهيوني في مسألة قتل سمير القنطار، فنحن أمام تحليلين مهمين لما حدث. 

أولًا: معرفة الروس بشأن الضربة والموافقة عليها، لإثبات حسن نوايا بوتين فيما يخص إسرائيل ومصالحها في المنطقة، وإيصال رسائل مهمة لإيران وحزب الله أن الدور القادم هو فقط لروسيا، وما على الآخرين فعله هو تتبع خطوات الروس والعمل تحت قيادتهم. ثانيًا: عدم معرفة روسيا بشأن الضربة مسبقًا وعدم تمكنها من صدها خوفًا على وجودها وشرعيته في سوريا، وتكون بذلك إسرائيل قد أحرجت بوتين وأدخلته في صراع مع حلفائه وزادت الأمر تعقيدًا.

إذا رجح الخيار الثاني فسيكون لإسرائيل هدف غير قتل القنطار وإحراج بوتين، الهدف ببساطة شديدة يتمثل ببعث رسالة هامة لتركيا التي تسعى إسرائيل إلى إعادة تطبيع العلاقات بينهما بعد أحداث سفينة مرمرة، ومفاد الرسالة أننا مهتمون بالمصالحة، وما قيل عن وجود تقارب إيراني إسرائيلي محض إشاعات ﻻ أكثر.

سمير القنطار، كما قلنا سابقًا، كان قبل مقتله يعمل في صفوف حزب الله بعد خروجه من المعتقل الصهيوني، حيث كان مسؤولًا عن ملف الجوﻻن الذي كانت تأمل إيران وحزب الله سويةً تجنيد أهله في وجه الاحتلال الإسرائيلي، بحيث يكسبان (إيران والحزب) بعدًا جيوسياسيًا في المنطقة، وهذا ما لن تسمح إسرائيل بحدوثه. ولعلنا نتذكر طيلة أحداث الثورة السورية، أن إسرائيل لم تتدخل إﻻ في ما يخص نقل الأسلحة من النظام السوري إلى الحزب في لبنان، أو إذا كان الأمر يتعلق بموضوع جبهة الجوﻻن المحتلة التي تسيطر عليها، ولعل قتل قيادي مثل نجل مغنية دليل على جدية وعدم تهاون الكيان بخصوص هذه القضية.

قريبًا من هذه العملية النوعية في التوقيت والهدف، يتبين لنا قدرة إسرائيل الكبيرة على متابعة الأحداث في المنطقة واستطاعتها خلط الأوراق متى شاءت، بالتنسيق الدائم مع الحلفاء الكثر أو بدونهم، ويتبين لنا كذلك قوة جهاز الاستخبارات الذي استطاع بسلاسة اختراق مجموعة سمير القنطار ورفاقه أمثال فرحان الشعلان وآخرين، وتحديد أماكن تواجدهم واغتيالهم في الوقت المناسب.

المضحك المبكي في هذه العملية هو النظام السوري، الذي أشبعنا ممانعة ومقاومة دون أن يأتي بأي حركة تذكر، فلقد حفظنا عن ظهر قلب جملة المسؤولين السوريين المملة عندما تقدم إسرائيل على اختراق الاراضي السورية وتضرب هدفاً ما، تلك العبارة التي تقول بأن سوريا تحتفظ بحق الرد الذي يبدو أنه لم ولن يأتي.

اقرأ/ي أيضًا:

تركيا.. السلطان يعود من الجديد

ليالي النحس في فيينا