21-أبريل-2018

طغت النزعة الذكورية على انتقاد جيسيكا عازار على حساب تناول اصطفافها السياسي (تويتر)

في شباط/فبراير الماضي، أعلن حزب الله ترشيح المدير العام السابق لجهاز الأمن العام اللبناني، وأحد أهم أعمدة نظام الوصاية السوري سابقًا، اللواء جميل السيد، للانتخابات النيابية المقبلة في دائرة بعلبك والهرمل. حينها انقسم اللبنانيون تجاه هذه الخطوة بين مؤيد ومعارض كما العادة، حتى أن الانقسام طال فريق 8 آذار نفسه، وأبدى جمهور حركة أمل امتعاضه من الترشيح هذا، في ظل العلاقة المتوترة التي تربط جميل السيد بالحركة وبرئيسها، رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

انتشت جيسيكا بـ"الالتفاف" حولها والتضامن معها  في وجه جميل السيد، وأعلنت ترشحها للانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في أيار القادم

لكن أبرز التعليقات المناهضة لهذا الترشح جاءت من الضفة الأخرى، فعلى سبيل المثال، كتبت الإعلامية ديانا مقلد، وهي من المعارضين للثنائية الشيعية ومن خلفها 8 آذار، تغريدة  سخرت فيها من ترشيح السيد الذي وصفته بـ"صاحب الأيادي السوداء ". تغريدة مقلد لقيت تفاعلًا كبيرًا وأعاد كثيرون نشرها. إثر ذلك، قام السيد برفع دعوى قضائية ضد عازار بسبب "الريتويت" وهو أمر أثار استغراب الكثيرين، خاصة أنه تجاهل صاحبة التغريدة الأساسية أي مقلد، ولاحق من أعاد نشرها.

وقد علقت جيسيكا على الدعوى بالقول: "بئس يوم قد يصبح فيه أمني سابق برتبة مخبر سابق نائباً". وقبل المشكلة مع السيد لم تكن جيسيكا عازار معروفة في الأوساط الاجتماعية إلا بصفتها مقدّمة أخبار على تلفزيون MTV  اللبناني. تضامن كثير من اللبنانيين معها وانتشر وسم #متضامن_ مع_جيسيكا بكثافة على تويتر.

اقرأ/ي أيضًا: الانتخابات النيابية اللبنانية.. الإقطاع السياسي في مواجهة المواطنة!

لبنان بلد صغير، وبالتالي فإن أي حدث صغير ينتشر بسرعة ويصبح حديث البلد ويمكن أن يُوظف في مواقع مختلفة. انتشت جيسيكا بـ"الالتفاف" حولها والتضامن معها  في وجه السيد، وأعلنت ترشحها للانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في أيار القادم، عن دائرة المتن الشمالي. وعند إعلان اللوائح الانتخابية انضمت جيسيكا للائحة حزب القوات اللبنانية التي يرأسها زعيم الحرب السابق على الجبهة الانعزالية سمير جعجع، والذي كان قد أعلن أن الخلاف بين جميل السيد وعازار قد لفت نظره إلى فكرة ترشيح الأخيرة.

أعلن سمير جعجع أن الخلاف بين جميل السيد وعازار قد لفت نظره إلى فكرة ترشيح الأخيرة

 تباينت الآراء حول مسألة ترشح عازار، بين التأييد والإعجاب والسخرية والرفض والتهكم. وانتشرت على مواقع التواصل مئات النكات التي تناولت قضية الترشح بشكل أو بآخر. كالتعليق على احتمالية تواجد فتاة حسناء في المجلس المقبل ومقارنتها بمرشحين ومرشحات آخرين. بطبيعة الحال، لم تخل التعليقات من التلميحات الذكورية ومن الإيحاءات الجنسية وما إلى ذلك.

اقرأ/ي أيضًا: الانتخابات البلدية اللبنانية.. "مكانك راوح"

زاد نشاط جيسيكا بشكل واضح على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحولت صفحاتها إلى منصة لإطلاق مواقف حادة، بما يخدم حملتها ومصالحها الانتخابية، أسوة بغالبية المرشحين الذين يلجؤون إلى مخاطبة عواطف المرشحين على أبواب الانتخابات. فعلى سبيل المثال، كتبت عازار في إحدى التغريدات أنها عاجزة لوحدها عن نزع سلاح حزب الله، وأنها بحاجة لمساعدة جمهورها لتحقيق ذلك. هذه التغريدة وتغريدات مشابهة كانت تلقى تفاعلًا كبيرًا في أوساط الناشطين.

 تباينت الآراء حول مسألة ترشح عازار، بين التأييد والإعجاب والسخرية والرفض والتهكم. وانتشرت على مواقع التواصل مئات النكات التي تناولت قضية الترشح

في إحدى منشوراته على فيسبوك، سخر الصحفي في جريدة الأخبار حسن عليق من جيسيكا عازار وشبهها بديبة، إحدى شخصيات المسلسل السوري مستمر الرواج "ضيعة ضايعة". اتهم البعض عليق بالذكورية وبالفوقية. ردت جيسيكا بدورها عليه، ثم تضامنت معها الإعلامية نوال بري. ليعود عليق ويوّجه نصيحة إلى بري، ابنة بيئته إذا جاز التعبير، والقريبة من توجهه السياسي كما يفترض، وصف خلالها جيسيكا بأنها سمير جعجع على هيئة امرأة. الأمر الذي لاقى استنكارًا من أوساط عديدة حتى داخل البيئة التي يمثل حسن عليق جزءًا كبيرًا من تطلعاتها.

ويذكر في هذا السياق، أن نوال بري هي الأخرى كانت قد تعرضت لهجوم لاذع، ومن المرشح للانتخابات المقبلة رجا الزهيري، تخطى من خلالها كل حدود اللياقات ووصفها بأبشع الصفات فقط لأنها نشرت معلومات عن سجله العدلي على صفحتها. الأمر الذي يفتح النقاش مجددًا حول "التشبيح"  الذي تتعرض له الصحفيات الإناث لبنانيًا والتي لا تخلو من الألفاظ الذكورية وتكريس منطق فائض القوة.

مع اقتراب العد العكسي للانتخابات، من المرجح أن نشهد المزيد من الإسفاف ومن التدني في مستوى الحوار واستخدام اللغة الشعبوية، وذلك كله لشد عصب المناصرين على حساب لغة المنطق والعقل التي تسود سجلات الطبقة السياسة المهترئة منذ عقود، فكيف إذًا لدى دخول فتاة عديمة الخبرة بالعمل السياسي وكثيرة السقطات الكلامية، على قائمة حزب من مخلفات الحرب الأهلية، لتكون مادة للتهكم الذكوري عبر السوشال ميديا وفي برامج "التوك شو"!

 

اقرأ/ي أيضًا:

ماذا تعلمنا من جيل الحرب اللبنانية؟

انتخابات بيروت.. وحدها "بيروت" غير معنية!