04-يناير-2019

الشاعر تشارلز سيميك

تشارلز سيميك، أو الذبابة في حساء الشعر العالمي (كناية عن عنوان سيرته الذاتية)، شاعر صربي أمريكي، هجر بلاده صغيرًا للحاق بوالده النازح من ويلات الحرب العالمية الثانية هناك. بهذا الكيف يكون سيميك مزيجًا مشاغبًا من المدارس، بين التجربتين ينبت شعره في الشتات، بعد أن انزلقت قدمه في هوة المجاز، هوة الجماليات صدفة.

يتمثل الشعر في تجربة تشارلز سيميك شغبًا، يبرز بجلاء في نسقه الكلبي، إذ يقول: "إن مجرد التفكير في إمكانية شتم كل شيء تجعلني أتدحرج على الأرض من فرط السعادة" (قصيدة: ويقع المينوتور في غرام المتاهة)، يمر من المساحات الضيقة لفوضى الوجود، يعبرها ساخرًا وصولًا إلى مزاجه الأبولوني الرصين، لينطق به أبياتًا شجية، نفاذة وذات عمق في الوجود بما هو جدل مزمن.

لا يخرج النص الذي اخترنا لكم ترجمته عن هذا السياق، إذ يبرز فيه بعمق قلق الشاعر المتأمل، والمنقسم بين قطع الزمن المبعثرة، وتضاده المفروض الذي ينهش لحم الروح، روح الشاعر، روح تشارلز سيميك.


أعزائي الفلاسفة،

يعتصرني حزن حين أفكر.

أيحصل هذا أيضًا لكم؟

وأنا على وشك أن أغرز أنيابي في جوهر الأشياء

تأتي لتشوش عليَّ حبيبة قديمة.

أصرخُ في وجه السماوات:

"إنها ليست حتى على قيد الحياة!".

 

الأضواء الشتوية تجعلني أمضي

على هذا النحو

رأيت أسرَّة متشحة بذات الملاءات الرمادية.

رأيت رجالًا متجهمي النظرات

يمسكون بجسد امرأة عارٍ

يرشونها بالماء البارد.

أكانوا يهدؤون أعصابها أم كان ذلك عقابًا؟

 

ذهبت لزيارة صديقي بوب، الذي قال لي:

"نصل الواقع بالتغلب على إغراء الصور"

كنت مزهوًا، إلى أن اكتشفت

أن زهدًا كذاك مستحيلٌ لدي.

فوجدتني أنظر من النافذة.

 

كان والد بوب آخذًا كلبهم في نزهة.

تحرك بألم؛ الكلب انتظره.

لم يكن أحد في الحديقة، غير أشجار عارية

لا نهائية من الأشكال المأساوية

لتجعل من التفكير أمرًا عسيرًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تشارلز سيميك والكتابة في العتمة

تشارلز سيميك.. ذبابة السيرة الذاتية