18-مارس-2025
صواريخ إيران

تزايد المخاوف من انهيار الأوضاع نحو مواجهة إقليمية في الشرق الأوسط (رويترز)

دخلت المنطقة مرحلة جديدة من التصعيد، مع الهجوم الأميركي الواسع على اليمن من جهة، واستئناف إسرائيل حربها على غزة من جهة أخرى، ما يثير مخاوف متزايدة من انزلاق الأوضاع نحو حرب إقليمية شاملة.

تأتي هذه التطورات في وقت تلوّح فيه إدارة ترامب بضرب إيران، على خلفية رفضها التفاوض بشأن اتفاقٍ نووي جديد، واستمرار دعمها لجماعة الحوثيين في اليمن. ووفقًا لما جاء في خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أعلن خلاله شنّ هجوم عسكري واسع ضد الحوثيين، فقد أشار إلى أن إيران قد تكون الهدف التالي في حال عدم امتثالها لمطالب واشنطن.

وفي تحرك دبلوماسي استباقي، وجهت إيران رسالة إلى مجلس الأمن، حذّرت فيها من مغبة توجيه أي ضربة عسكرية ضدها، داعية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته ومنع أي تصعيد قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة.

وفي آخر التصريحات الأميركية بهذا الشأن، أكد المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، مساء الإثنين، أن "إيران قد تصبح الهدف التالي للهجوم الأميركي"، مجددًا ما سبق أن أعلنه ترامب، بأن "أمام طهران خيارين لا ثالث لهما: إما التفاوض أو الخيار العسكري".

شكَتْ إيران في رسالتها لمجلس الأمن، من ما وصفتها بالتصريحات "المتهورة والاستفزازية التي هدّدت بضربها واستخدام القوة العسكرية لإخضاعها"

رسالة إيران لمجلس الأمن:

قدّمت إيران شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي عبر رسالة سلّمها سفيرها لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، أعربت فيها عن رفضها القاطع لما وصفته بـ"التصريحات المتهورة والاستفزازية" الصادرة عن الإدارة الأميركية، والتي هدّدت باستخدام القوة العسكرية ضد إيران.

وأشارت طهران، في رسالتها التي اطّلعت عليها وكالة "رويترز"، إلى أن خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب السبت الماضي، إلى جانب تصريحات البنتاغون والخارجية الأميركية على مدار الأسبوع الجاري، تأتي في سياق "تصعيد خطير يهدف إلى تبرير العدوان على اليمن وخلق ذرائع لضرب إيران".

رفض الاتهامات الأميركية

وفي ردّها على الاتهامات الأميركية بشأن دعمها للحوثيين وسعيها للحصول على سلاح نووي، اعتبرت إيران أنها "ادعاءات باطلة لا أساس لها من الصحة"، مؤكدة في رسالتها أن "إيران لا تتدخل في قرارات الحوثيين أو السلطات اليمنية، التي تتخذ جميع قراراتها بشكل مستقل".

كما شدّدت طهران على أن محاولات واشنطن ربط موقف إيران بسلوك الحوثيين في البحر الأحمر أو دعمهم لغزة ما هي إلا "خطوة يائسة لتبرير العدوان على اليمن"، مطالبةً مجلس الأمن بـ "اتخاذ موقف واضح يدين التحريض الأميركي ضدّ إيران، ويدعو واشنطن إلى الالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي".

تحذيرات إيرانية واستعداد عسكري

وفي سياق متصل، أكدت إيران في رسالتها التزامها بـ "السلم والأمن الدوليين"، لكنها شددت في الوقت ذاته على أنها "ستدافع بحزم عن سيادتها وسلامة أراضيها ومصالحها الوطنية ضد أي اعتداء".

وتزامن هذا التصعيد الدبلوماسي مع تطور عسكري على الأرض، حيث أعلن الجيش الإيراني أمس عن رصد طائرة مسيّرة تجسسية أميركية حاولت دخول المجال الجوي الإيراني، قبل أن يتم اعتراضها بواسطة مقاتلة إيرانية وطائرة بدون طيار.

وفي تطور لافت، أعلن الحرس الثوري الإيراني أنه "سيسقط أي طائرة معادية تدخل المجال الجوي الإيراني"، في إشارة إلى أن إيران لن تكتفي بالاعتراض والصّد، كما فعلت مع المسيّرة الأميركية الأخيرة، بل ستتعامل مع أي انتهاك مستقبلي بحزم أكبر".

الملف النووي:

يواجه برنامج إيران النووي تصاعدًا في التوترات مع كل من الوكالة الدولية للطاقة الذرية والترويكا الأوروبية (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا)، التي ما تزال طرفًا في الاتفاق النووي لعام 2015. وتكمن النقطة الخلافية الأساسية في قيام طهران برفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60 %، وهي خطوة لا تجد الأطراف الدولية مبررًا مقنعًا لها، ما دفعهم إلى اتهام إيران بخرق التزاماتها النووية أمام مجلس الأمن الدولي.

وبناءً على ذلك، تفكر الترويكا الأوروبية جديًا في استئناف العقوبات على إيران، وسط تزايد الانفتاح الأوروبي على المقترح الأميركي بالتفاوض على اتفاق نووي جديد أكثر صرامة من اتفاق 2015، الذي انسحبت منه الولايات المتحدة بشكل أحادي عام 2018خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب.

في المقابل أعلنت إيران، أمس الإثنين، على لسان نائب وزير خارجيتها كاظم غريب آبادي أنها "ملتزمة بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة"، مضيفًا أنّ المباحثات التي أجراها في فيينا مع المدير العام للوكالة رافايل غروسي كانت "صريحة وبناءة"،  قائلًا "في الوقت الذي تحمي إيران فيه أمنها ومصالحها الوطنية، فهي ملتزمة بالتعاون مع الوكالة في إطار التزاماتها المتعلقة بالضمانات"، وذلك في إشارة، حسب رويترز، إلى "بروتوكولات الوكالة التي تهدف إلى ردع انتشار الأسلحة النووية".

أعلن الجيش الإيراني أمس عن رصد طائرة مسيّرة تجسسية أميركية حاولت دخول المجال الجوي الإيراني، قبل أن يتم اعتراضها بواسطة مقاتلة إيرانية وطائرة بدون طيار

بدوره، قال غروسي في منشور على منصة إكس إنّ اللقاء الذي جمعه بالمسؤول الإيراني جاء "في الوقت المناسب"، معتبرًا أنه "لا غنى عنه لتوفير ضمانات موثوقة للطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني".

يشار إلى أنّ اجتماع آبادي بغروسي، جاء عقب مشاركته في بكين، الجمعة الماضي، في مباحثات روسية صينية إيرانية بشأن ملف إيران النووي، كما التقى آبادي في فيينا، أمس الإثنين، بعد لقائه بغروسي، مسؤولين من روسيا والصين، وعلّق آبادي على ذلك بالقول إنه بحث مع الشركاء الروس والصينيين "التعاون والتنسيق بشكل أوثق وأكبر بشأن القضايا ذات الاهتمام" وفق تعبيره.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن، الأسبوع الماضي، عن إرساله رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، يقترح فيها إجراء مفاوضات للتوصل إلى اتفاق جديد، محذرًا إياه من رفض هذه الفرصة. لكن خامنئي يتمسك برفض التفاوض مع الأميركيين. ورغم إعلان وزارة الخارجية الإيرانية أنها ستردّ على رسالة ترامب بعد دراستها وإجراء تدقيق شامل لمحتواها، فإنه من غير المتوقع أن يحمل الرد أي تغيير في الموقف الرسمي الذي سبق وأعلنه المرشد.