19-أغسطس-2022
Vaccination polio

تتخوف السلطات من انتشار الفيروس في الولاية (Getty)

أعلنت السلطات الصحية في ولاية نيويورك الأمريكية عن تخوفها من انتشار صامت لمرض شلل الأطفال، وذلك بعد اكتشاف عدد من الحالات، إذ تسود تكهنات باحتمال وجود مئات من الإصابات الأخرى غير المكتشفة بعد.

وبحسب ماري باسيت، المسؤولة في خدمات إدارة الصحة بمدينة نيويورك، إن "اكتشاف فيروس شلل الأطفال في عينات مياه الصرف الصحي في مدينة نيويورك يعد أمرًا مثيرًا للقلق، ولكنه ليس مفاجئًا"، بحسب ما نقلت موقع صحيفة بوليتيكو الأمريكية.

مقابل كل حالة إصابة بشلل أطفال تم تحديدها، قد يكون هناك مئات من الإصابات الأخرى غير المكتشفة بعد

وبناءً على هذه المستجدات الصحية، تقوم وزارة الصحة وبالعمل مع شركاءها المحليين والحكومة الفيدرالية، بالتحقيق في المسألة ومتابعة الحالات بشكل فردي وتقييم مخاطر انتشار الفيروس في الولاية والاستجابة بشكل فوري لأي حالات إصابة أو مشتبه بها.

وأشارت المصادر المحلية إلى عدم وجود حالات مؤكدة بعد للإصابة بشلل الأطفال في مدينة نيويورك، لكن وجود ست عينات إيجابية في مياه الصرف الصحي أنذرت بالخطر، سيما وأن اكتشاف العينات ترافق مع إصابات مؤكدة بالفيروس في مقاطعة روكلاند، ومع عينات إيجابية في مياه الصرف الصحي في كل من مقاطعتي روكلاند وأورانج في ولاية نيويورك.

أستاذ علم الأوبئة في جامعة نيويورك CUNY’s Institute، دينيس ناش، أشار إلى أنه "قد يكون من الصعب تقييم مستوى الانتشار المجتمعي للفيروس بناءًا على العينات الإيجابية الست التي جمعتها السلطات الصحية في المدينة"، وأضاف "من غير الواضح عدد المنشآت السكنية التي جاءت منها تلك العينات، وكذلك صعوبة معرفة مدى كثافة الفيروس الذي تم اكتشافه في كل من هذه العينات"، واعتبر ناش أنه لا يوجد تعداد واضح بعد للأشخاص المصابين بالفيروس، والتحقيقات الصحية مستمرة لمعرفة مصدر العدوى.

هل اللقاح يضمن الوقاية؟ 

بحسب إدارة الصحة في ولاية نيويورك فإن هناك حاجة ملحة لتحصين كل شخص بالغ وطفل في الولاية، خاصة أولئك الموجودين في دائرة نيويورك الكبرى. ونشر قسم الصحة معلومات إضافية حول الفيروس تمكن المواطنين من زيادة الوعي لديهم حول العدوى ومخاطرها.

تم القضاء على المرض إلى حد كبير في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب حملات اللقاح الناجحة، لكن اللقاحات ظلت متفاوتة بين منطقة وأخرى مما يفسح المجال أمام الفيروس للانتشار لدى البالغين والأطفال الذين لم يحصلو على جرعات من اللقاح. ففي مدينة نيويورك، 86% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وخمس سنوات، تلقوا ثلاث جرعات من لقاح شلل الأطفال، مما يعني ترك 14% آخرين معرضين لخطر الإصابة. وتختلف نسب التطعيم بشكل كبير حسب المنطقة والحي، ولم تصل إلى نسبة 100% في معظمها. 

polio

وأشار عمدة نيويورك، إريك أدامز بالقول "اعتقدنا أننا تخطينا فيروس البوليو وانتصرنا عليه منذ سنوات عديدة"، وأضاف "سكان نيويورك لا ينبغي أن يتعاملوا مع الفيروس باستخفاف لأنه مرض خطير". من جهة أخرى، حث مسؤولون في قسم الصحة أولياء الأمور على تطعيم أطفالهم، وأي شخص لم يتم تطعيمه بشكل كامل بهدف حماية أنفسهم من الفيروس. وأما النائبة عن ولاية نيويورك، كاثي هوشول، فأشارت بالقول "هذه مسؤولية نضعها على عاتقك الأهل الأن للإسراع في تطعيم أطفالهم"، وأضافت "نطالب الأهل بالتحرك سريعًا والتأكد من حماية عائلاتهم".

ما هو مرض البوليو؟ 

هو مرض فيروسي معدي يصيب الجهاز العصبي المركزي والنخاع الشوكي ويمكن أن يسبب شللًا مؤقتًا أو دائمًا مهددًا جسد الإنسان وحياته. ينتقل فيروس البوليو من شخص إلى شخص أخر وهو فيروس شديد العدوى ينتقل من خلال التعرض لطعام أو مياه ملوثة بالفيروس، وينقل كذلك من خلال شبكات الصرف الصحي أو لمس الفضلات البشرية (البراز)، أو عبر قطرات من العطس والسعال لشخص مصاب بالفيروس، وتكمن خطورته في كون المصاب به لا يظهر أية أعراض ظاهرة وواضحة.

حوالي شخص من كل أربعة أشخاص من المصابين بعدوى فيروس شلل الأطفال (البوليو) سيكون لديهم أعراض شبيهة بأعراض الانفلونزا العادية والتي تشمل: التهاب الحلق، والحمى، والإرهاق والتعب، والغثيان، وصداع الرأس، وآلام المعدة. عادة ما تستمر هذه الأعراض من يومين إلى خمسة أيام، ثم تختفي من تلقاء نفسها، في حالة الانفلونزا العادية.

بينما في حالة الإصابة بفيروس البوليو، فإن المرض سيطور أعراضًا إضافية لاحقة أكثر خطورة مما يمكن أن تؤثر على الدماغ والنخاع الشوكي، فحوالي واحد إلى خمسة من كل 100 شخص مصاب بعدوى فيروس شلل الأطفال يمكن أن يصاب بالتهاب السحايا. كذلك يمكن أن تؤدي الإصابة بالفيروس إلى شلل جسدي اعتمادًا على نوع الفيروس، مما ينتج عنه عدم القدرة على تحريك أجزاء من الجسم، أو الضعف في الذراعين أو الضعف في الساقين أو كليهما. ويتعرض حوالي واحد من كل 200 شخص، أو واحد من كل 2000 شخص، للإصابة بالشلل الجسدي.

يموت اثنان إلى عشرة مصابين من بين كل 100 شخص مصاب بالفيروس لأنه يصيب العضلات التي تساعد على التنفس. حتى الأطفال الذين يبدو أنهم تعافوا تمامًا يمكن أن يصابوا بألم عضلي جديد أو ضعف أو شلل مثل البالغين، بعد مرور 15 إلى 40 عامًا، وهذا النوع يطلق عليه "متلازمة ما بعد شلل الأطفال".

بالعودة إلى التاريخ، تظهر إحدى اللوحات الفرعونية رجلًا بساق نحيفة، غير قادر على تحمل وزنه دون استخدام عصا المشي. وفي حين أن الفيروس طال أثره الفتاك الأطفال في جميع أنحاء العالم لآلاف السنين، فإن أول وصف سريري معروف لشلل الأطفال، تم من قبل الطبيب البريطاني مايكل أندروود عام 1789، وتم الاعتراف به رسميًا كحالة في عام 1840 من قبل الطبيب الألماني جاكوب هاينه، بحسب ما تشير الصفحة الالكترونية لمنظمة الصحة العالمية.

polio

وكانت أشد فترات تفشي الفيروس في ولاية نيويورك عام 1916 حيث أدى الفيروس لوفاة ألفي شخص. وعام 1952، أصاب الفيروس حوالي 58 ألف شخص، وشل أكثر من 21 ألف شخص، وأدى لوفاة 3100 شخص في الولايات المتحدة الأمريكية. وكانت أخر حالة إصابة تحدث بشكل طبيعي لشلل الأطفال في الولايات المتحدة في عام 1979 عندما حدث تفشي للفيروس بين جماعة الأميش في عدة ولايات أمريكية، بحسب تقرير لشبكة CNN.

في أوائل الخمسينات من القرن الماضي، ابتكر الطبيب الأمريكي جوناس سالك أول لقاح ناجح، واختبر لقاحه التجريبي المبتكر على نفسه وعائلته في عام 1953 بعدما فاق عدد الوفيات المليون شخص جراء الفيروس في حينها

وقد حدث تقدم طبي كبير في عام 1949، عندما تمت زراعة فيروس شلل الأطفال بنجاح في الأنسجة البشرية بواسطة العلماء جون إندرز وتوماس ويلر وفريدريك روبنز في مستشفى بوسطن للأطفال. وتم الاعتراف بعملهم الرائد من خلال منحهم جائزة نوبل لعام 1954. وفي أوائل الخمسينات من القرن الماضي، ابتكر الطبيب الأمريكي جوناس سالك أول لقاح ناجح، واختبر لقاحه التجريبي المبتكر على نفسه وعائلته في عام 1953 بعدما فاق عدد الوفيات المليون شخص جراء الفيروس في حينها، وكانت وتيرة الوفيات تتصاعد حتى وصلت لنصف مليون حالة وفاة كل عام عالميًا، وأما الناجون منه فقد واجهوا مشاكل صحية مدى الحياة.