01-أغسطس-2022
استقطاب حاد في العراق قبيل مظاهرة مضادة للإطار التنسيقي (Getty)

استقطاب حاد في العراق قبيل مظاهرة مضادة للإطار التنسيقي (Getty)

دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أنصاره للتظاهر السلمي في المحافظات العراقية ما عدا النجف لمساندة المعتصمين في الساحة الخضراء. فيما اشترط الصدر انسحاب زعيم كتلة "الفتح" هادي العامري من تحالف "الإطار التنسيقي" مقابل القبول بدعوته للحوار.

دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أنصاره للتظاهر السلمي في المحافظات العراقية ما عدا النجف لمساندة المعتصمين في الساحة الخضراء

وقال محمد صالح العراقي المقرب من الصدر، إن "قبولنا لدعوة العامري للحوار مشروط بانسحابه من الإطار التنسيقي"، وأضاف "نطالب رئيس تحالف الفتح بتحديد ضامن للحوار مع الإطار التنسيقي". يأتي ذلك بعد دعوة هادي العامري إلى "تغليب منطق ضبط النفس وتقديم مصلحة العراق من خلال الحوار". هذا وتوافد المئات من أنصار التيار الصدري إلى العاصمة العراقية بغداد قادمين من جنوبي العراق، بعد دعوة  مقتدى الصدر "الجميع إلى الالتحاق بالثورة من أجل تغيير جذري للنظام السياسي"، محذرًا من "ضياع الفرصة".

جاء ذلك في أول بيان له بعد سيطرة أنصاره على مبنى البرلمان، وإعلان اعتصام مفتوح. وقال الصدر "كليّ أمل ألا تتكرر مأساة تفويت الفرصة الذهبية عام 2016"، واصفًا ما حدث بعد اقتحام المنطقة الخضراء بـ "ثورة تحرير الخضراء"، وأضاف أن الحراك "هو المرحلة الأولى لفرصة ذهبية لتغيير جذري للنظام السياسي والدستور والانتخابات، وفرض الإصلاح والديمقراطية والقانون والاستقلال والسيادة، وحصر السلاح بيد دولة قوية أبوية تفرض القانون على نفسها قبل الفقراء ولا تستثني المتنفذين والميليشيات". ووجه الصدر كلامه للجميع بمن فيهم العشائر وأفراد الحشد الشعبي داعيًا إياهم إلى "مناصرة واعية للإصلاح"، محذرًا في نفس الوقت من أن "ضياع الفرصة يعني نهاية العراق التي باتت وشيكة". وختم الصدر بالقول "إذا فوتم الفرصة فلا تكيلوا اللوم عليّ، فإني أدعوكم إلى ما فيه صلاحكم وإصلاحكم وإنقاذ وطنكم وكرامتكم ولقمتكم وخيراتكم وهيبتكم، ولات حين مناص".

Supporters of Iraqi cleric Moqtada Sadr , protesting against a rival political bloc's nomination for prime minister, occupy Iraq's parliament in the...

وتأتي دعوة الصدر إلى أنصاره بالالتحاق بالمعتصمين في المنطقة الخضراء بالتزامن مع تظاهرة مضادة لقوى "الإطار التنسيقي" اليوم الاثنين عند المنطقة الخضراء. هذا ونقلت تقارير عن مصادر من تحالف "الفتح" بزعامة العامري تحفظها على دعوات الإطار التنسيقي للتظاهر، مؤكدة عدم مشاركتها في المظاهرات.

وكان بيان للجنة التنظيمية لدعم الشرعية والحفاظ على مؤسسات الدولة التابعة للإطار التنسيقي قد دعا "أبناء شعبنا العراقي بكافة أطيافهم وفعالياتهم العشائرية والأكاديمية والثقافية إلى أن يهبوا للتظاهر سلميًا للدفاع عن دولتهم التي ثبتت أركانها دماء آلاف الشهداء، بوجه الطغيان الدكتاتوري والاحتلال والطائفية والإرهاب الداعشي، ومستقبل أبنائهم الذي حرص حشد العراق وقواته الأمنية على ضمانه". وأضاف البيان أن "التطورات الأخيرة تنذر بالتخطيط لانقلاب مشبوه واختطاف للدولة وإلغاء شرعيتها وإهانة مؤسساتها الدستورية وإلغاء العملية الديمقراطية فيها".

واعتبر "الإطار التنسيقي" بيان مقتدى الصدر "دعوة إلى انقلاب"، معلنًا وقوفه لـ "الدفاع عن شرعية الدولة". ودعا الإطار التنسيقي في بيان سابق إلى الحوار مع جميع القوى السياسية وخصوصًا التيار الصدري. واعتبر الأحداث الأخيرة في إشارة إلى اقتحام مبنى البرلمان بالتصعيد المستمر الذي "وصل حد الدعوة إلى الانقلاب على الشعب والدولة ومؤسساتها، وعلى العملية السياسية والدستور والانتخابات، وهي دعوة للانقلاب على الشرعية الدستورية التي حظيت خلال السنوات الماضية بدعم جماهيري ومرجعي ودولي وصوت عليها الشعب بأغلبيته المطلقة"، بحسب ما جاء في البيان.

وشدد الإطار التنسيقي على وقوفه مع الشعب في "الدفاع عن حقوق المواطنين وشرعية الدولة والعملية السياسية والدستور وجميع مخرجاته القانونية". أما كل من لديه رأي أو مشروع لتعديل الدستور فالأمر متاح من خلال "الأطر الدستورية، وأي عمل خلاف ذلك فإنه تجاوز لكل الخطوط الحمراء وتهديد للسلم الأهلي وسلطة القانون، ويفتح الباب على مصراعيه للفاسدين الذين استولوا على أموال الشعب ونهبوا الدولة".

توافد المئات من أنصار التيار الصدري إلى العاصمة العراقية بغداد قادمين من جنوبي العراق، بعد دعوة  مقتدى الصدر "الجميع إلى الالتحاق بالثورة"

من جهتها كثفت الأجهزة الأمنية العراقية انتشارها  في العاصمة العراقية وسط الأجواء المشحونة إثر دعوة تحالف "الإطار التنسيقي" المدعوم من إيران أنصاره للتظاهر عصر اليوم الإثنين ردًا على اعتصامات أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر المتواصلة لليوم الثالث داخل البرلمان بعد اقتحامه. هذا ووجه رئيس أركان الجيش العراقي الفريق أول عبد الأمير رشيد يار الله بـ "إيقاف جميع الإجازات، والتحاق المجازين من عناصر القوات الأمنية"، في حين نفى جهاز مكافحة الإرهاب  نشر قطعات قرب المطار وفي المنطقة الخضراء.

 في وقت صدر فيه بيان لوزارة الدفاع العراقية أكد أن "الجيش بكل قادته ومنتسبيه في خدمة الشعب ويقفون على مسافة واحدة منه"، وأضاف البيان "واجب القوات الأمنية هو حماية المتظاهرين والممتلكات العامة والخاصة ومنع أي خرق أمني، وتضييق الخناق على المندسين الذين يحاولون زعزعة الأمن واستغلال الظروف". وأكد البيان "ولاء الأجهزة الأمنية والعسكرية المطلق للعراق والمؤسسة العسكرية"، مشددًا على أن "الأجهزة العسكرية تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة ولا تتدخل في السياسة"، ورفض البيان "محاولة جعل القوات الأمنية جزءًا من الأوضاع السياسية الحالية"، ونفى "ما يتم تداوله عن تصريحات للقيادات الأمنية حول الوضع السياسي وتدخلها فيه"، مؤكدًا أن "محاولات لجعل قواتنا جزءًا من الأوضاع السياسية الحالية لا تمت للواقع بصلة".

ويأتي بيان وزارة الدفاع في وقت شنّت فيه جهات إعلامية مرتبطة بـ "الإطار التنسيقي" والفصائل المسلّحة حملة تحريضية ضدها، وضد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي معتبرة أنه مساند لمقتدى الصدر، وزادت من حدة التوتر دعوة الصدر العشائر العراقية وقوات الأمن والمواطنين العراقيين إلى مساندته في تحقيق ما أطلق عليها "ثورة الإصلاح الحالية بالعراق".

Supporters of Iraqi cleric Moqtada Sadr , protesting against a rival political bloc's nomination for prime minister, occupy Iraq's parliament in the...

إلى ذلك نشر المدون العراقي علي فاضل تسجيلًا صوتيًا جديدًا منسوبًا لزعيم ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي أكد فيه أن "المعركة لم تنتهِ بعد، وما زلنا في صلب الميدان الذي تصول فيه قواتنا، وأفكارنا وآراؤنا إلى جنب أفكار أولئك المخربين الذين يريدون تخريب البلد والعملية السياسية والمبادئ"، مؤكدًا أنه "لا مجال للتهاون والتراجع والضعف"، وتابع المالكي "يجب أن نستفز مشاعرنا ومبادئنا ونستفز بعضنا الآخر من أجل أن نواصل التصدي بكل همة وقوة، ودون تردد ووجل وخوف، فنحن على حقنا يجب أن نكون أقوى مما هم على باطلهم".

وكان محتجون من التيار الصدري قد أعلنوا قبل يومين بدء اعتصام مفتوح داخل مبنى البرلمان العراقي بعد اقتحامه للمرة الثانية في أقل من أسبوع وسيطروا عليه بعد انسحاب القوات المكلفة بحراسته. فيما أعلنت وزارة الصحة العراقية عن تسجيل 60 إصابة مختلفة في صفوف المتظاهرين خلال المواجهات التي اندلعت بين قوات الأمن العراقي والمتظاهرين، حيث يستخدم الأمن قنابل الدخان وخراطيم المياه في محاولة لمنعهم من دخول المنطقة الخضراء، لكن المتظاهرين تجاوزوا الحواجز للعبور إلى المنطقة الخضراء.  وحمل صالح محمد العراقي المقرب من زعيم التيار الصدري "الكتل السياسية مسؤولية أي اعتداء على المتظاهرين السلميين".

في المقابل وردًا على اقتحام المنطقة الخضراء من قبل محتجين مؤيدين لزعيم التيار الصدري، دعا الإطار التنسيقي العراقيين إلى "التظاهر السلمي دفاعًا عن الدولة وشرعيتها ومؤسساتها"، وحمل الإطار في بيان "الجهات السياسية التي تقف خلف هذا التصعيد المسؤولية عما قد يتعرض له السلم الأهلي نتيجة هذه الأفعال المخالفة للقانون"، مؤكدًا أن "الدولة وشرعيتها ومؤسساتها الدستورية والسلم الأهلي خط أحمر على جميع العراقيين الاستعداد للدفاع عنه بكل الصور السلمية الممكنة"، وختم البيان بوسم # الشعب_يحمي_الدولة.

وفي رد مباشر على بيان الاطار التنسيقي قال صالح محمد العراقي الذي يعرف بـ"وزير الصدر"، إن "تفجير المسيرات هو من يكسر هيبة الدولة، وليس حماية المؤسسات من الفساد كسرًا لهيبة الدولة"، وأشار العراقي إلى أن "زعزعة الأمن الطائفي في كردستان والأنبار كسر لهيبة الدولة". وأضاف "وما (قاسم مصلح) عنكم ببعيد، وما التسريبات عنكم ببعيد". وحذر العراقي الإطار قائلًا "فإياكم والدعوة لزعزعة السلم الأهلي كما فعلتم في اعتصاماتكم ضد (الانتخابات الحالية المزورة) كما تدّعون"، وختم العراقي  بوسم  #الشعب_يريد_إصلاح_النظام.

وكانت  مصادر أمنية عراقية قد تحدثت عن صدور أوامر مشددة بعدم الاشتباك مع المتظاهرين، وهو ما ذهب إليه رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي قائلًا إن "القوات الأمنية يقع عليها واجب حماية المؤسسات الرسمية ومن الضروري اتخاذ كل الإجراءات القانونية لحفظ النظام"، وحث الكاضمي "المتظاهرين على الالتزام بتوجيهات القوات الأمنية التي هدفها حمايتهم وحماية المؤسسات".

Supporters of Iraqi cleric Moqtada Sadr, protesting against a rival bloc's nomination for prime minister, gather inside Iraq's parliament in the...

وقبل توجههم إلى المنطقة الخضراء قام أنصار التيار الصدري ليل الجمعة السبت باقتحام مكاتب ومقرات حزب الدعوة الإسلامية بزعامة نوري المالكي، وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم. إذ قد تسبب خطاب لرئيس تيار الحكمة عمار الحكيم الذي انتقد اقتحام المنطقة الخضراء بخلق حالة الغضب وتأجيج للشارع. وتحدث الحكيم أمام تجمع حاشد لأنصاره الجمعة في ساحة الفردوس بالعاصمة العراقية بغداد قائلًا "لن نقف مكتوفي الأيدي أمام أصوات الفتنة وزج الشباب في الفوضى"، مؤكدًا أن "اختيار رئيس مجلس الوزراء من قبل قوى الإطار التنسيقي جاء بمستوى عال من المسؤولية ونكران الذات من قيادات الصف الأول وعدد من قيادات الصف الثاني". وانتقد الحكيم طريقة تعامل قوات الأمن العراقية مع المتظاهرين من أنصار التيار الصدري والسماح لهم بدخول المنطقة الخضراء.

وبعد الخطاب صب أنصار التيار الصدري جام غضبهم على مقار تيار الحكمة في مدينة الصدر، ومن ثم تطورت الأحداث ليتم مهاجمة تسعة مقرات على الأقل وفق مراسل "الترا عراق"، حيث شملت المقرات التي تم اقتحامها مناطق مدينة الصدر والشعب والمشتل والدورة وحي العامل وأبو دشير في بغداد، إضافة إلى مقر في الكوت مركز محافظة واسط، واثنين في بابل والبصرة. كما شمل الإغلاق مقار حزب الدعوة في حيّ الزعفرانية والكاظمية والمشتل، إضافة إلى مكتب تابع للمجلس الأعلى الإسلامي في ساحة الحمزة ببغداد. وفي رده على إغلاق مكاتب تياره، اكتفى عمار الحكيم بتغريده عبر "تويتر"، نقل فيها نص آية من القرآن الكريم "لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ"، واختتم التغريدة بوسم #كلا_للفتنة.

يعيش العراق على وقع أزمة سياسية منذ شهور عقب إجراء الانتخابات التشريعية في تشرين الأول/ أكتوبر 2021

ويعيش العراق على وقع أزمة سياسية منذ شهور عقب إجراء الانتخابات التشريعية في تشرين الأول/ أكتوبر 2021 التي أفرزت تصدر التيار الصدري للنتائج، وهو ما رفضته الأحزاب والقوى المدعومة من إيران والتي عطل نوابها عمل البرلمان مما أدى إلى طلب الصدر من نواب تياره الاستقالة. وفي تطور زاد من عمق الأزمة السياسية، جاء ترشيح قوى الإطار التنسيقي للقيادي السابق في حزب الدعوة محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة المقبلة، ما فجر الموقف. ويقول أنصار التيار الصدري إن مطالبهم تتلخص في "تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات مفتوحة، وحل مجلس النواب، ومجلس القضاء الأعلى، وفصل المحكمة الاتحادية عن مجلس القضاء الأعلى الذي لم يقف إلى جانب الكتلة الصدرية في تشكيل الحكومة"، في حين يتمسك الإطار التنسيقي بمرشحه.