13-سبتمبر-2018

من مصر إلى السودان، يتنقل آل الشيخ ومن خلفه طموح ابن سلمان في كسب نفوذ سياسي بالمنطقة (رويترز)

يمثل رئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية، تركي آل الشيخ، صورة الشاب الذي يتمتع بمهارات تسلّق عالية، عمل على توظيفها بجدارة في خدمة طموحاته الشخصية، أو بالأحرى طموحات من يمثلهم. وقد نجح بالفعل في عبور أسوار الديوان الملكي السعودي. 

بمهارات التسلق العالية التي يتمتع بها، استطاع تركي آل الشيخ أن يتحول من ضابط شرطة صغير إلى رجل نافذ يأمر وينهي تحت عباءة ابن سلمان

من خلال موهبة الشعر المشكوك فيها، إذ رفعته قصيدة "راعي العوجا" التي مدح فيها الملك سلمان بن عبد العزيز، إلى مرتبة المستشار في ذات الديوان، وانتهى به الحال من ضابط شرطة صغير، إلى رجل نافذ يأمر وينهى تحت العباءة السلمانية.

اقرأ/ي أيضًا: تركي آل الشيخ.. بلطجي ابن سلمان في الشارع المصري

لم تقتصر وظيفته تركي آل الشيخ على إدارة الشأن الرياضي في حدود المملكة العربية السعودية فقط، فهو وبالرغم من أنه يشغل عدة مواقع، كرئيس اللجنة الأولمبية العربية السعودية، ورئيس الاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي، والاتحاد العربي لكرة القدم؛ لكن شغفه بالحضور الطاغي في الشارع العربي، سعى به إلى رئاسة النادي الأهلى المصري، ما يعني أنه مدفوع برغبة غامضة في السيطرة على الجمهور الرياضي، فمن أين يستمد قوته؟

مصادرة الدوري السعودي

من الوهلة الأولى يظهر أن تركي آل الشيخ يلعب لصالح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ولذا لم يتردد إطلاقاً في اتخاذ قرار بتغيير اسم الدوري السعودي إلى دوري الأمير محمد بن سلمان للمحترفين، وقال في تبريره لذلك القرار: "هذا الأمر هو أقل ما نقدمه لسمو سيدي ولي العهد من منسوبي هيئة الرياضة ورياضيي ورياضيات هذا البلد". 

ولربما بات مفهوماً للكثيرين، طبيعة تحركات محمد بن سلمان في الأوساط الشبابية الرياضية، من خلال الجهد الذي يبذله آل الشيخ، لبلوغ ولي العهد قلوب الرياضيين بكل الحيل، وخلق شعبية له في وسط عصيّ على التدجين، ما يمكن أن يسهل تتويج الابن بالملك عمّا قريب.

حضور بمسيمات مختلفة

 وبرز حضور آل الشيخ في المشهد الرياضي المصري خلال الأشهر الماضية، بعد أن حصل على الرئاسة الشرفية لنادي الأهلى المصري، وصرف على النادي خلال خمسة أشهر أكثر من 260 مليون جنيه مصري، وبدأ دعم تركي لحملة محمود الخطيب بعد مطالبة مسؤول مصري كبير بقيامه بمساندة أحد قطبي الانتخابات في النادي الأهلي، علاوةّ على أنه أكمل عملية شراء نادي "الأسيوطي" وقام بتغيير اسمه إلى نادي بيراميدز. وجرت بعد ذلك مساجلات بينه وبين أنصار النجم العالمي محمد صلاح، وصلت درجةً من الملاسنات الحادة على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن يقرر أخيرًا الانتقال إلى السودان وشراء ناد رياضي فيه. 

السباحة عكس تيار النيل

اعتزام تركي آل الشيخ السباحة عكس التيار في نهر النيل، من أجل العبور إلى السودان، كان مفاجئاً للكثيرين، إذ أعلن السفير السعودي عن تلك الزيارة في تصريحات صحفية الأسبوع الماضي، دون أن يكشف عن تفاصيلها، بيد أن رئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية، المستشار تركي آل الشيخ، أكد زيارته بالفعل للخرطوم، وأجرى اتصالاً هاتفياً بوزير الشباب والرياضة الاتحادي، أبو البشر عبدالرحمن، أعرب خلالها عن رغبته في زيارة العاصمة السودانية وتفعيل اتفاقيات التعاون المبرمة بين البلدين.

وكشف موقع "باج نيوز" أن المسؤول السعودي النافذ، عرض على الوزير السوداني العمل في ثلاثة محاور، أبرزها الاستثمار الرياضي عبر شراء أحد الأندية، وإنشاء ملعب بمواصفات عالمية، بجانب تقديم دعم كبير للكرة السودانية، فيما رحب الوزير السوداني بالخطوة. وأفادت تقارير صحفية أن النادي الذي ينوي آل الشيخ شراءه، يُعد من الفرق الصغرى، وذلك حتى يسهم في تأسيسه واستقطاب الأجهزة الفنية والإدارية الخاصة به.

يستغل آل الشيخ الرياضة لتحقيق مآرب ابن سلمان السياسية
يستغل آل الشيخ الرياضة لتحقيق مآرب ابن سلمان السياسية (EPA)

وأثارت الخطوة مخاوف جماهير الناديين الكبيرين، الهلال والمريخ، إلا أن وزير الشباب والرياضة السوداني، طمأن تلك الجماهير بأن الوزير السعودي يفكر في نادٍ آخر، فيما نفى رئيس نادي المريخ محمد الشيخ مدني، علمه بأية اتصالات تخص بيع نادٍ سوداني. وأشار إلى أن قانون الرياضة في السودان لا يسمح بهذه الخطوة، ما يعني أن الحكومة السودانية مضطرة لإجراء تعديل في القوانين توطئة لتمكين آل الشيخ من تحقيق رغبته، وهي خطوة ستثير غالباً ردود أفعال كبيرة في الوسط الرياضي، بينما كشفت مصادر مطلعة لـ"ألترا صوت"، أن النادي الذي يريد شراءه آل الشيخ هو نادي "أهلي الخرطوم"، الذي يدعمه بعض رجال الأعمال السودانيين، ويلعب في الدوري الأول الممتاز، وقد تأسس عام 1929.

إساءة عرض الأندية

إعلان زيارة تركي إلى السودان، بالإشارة إلى أنه سوف يشتري ناديًا صغيرًا، هي خطوة مزعجة بالنسبة للإعلامي الرياضي حسن فاروق، والذي اعتبر في حديث لـ"ألترا صوت"، أن الحكومة السودانية ممثلة في الوزير والوزارة، تعرض الأندية لمستثمرين أجانب للبيع، "رغم أن القوانين الرياضية عندنا تمنع بيع الأندية".

يخطط آل الشيخ ومن ورائه القيادة السعودية، إلى استغلال الرياضة كمنفذٍ لتثبيت وجود سياسي سعودي في السودان

ووصف حسن فاروق الأمر بأنه يمثل إساءة للدولة والكرة السودانية في حال تأكد ذلك الاتجاه والذي لم تنفه الحكومة. واستبعد فاروق الاتجاه لشراء نادٍ سوداني من قبل تركي آل الشيخ، قائلاً "قد يكون للخبر دوافع أخرى لتمرير مخطط بيع الأندية ووضع الرجل الذي اشترى ناديًا مصريًا على الخط"، معتبراً تصوير الحكومة على أنها سمسار يعرض الأندية السودانية، "أمرٌ مهين". وفسر حسن فاروق الصمت الحكومي بأنه يعني "وجود مخطط تتم كتابته في الغرف المغلقة، بانتظار التوقيت المناسب لإعلانه على الملأ".

وعلى ذات الجديلة يغزل الكاتب الصحفي الرياضي معاوية الجاك، إذ أكد معاوية على أن القانون السوداني لا يُمكّن أي مستثمر أجنبي من شراء نادٍ سوداني، وأوضح الجاك لـ"ألترا صوت"، أن "كل ما سيتم عبارة عن رعاية ودعم ولن يتم البيع بصورته المعروفة، إلا من خلال تغيير قانون الرياضة".

استقطاب سياسي في الرياضة

 وقال الجاك إن زيارة تركي آل الشيخ التي لم تتأكد بصورة قاطعة بعد، في حال تمت، فإن الرجل "يخطط لوجود سعودي داخل السودان عبر الرياضة، من خلال تشييد بنى تحتية جيدة تساعد على تطوير كرة القدم وتحمل الوجه السعودي"، مشيراً إلى أن السياسة حاضرة بالضرورة في مسعى الوزير السعودي. 

وأضاف معاوية الجاك: "بالتأكيد السياسة لم ولن تنفصل عن خطوة تركي، لأنه من الشخصيات القيادية بالمملكة السعودية، وحتى وجوده في السودان لابد قد تم بمباركة من السياسيين بدولته"، مؤكداً أن في السودان شغفًا واهتمامًا كبيرين بكرة القدم، وتركي يسعى لاستغلال هذا الاهتمام للترويج والتسويق للوجود السعودي في السودان، "خاصة في ظل الصراع السياسي الحاد، والسباق المحموم لدول الخليج لجر السودان بعيداً عن علاقاته ببعض المحاور".

ولربما يكون وجود رجل أعمالٍ تركي في المشهد الإداري المريخي، وهو أوكتاي شعبان، الذي يحمل الجنسية السودانية، قد عجّل بالاهتمام السعودي بكرة القدم السودانية، وفقاً لمعاوية الجاك.

 

اقرأ/ي أيضًا:

عبث تركي آل الشيخ.. تصريح اليويفا يحجمه و"بهدلة" عبر السوشال ميديا

"حب من طرف واحد".. لماذا لا يزور ملوك السعودية السودان؟