04-مايو-2018

سويسرا وبلجيكا أمدتا النظام السوري بمواد تستخدم في الأسلحة الكيميائية (Getty)

بعد كل مرة يستخدم فيها النظام السوري أسلحة كيميائية في قصف المدنيين والمناطق المأهولة بالسكان، تتزايد الأسئلة حول مصدر هذه الأسلحة، على افتراض أن النظام السوري قد دمر مخزونه فعلًا من هذا السلاح في عام 2014. في هذا التقرير المترجم عن شبكة "سويس إنفو" السويسرية، إيراد لبعض هذه المصادر من أوروبا.


أفادت التقارير الواردة من التليفزيون السويسري العام "RTS" بأن سويسرا سمحت بتصدير 5 أطنان مترية من الأيزوبروبانول الكيميائي، الذي يمكن استخدامه لصناعة غاز السارين، إلى سوريا في عام 2014. في أيار/ مايو من عام 2014، أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن سوريا قد دمرت مخزونها البالغ 120 طنًا متريًا من الإيزوبروبانول. إلا أنه بعد مرور ستة أشهر من تدمير المخزون، تمكنت إحدى الشركات السويسرية من تصدير 5 أطنان مترية من مادة الأيزوبروبانول إلى سوريا دون معارضة من السلطات السويسرية، وفق ما ورد في تقارير التليفزيون السويسري العام "RTS".

تشير الإحصائيات أن سويسرا وبلجيكا هما الدولتان الأوروبيتان اللتان صدرتا مادة الإيزوبروبانول إلى سوريا

وصرحت وزارة الشؤون الاقتصادية للتليفزيون السويسري بأن العميل كان "شركة أدوية سورية خاصة"، وأنه "لم يكن هناك أي دلالة على ارتباطها بالنظام السوري آنذاك، ولا في الوقت الراهن". يُستخدَم الأيزوبروبانول، المعروف باسم الكحول المحمر، في المطهرات ومواد التنظيف، والدهانات والأصباغ، كما أنه أيضًا عنصر رئيسي في الغاز المُستخدم مؤخرًا بواسطة نظام الأسد لشن هجمات كيميائية محتملة. كان الاتحاد الأوروبي قد فرض عقوبات أشد قسوة على النظام، من ضمنها العقوبات المفروضة على تصدير العديد من المواد الكيميائية. وخضع الإيزوبروبانول لطائلة العقوبات الأوروبية في تموز/ يوليو 2013، إلا أن السلطات السويسرية لم تضفه لقائمتها الخاصة للمواد المحظور تصديرها.

اقرأ/ي أيضًا: سماء دوما ممطرة بكيماوي الأسد.. التطهير العرقي مستمر

وقالت وزارة الشؤون الاقتصادية للتليفزيون السويسري، إن سويسرا "قد تبنت العقوبات الأوروبية المفروضة على سوريا بالكامل، إلا أن بعض الحالات قد تُدار بشكل مختلف، من خلال قانون مراقبة السلع".

أودت الأسلحة الكيميائية بحياة مئات الأشخاص منذ بدء النزاع السوري

وأضافت الوزارة التي لم تعترض على تصدير المادة المذكورة، لغياب الإشارات آنذاك على إمكانية استخدامها لصنع الأسلحة الكيميائية: "لم تكن هذه المنتجات بحاجة إلى تصريح سويسرا في ذلك الوقت"، إلا أن الوزارة قالت إن مثل هذه الشحنات المُصدرة "ستحظر" في الوقت الحالي على الأرجح، في ضوء المخاوف المحيطة باستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا. وبحسب التليفزيون السويسري الحكومي (SRF)، فقد دعا رئيس لجنة السياسة الأمنية في مجلس الشيوخ إلى مناقشة وإيضاح هذه القضية.

هجمات الأسلحة الكيميائية

أودت الأسلحة الكيميائية بحياة مئات الأشخاص منذ بدء النزاع السوري، واتهمت الأمم المتحدة النظام السوري بشن 4 هجمات كيميائية، في مقابل هجوم واحد شنه تنظيم الدولة الإسلامية. تسبب الهجوم الكيميائي الأخير، الذي شُن على مدينة دوما بضواحي دمشق في 7 نيسان/ أبريل، بمقتل 40 شخصًا على الأقل، واُتهم النظام السوري بشنه، إلا أنه نفى مسؤوليته عن ذلك. وقررت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا شن هجوم على سوريا جراء استخدامها للأسلحة الكيميائية.

عام 2017، ألقى محققو جرائم الحرب التابعون للأمم المتحدة باللائمة رسميًا على النظام السوري لاستخدامه غاز السارين

يرجع تاريخ التقارير التي تشير لاستخدام السارين إلى عام 2013. إذ تبادل كل من الحكومة السورية والمعارضة الاتهامات حول هجوم الغاز الذي وقع في 19 أذار/ مارس في خان شيخون بشمال سوريا، وأسفر عن مقتل 26 شخصًا تقريبًا. وتوصل التحقيق الذي أجرته الأمم المتحدة إلى أن غاز السارين قد جرى استخدامه في ذلك الهجوم، إلا أنه لم يحدد الجاني.

اقرأ/ي أيضًا: مذبحة القرن 21.. الغوطة الشرقية تحت وطأة أعنف الهجمات الدموية من النظام السوري

وفي 2014، أفادت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بأنها أزالت آخر ما تبقى من مخزون النظام السوري للمواد الكيميائية الخطرة. إلا أن التقارير اللاحقة أفادت باستمرار استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا. في أيلول/ سبتمبر عام 2017، ألقى محققو جرائم الحرب التابعون للأمم المتحدة باللائمة رسميًا على النظام السوري لاستخدامه غاز السارين في الهجوم الذي شنته على مدينة خان شيخون في نيسان/ أبريل، والذي أسفر عن مقتل 83 شخصًا على الأقل، وجرح 300 آخرين. بينما نفت حكومة الأسد مرارًا استخدامها للأسلحة الكيميائية.

المصدرون الرئيسيون للإيزوبروبانول

تشير الإحصائيات التجارية للأمم المتحدة بأن سويسرا وبلجيكا هما الدولتان الأوروبيتان الوحيدتان اللتان صدرتا مادة الإيزوبروبانول إلى سوريا عقب التدمير المزعوم لمخزونها الكيميائي. بينما تضم قائمة الموردين الرئيسيين للإيزوبروبانول لبنان والإمارات وكوريا الجنوبية. من جانبها، تحقق السلطات البلجيكية حاليًا في احتمالية تورط ثلاث شركات في تصدير 168 طنًا من الإيزوبروبانول وغيره من المنتجات إلى سوريا بشكل غير قانوني.

ومن المنتظر أن تُنظَر القضية المرفوعة ضد هذه الشركات أمام المحكمة في 15 أيار/ مايو في أنتويرب، وترتكز القضية على احتمالية تصدير هذه المنتجات وكيفية تصديرها على الرغم من العقوبات المفروضة على نظام الأسد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"في العتمة المبهرة"... عرض تفاعلي في ذكرى مجزرة الكيماوي

واشنطن تجمد تمويل "الخوذ البيضاء".. إنقاذ الأرواح ليس أولوية!