أمرت محكمة الصلح الجزائية التركية، اليوم الأحد، بحبس رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، على ذمة التحقيقات المفتوحة بحقه، و99 آخرين، حول تهم الفساد في البلدية من جهة، ومساعدة تنظيم إرهابي من جهة أخرى.
ويأتي أمر المحكمة في وقت تشهد فيه بعض المدن التركية احتجاجات عبّر خلالها متظاهرون عن رفضهم لقرار توقيف إمام أوغلو، بينما اعتبرت أطراف في المعارضة، وعلى رأسها حزب الشعب الجمهوري، أن هذه الخطوة تحمل أبعادًا سياسية تستهدف أحد أبرز وجوه المعارضة في البلاد. في المقابل، تؤكد السلطات الرسمية على استقلال القضاء التركي، وتنفي وجود أي تدخلات سياسية في مسار القضية أو في الإجراءات القانونية المتبعة.
المحكمة تؤيد قرار النيابة العامة وتحيل أكرم إمام أوغلو للسجن
قالت وكالة الأناضول إنّ الشرطة التركية أحالت إمام أوغلو وعددًا من المشتبهين، اليوم الأحد، إلى المحكمة بعد أخذ إفاداتهم. وأضافت الوكالة أنّ محكمة الصلح الجزائية أمرت بحبس إمام أوغلو على ذمة التحقيق.
وكانت النيابة العامة التركية في إسطنبول أمرت، الأربعاء الماضي، بتوقيف إمام أوغلو و99 مشتبهًا آخرين، بتهم "الفساد والرشوة والارتباط بالإرهاب". ويتّهم إمام أوغلو مع 7 آخرين بجرم "مساعدة تنظيم حزب العمّال الكردستاني بي كي كي"، إلى جانب تهم تتعلق بالفساد والرشوة.
ووجّهت النيابة لرئيس بلدية إسطنبول وآخرين معه التهم التالية: زعامة منظمة إجرامية، وعضوية منظمة إجرامية، والابتزاز، والرشوة، والحصول على بيانات شخصية بشكل غير قانوني، بالإضافة إلى الاحتيال.
كما يتّهم إمام أوغلو مع 7 آخرين، بينهم مساعد الأمين العام لرئاسة بلدية إسطنبول ماهر بولات، ورئيس بلدية شيشلي بإسطنبول رسول إمره شاهان، بجرم "مساعدة تنظيم حزب العمّال الكردستاني: بي كي كي"
وأعلن مكتب إمام أوغلو، اليوم الأحد، أن الادعاء التركي طلب من المحكمة حبس رئيس بلدية إسطنبول، وأربعة من مساعديه على ذمة المحاكمة بتهم الإرهاب والفساد.
يشار إلى أنّ إمام أوغلو ينفي "التهم الموجهة إليه"، وقد وصفها يوم اعتقاله بأنها "اتهامات وافتراءات لا تُصدق".
وقد طوّقت الشرطة التركية، اليوم الأحد، مباني المحاكمة، تحسّبًا لوقوع أي أعمال عنف وشغب جرّاء الاحتكاكات بين المحتجين وقوات الأمن، على غرار ما وقع يوم أمس في إسطنبول وأنقرة وإزمير، حيث استخدمت الشرطة خراطيم المياه ورذاد الفلفل الحار لتفريق المحتجين، فيما استخدم قطاع من المتظاهرين الحجارة والمقذوفات ضدّ الشرطة، الأمر الذي أفضى، في النهاية، إلى اعتقال 343 من المتظاهرين، حسب بيان صادر عن وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، أكّد فيه أنّ الداخلية وأجهزتها: "لن نمنح أدنى فرصة لمن يسعون إلى الإخلال بالنظام العام، أو تهديد السلام والأمن في بلادنا، أو إثارة الفوضى والاستفزاز"، وفق تعبيره.
وفي تعليقٍ لوزير العدل التركي على دعوات الاحتجاج والتظاهر الصادرة عن حزب الشعب الجمهوري، قال يلماز تونج: "التظاهر حقّ أساسي، لكن النزول إلى الشوارع احتجاجًا على تحقيق قانوني جارٍ، أمر غير قانوني وغير مقبول"، مضيفًا أن "الرد على أي إجراء قانوني يجب أن يكون في قاعات المحاكم، وليس في الشارع". داعيًا إلى "الهدوء"، ومؤكدًا أن "قضاءً مستقلاً ومحايدًا يتولى القضية، وسيصدر الحكم المناسب بشأنها"، وفق وصفه.
توقعات بتصاعد الأزمة ومنسوب الاحتجاجات
تتوقع وكالة رويترز للأنباء أن تشهد تركيا مزيدًا من التوترات والمظاهرات الشعبية بعد إصدار المحكمة قرارها المؤيد لسجن إمام أوغلو، وذلك على الرغم من التقييد المفروض على خدمة الإنترنت، ولا سيما مواقع التواصل الاجتماعي الأكثر انتشارًا في تركيا. كما توقعت الوكالة أن تُسرّع هذه الخطوة من وتيرة بيع الأصول التركية، مشيرةً إلى أن البنك المركزي تدخّل بالفعل في الأسواق لحماية الليرة التركية من التدهور. وكانت الليرة التركية وأسهم بورصة إسطنبول قد سجّلت انخفاضًا طيلة الأيام الماضية، بسبب مخاوف من انعدام الاستقرار السياسي.
وكان حزي الشعب الجمهوري، أبرز أحزاب المعارضة التركية، قد دعا أنصاره، بعد اعتقال أكرم إمام أوغلو، إلى التظاهر والاحتجاج حتى إسقاط قرار النيابة العامة والإفراج عن جميع المعتقلين، وعلى رأسهم رئيس بلدية إسطنبول.