30-مارس-2020

تواجه إدلب كارثة محتملة في حال تفشي فيروس كورونا (أ.ف.ب)

ينشغل العالم بالتصدي لفيروس كورونا "COVID-19" الذي يخلف وراءه يوميًا آلاف الإصابات والوفيات، في حين يهدد الفيروس حياة النازحين والمدنيين في الشمال السوري ذي البنية الصحية والتحتية المتهالكة من جراء العمليات العسكرية للنظام السوري وروسيا والميليشيات الإيرانية والموالية لها، التي ما زالت تدخل إلى سوريا حاملة الفيروس القاتل الذي انتشر في دول الجوار السوري، وضمن مناطق النظام الذي سجل تسع إصابات، وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد دخلت خلال الأيام الماضية شاحنات ترافقها سيارات عسكرية للحرس الثوري الإيراني إلى مدينة البوكمال شرقي دير الزور، قادمةً من العراق.

مع انشغال منظمة الصحة العالمية بمحاولة احتواء الوباء في أوروبا وأمريكا، تبدو حظوظ إدلب ومخيمات الشمال بالحصول على المساعدة الدولية ضئيلة

الوضع في إدلب قد ينفجر

يفتقر الشمال السوري إلى الرعاية الطبية الأساسية، إضافة إلى عوز للمعدات اللازمة للتعامل مع فيروس كورونا، ومع انشغال منظمة الصحة العالمية بمحاولة احتواء الوباء في أوروبا وأمريكا، تبدو حظوظ إدلب ومخيمات الشمال بالحصول على المساعدة الدولية ضئيلة، خاصة مع تحذير منظمة الصحة من نقص المعدات الطبية اللازمة للموظفين الصحيين في الدول التي يجتاحها الفيروس.

اقرأ/ي أيضًا: فيروس كورونا يهدد الشمال السوري.. احتمالات مفتوحة على الكارثة

وكان الائتلاف الوطني السوري قد انتقد في بيان، تأخر منظمة الصحة العالمية في تنفيذ تعهداتها والخطة المتفق عليها لمواجهة فيروس كورونا.

ويرجح مراقبون انفجار الوضع الصحي في إدلب التي تشهد عوزًا كارثيًا في القطاع الصحي في الحالة العادية، ومن شأن انتشار الفيروس أن يطيل معاناة السوريين واللبنانيين والأردنيين والأتراك والإيرانيين والروس والأوروبيين، كما ترى صحيفة فورين بوليسي.

وتشير إلى أن خبراء الصحة العالميين ووكلاء الحدود وطياري الشحن والجنود وأي شخص تقريبًا لا يزال بإمكانه التنقل خلال هذا الوباء العالمي بسبب معرفته المتخصصة أو مهاراته أو وظيفته، يمكن أن ينتشر الفيروس. حتى وإن كان ذلك خلال وقف إطلاق النار الحالي في إدلب أو لتوفير الإغاثة اللازمة للمنطقة، وبهذه الطريقة قد تضاعف إدلب أزمة وباء كورونا العالمية، على الرغم من الجهود العديدة لإدارتها.

القلق الأممي لا يكفي

مع قرع منظمات طبية سورية ودولية ناقوس الخطر في إدلب، أعرب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، عن قلقه العميق بشأن التأثير المحتمل لفيروس كورونا على ما يقرب من مليون مدني نازح في الشمال السوري.

جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده ينس ليرك، المتحدث باسم المكتب الأممي، عبر تقنية فيديو كونفرانس، في مكتب الأمم المتحدة بجنيف، الجمعة. وقال ليرك إن "الأمم المتحدة تشعر بقلق عميق حيال التأثير المحتمل لكورونا على ملايين الأشخاص في جميع أنحاء سوريا، وخاصة أكثر من 900 ألف شخص في الجزء الشمالي الغربي من سوريا". ولفت إلى أن المدنيين النازحين يعانون من نقص في الغذاء والمياه النظيفة في المخيمات المكتظة.

وكان أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد طالب "بوقف كامل وفوري لإطلاق النار في جميع أنحاء سوريا، تماشيًا مع القرار 2254، لتمكين الجهود الشاملة لمكافحة فيروس كورونا.

وتشير تقارير لمنظمات محلية إلى أن الحجر الصحي أو حظر التجوال في حال تطبيقه شمال سوريا، سيحرم قسمًا كبيرًا من السوريين من قوت يومهم، في المدن والمخيمات، ما يلفت إلى ضرورة دعم الأمن الغذائي للمدنيين في الشمال.

مخبر وحيد لكشف كورونا

تبرز الحاجة الملحة لزيادة عدد المخابر الخاصة بأعمال الكشف عن الفيروس ليرفد المخبر الوحيد في الشمال السوري، حيث تشهد المخيمات وضعًا كارثيًا مع اقتراب خطر كورونا من النازحين الذين يعيشون في بيئة غير صحية وغير قادرة على مواجهة الأوبئة.

وحذرت الجمعية الطبية السورية الأمريكية "سامز" في بيان، من أن مناطق شمالي وغربي سوريا تعد من أخطر الأماكن وأكثرها قابلية لانتشار أي وباء بشكل كبير، نطرًا لضعف وهشاشة النظام الصحي المثقل أصلًا.

وأضافت أن الاحتياجات الصحية وفقًا للمستلزمات الأساسية للنظام الصحي في هذه المناطق هي دون المطلوب إلى حد كبير. فمثلًا، يوجد نقص من 50 إلى 60 في المئة بعدد أسرة الاستشفاء في المشافي المطلوبة لعدد السكان البالغ أكثر من 3 ملايين نسمة تقريبًا.

وبحسب المبادئ الصحية الدولية يحتاج كل ألف مواطن لسرير استشفاء، والمتوفر حاليًا في مرافق شمالي وغربي سوريا سرير واحد لكل 3 آلاف مواطن وسطيًا.

وتضيف أنه يوجد في هذه المناطق 120 سرير عناية مركزة فقط، بينما يجب أن يكون متوفرًا سرير واحد على الأقل لكل ألف مواطن أي قرابة 300 سرير عناية في الأحوال العادية، أما في حالة وباء كورونا فإن المطلوب أضعاف ذلك بكثير على مستوى أسرة الاستشفاء وأسرة العناية المركزة.

إذ سيحتاج  75 بالمئة من المرضى إلى إجراءات اعتيادية مع الدعم بالأكسجين، و25 بالمئة منهم سيحتاجون إلى البقاء في العناية المركزة لفترة وسطية 15 يومًا واستخدام أجهزة التنفس الاصطناعي غير المتوفرة.

في ظل الظروف الراهنة تبدو التوعية بالوقاية من كورونا ومنع نقل العدوى ضمن المخيمات والمناطق المكتظة هي الأمر المتاح حاليًا. ويلعب الدفاع المدني الذي اعتاد على انتشال الضحايا من تحت الأنقاض على نشر التوعية بين النازحين في المخيمات من خلال الملصقات، وتقديم المعلومات عن الفيروس عبر شبكة الإنترنت للموظفين في المنظمات.

ونفذ الدفاع المدني عملية تطهيرلـ نحو 1500 موقعًا في الشمال السوري خلال أسبوع بينها 72 مخيمًا ومدرسة، بحسب تغريدة  لمدير المنظمة رائد الصالح على تويتر.

النظام يغلق مناطق سيطرته

في المقابل يتطلب منع انتشار كورونا في الشمال السوري احتواءه أيضًا في مناطق النظام السوري، الذي أعلن عن تسجيل خمس إصابات، في حين تشير منظمة الصحة إلى أن الأعداد أكبر بكثير، وكان النظام قد منع السفر بين المدن والمحافظات في إطار تشديد الإجراءات للحد من تفشي الفيروس.

وذكرت وكالة أنباء النظام "سانا" أنه تم منع تنقل المواطنين بين مراكز المحافظات وجميع المناطق والأرياف في جميع الأوقات لغير المصرح لهم، اعتبارًا من الساعة الثانية ظهرًا من يوم الأحد.

اقرأ/ي أيضًا: كورونا في "حمى" نظام الأسد.. إجراءات مسرحية في الوقت الضائع

ويأتي حظر السفر بعد فرض حظر تجول هذا الأسبوع من الساعة السادسة مساء إلى السادسة صباحًا وبعد أن أوقف النظام الرحلات الجوية وأغلق معظم الشركات.

يرجح مراقبون انفجار الوضع الصحي في إدلب التي تشهد عوزًا كارثيًا في القطاع الصحي في الحالة العادية

وفي السياق نفسه قرر نظام الأسد تمديد تعطيل المدارس العامة والخاصة والمعاهد والجامعات الحكومية والخاصة حتى منتصف نيسان/أبريل المقبل. وكشف النظام عن تسع حالات إصابة بفيروس كورونا ووفاة واحدة في مناطق سيطرته، لكن تقارير إعلامية شككت بالعدد بسبب انتشار الميليشيات الإيرانية في البلاد وسفرها بحرية إلى العراق وإيران التي تفشى فيها الفيروس وأصاب الآلاف.