27-أبريل-2022
ترانسنيستريا

تخشى مولدوفا من اجتياح روسي عبر ترانسنيستريا (Getty)

ترانسنيستريا، والتي تعرف أيضًا باسم ترانسدنيستر، هي قطاع صغير يقع بين الضفة الشرقية لنهر دنيستر وحدود مولدوفا مع أوكرانيا.

يبلغ عدد سكان قطاع ترانسنيستريا حوالي 470 ألف نسمة، وغالبية من يقطن فيه من أصول أوكرانية وروسية

يبلغ عدد سكان قطاع ترانسنيستريا حوالي 470 ألف نسمة، وغالبية من يقطن فيه من أصول أوكرانية وروسية. وعلى الرغم من كون القطاع جزءًا من مولدوفا رسميًا ودوليًا، إلا أنّها تعد منطقة انفصالية مدعومة من روسيا، وتخضع لسيطرة السلطات الانفصالية فيها منذ فترة طويلة تعود إلى العام 1992، وذلك بعد صراع نشب بين الجمهورية الناشئة حديثًا في مولدوفا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وبين الانفصاليين الذين أصروا على أن يبقوا يحافظوا على هوية الإقليم السوفيتية.

 ترانسنيستريا

وعلى الرغم من عدم حصول ترانسنيستريا على أي اعتراف رسمي بكونها منطقة مستقلة من طرف أية دولة في العالم، بما في ذلك روسيا، إلا أنها ظلت حتى اليوم غير خاضعة لسيطرة السلطات المولدوفية، وهو ما يعني أن ترانسنيستريا عمليًا تسيّر شؤونها ككيان انفصالي ومستقل.

ما أهمية ترانسنيستريا في الصراع بين روسيا وأوكرانيا؟

يقدر عدد الجنود الروس في ترانسنيستريا بحوالي 1500 جندي، وهي قوات "حفظ سلام" على حد وصف الحكومة الروسية. من جهتها، تخشى كييف أن يتم الاستعانة بهؤلاء الجنود على أرض ترانسنيستريا من أجل تجهيز هجوم على أوكرانيا من الغرب.

وكانت روسيا قد أجرت تدريبات عسكرية مكثفة لجنودها في هذه المنطقة الانفصالية من مولدوفا، وذلك مطلع شباط\فبراير الماضي، حين أعلنت موسكو أن الوجود الروسي هناك بالغ الأهمية من أجل حماية مواطنيها في المنطقة والحفاظ على الهدوء بين مولدوفا وترانسنيستريا.

وفي حال قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يدخل ترانسنيستريا في الحرب الدائرة مع أوكرانيا بشكل أو بآخر، فلن يكون أمام قادتها سبيل لرفض ذلك، وذلك بسبب اعتماد هذا القطاع الانفصالي بشكل شبه كامل على روسيا اقتصاديًا، بالإضافة إلى اعتماده على الغاز الروسي الذي تحصل عليه "بالمجّان". 

لماذا تهتم روسيا بالسيطرة على ترانسنيستريا؟

على الرغم من بقائها خارج دائرة التركيز الإعلامي منذ اندلاع الحرب بين روسيا وأكرانيا في 24 شباط\فبراير الماضي، إلا أن قادة عسكريين روسًا، من بينهم روستام مينكاييف، نائب قائد المنطقة العسكرية الوسطى الروسي، قال الأسبوع الماضي إن بلاده تسعى إلى السيطرة على جنوب أوكرانيا، وهو ما سيمنحها القدرة على وضع يدها على ترانسنيستريا.

ومن غير الواضح بعد ما إذا كان الجيش الروسي المتورط في معركة معقدة من أجل السيطرة على شرقي أوكرانيا قادرًا حاليًا على الاستحواذ على المزيد من الأراضي في الجنوب الأوكراني والدخول في صراع مع مولدوفا.

وتشير تقديرات مختلفة إلى أن الروس قد يلجؤون إلى ترانسنيستريا لتكون نقطة إمدادٍ بالغذاء والدواء والحماية وتأمين شبكة السكك الحديدية، إضافة إلى احتمال الاستفادة منها كنقطة آمنة لإعادة تزويد الجنود باحتياجاتهم وإصلاح المعدات وإعادة التشكّل ضمن العملية العسكرية الجارية ضد أوكرانيا.

هل مولدوفا عضو في الناتو؟

دولة مولدوفا ليست عضوًا في حلف شمال الأطلسي، وقد سعت جاهدة لتبقى على الحياد منذ استقلالها، حيث نصّ الدستور بشكل صريح على ذلك. إلا أنّ ثمة تخوفات تسود في مولدوفا وأوروبا حول قدرة هذه الدولة الصغيرة على الدفاع عن نفسها أمام أي اجتياح روسي في حال قرر بوتين القيام بذلك، وهو ما دفع مولدوفا، البالغ عدد سكانها 2.6 مليون نسمة، إلى التقدّم خطوة نحو الغرب، وطلب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، على غرار ما فعلت جورجيا وأوكرانيا.

هل تطمح روسيا بالسيطرة على ترانسنيستريا؟

في الأسبوع الأول للحرب على أوكرانيا، انتشر مقطع فيديو يظهر فيه الرئيس الروسي بوتين مع رئيس بيلاروسيا أليكساندر لوكاشينكو، وإلى جانبهما خريطة تظهر فيها ترانسنيستريا كهدف محتمل للتوسّع الروسي، إلا أن مسؤولين بيلاروس أكّدوا في وقت لاحق على أن ذلك كان خطأ في الخريطة ولم يكن مقصودًا. إلا أنه قد كان لروسيا في مراحل مختلفة من تاريخها حضور معروف في مولدوفا وتأثير كبير عليها، سواء في عهد الإمبراطورية الروسية أو الاتحاد السوفيتي، رغم أن هذا التأثير قد تراجع بشكل واضح منذ بداية التسعينات، بعد أن سقط الاتحاد وولّت مولدوفا وجهها شطر أوروبا الغربية.

ما علاقة الانفجار الأخير بالأطماع الروسية في ترانسنيستريا؟

وقع يوم أمس الثلاثاء، 26 نيسان\أبريل، انفجاران في منشأة للاتصالات قرب الحدود بين مولدوفا وأوكرانيا، مما تسبب في تدمير برجين للاتصال في ترانسنيستريا وتعطلهما بحسب ما أفادت الشرطة المحلية هناك.

ترانسنيستريا

حدث الانفجاران في مدينة صغيرة في ترانسنيستريا تدعي "ماياك، تبعد 12 كم فقط عن الحدود مع أوكرانيا، ولم ينجم عنهما أي إصابات، سوى الأضرار المادية، كما لم تعلن أية جهة مسؤوليتهما عن الهجوم. وبحسب مسؤولين رسميين، فإن هذه الحادثة تعدّ الثالثة من نوعها في ترانسنيستريا، وهو ما دفع رئيس القطاع، فاديم كراسنوسيلكي، إلى الإعلان عن يوم الثلاثاء عن تطبيق إجراءات لمكافحة الإرهاب من الدرجة "الحمراء"، لمدة 15 يومًا، ويشمل ذلك وضع نقاط تفتيش على مداخل المدن.

حذرت واشنطن من أن روسيا قد تلجأ إلى افتعال هجمات في دول مجاورة ليكون ذلك ذريعة لها لإرسال المزيد من قواتها إلى المنطقة

وكانت الولايات المتحدة قد حذرت في وقت سابق من أن روسيا قد تلجأ إلى افتعال هجمات في دول مجاورة ليكون ذلك ذريعة لها لإرسال المزيد من قواتها إلى المنطقة، في حين حذّرت أوكرانيا على لسان أحد مستشاري الرئيس الأوكراني من أن تكون مولدوفا هدفًا قادمًا لبوتين. أما في روسيا، فقد أعلن مسؤولون عقب هذه الهجمات التي وقعت في ترانسنيستريا إلى أن موسكو تراقب الوضع عن كثب، وأنّها تشعر بالقلق حيال ما يحصل في القطاع.