05-فبراير-2025
مظاهرة ضد إلغاء حق الإجهاض (منصة إكس)

مظاهرة ضد إلغاء حق الإجهاض (منصة إكس)

حذرت رئيسة معهد "غوتماكر" الأميركي للصحة الإنجابية، ديستيني لوبيز، من أن قرار الرئيس دونالد ترامب بإعادة تفعيل سياسة "تكميم الأفواه العالمية" سيكلف الفتيات والنساء حول العالم ثمنًا باهظًا.

وجاء في بيان لرئيسة المنظمة: "الهدف الأساسي لهذه السياسة هو تصدير الأيديولوجية الأميركية المناهضة للإجهاض إلى بقية العالم. فهي تمنع المنظمات غير الأميركية التي تتلقى مساعدات صحية عالمية من الولايات المتحدة من استخدام أموالها الخاصة، غير المرتبطة بالمساعدات الأميركية، لتقديم خدمات الإجهاض، أو إحالة الفتيات أو النساء لإجراء عمليات الإجهاض، أو حتى التحدث علنًا لدعم حق الإجهاض في بلدانهن، حتى عندما يكون ذلك قانونيًا".

ولفتت لوبيز إلى التجربة السابقة عندما فرض ترامب هذه السياسة عام 2017، وأدت إلى ضرر واسع النطاق وطويل الأمد على الصحة الإنجابية. فقد وثقت أبحاث معهد "غوتماكر" آثارها الكارثية، والتي شملت تعطيل التقدم في توفير وسائل منع الحمل الحديثة بل وحتى التراجع عن تقديمها، كما حدث في دول مثل إثيوبيا وأوغندا.

وقالت رئيسة المعهد: "اليوم، للأسف، سيعاد التاريخ نفسه بطريقة مخزية، مما سيجعل من الصعب على الفتيات والنساء في العديد من الدول الوصول إلى الإجهاض الآمن ووسائل منع الحمل والخدمات الصحية الأساسية الأخرى.". مشيرةً إلى أن "السياسة الجديدة لن تدخل حيز التنفيذ حتى تتم الموافقة على التوجيهات الرسمية وإصدارها للجهات المستفيدة."

وكشفت لوبيز أن خبراء السياسات والأبحاث في المعهد سيواصلون مراقبة تأثير هذه السياسة عن كثب بمجرد تنفيذها، كما سيعمل المعهد مع شركائه في جميع أنحاء العالم لمضاعفة الجهود لإلغاء هذه "السياسة المدمرة" بشكل دائم، حتى لا يتمكن أي رئيس في المستقبل من إعادة فرضها بمجرد التوقيع عليها.

ولفتت لوبيز إلى أن إعادة فرض "قاعدة تكميم الأفواه العالمية" توضح بشكل جلي أن إدارة ترامب مستعدة تمامًا لتقويض الحقوق الجنسية والإنجابية، ليس فقط في الولايات المتحدة، بل في جميع أنحاء العالم".

يشار إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقع فور تنصيبه على عشرات الأوامر التنفيذية، من بينها الأمر المتعلق بسياسة "تكميم الأفواه العالمية"، المعروفة كذلك باسم "مكسيكو سيتي"، وهي سياسة تُطبق على جميع المنظمات والهيئات الصحية التي تتلقى مساعدات أميركية في العالم.

خلاف جمهوري ديمقراطي

منذ أن أطلق الرئيس رونالد ريغان هذه السياسة عام 1984، اختلف تعامل الرؤساء الجمهوريين والديمقراطيين الأميركيين تجاهها بين تطبيقها وتجميدها. فقد ألغى الرئيس بيل كلينتون العمل بها عام 1993، قبل أن يعيدها الرئيس جورج بوش الابن في 2001.

كما ألغى الرئيس باراك أوباما هذه السياسة عام 2009، قبل أن يعيدها الرئيس دونالد ترامب في فترته الرئاسية الأولى عام 2017. ثم جمدها الرئيس جو بايدن في 2021، ليعود ترامب ويوجه بإعادة العمل بها مجددًا في فترته الرئاسية الثانية عام 2025.

سباق انتخابي

أصبحت سياسة "تكميم الأفواه العالمية" أداةً سياسية يستخدمها المرشحون للرئاسة الأميركية لكسب التأييد. إذ يرفعها الجمهوريون لاستقطاب أصوات المحافظين والجماعات الدينية، بينما يوظفها الديمقراطيون لحشد دعم التيارات الليبرالية وأنصار حقوق الإنسان.

يبرر الجمهوريون فرض هذه السياسة بمعارضتهم "إنفاق أموال دافعي الضرائب الأميركيين لتمويل الإجهاض في الخارج،"لكن معارضيها يحذرون من عواقبها الوخيمة على صحة النساء والفتيات، ليس فقط في الولايات المتحدة، بل في العديد من دول العالم.

تحذير من التداعيات

في هذا السياق، قالت لوبيز: "إن سياسة تكميم الأفواه العالمية، التي أعاد ترامب العمل بها، تهدف إلى تصدير الأيديولوجية الأميركية المناهضة للإجهاض إلى بقية دول العالم". وأضافت أن هذه السياسة "تلحق ضررًا كبيرًا بالصحة الإنجابية."

قيود صارمة على المنظمات الصحية الدولية

بموجب هذه السياسة، تمنع الولايات المتحدة أي منظمة تتلقى مساعدات مالية أميركية من تقديم خدمات الإجهاض، أو توفير الاستشارات أو المعلومات التي تسهل الوصول إليه، أو حتى الدفاع عنه والترويج له. ويشمل هذا الحظر جميع الأنشطة المتعلقة بالإجهاض، بغض النظر عن مصدر التمويل الذي تستخدمه هذه المنظمات.

بعبارة أخرى، إذا تلقت مؤسسة صحية أي دعم مالي أميركي، حتى لو كان قليلًا، فهي ملزمة بالامتناع عن أي نشاط مرتبط بالإجهاض، حتى لو كان بتمويل غير أميركي، وإلا ستخسر كل المساعدات الصحية التي تقدمها لها الولايات المتحدة.

سياسات متقلبة

يذكر أن أكثر من 100 منظمة تعارض سياسة "تكميم الأفواه العالمية"، وقعت على رسالة، الشهر الماضي، تطالب بإنهاء دائم لهذه السياسة بسبب تأثيرها الكارثي على الصحة العالمية.

منذ إقرارها عام 1984، ظلت هذه السياسة تتغير مع تعاقب الإدارات الأميركية، مما جعل صحة وحياة الملايين رهينة التوجهات السياسية المتقلبة. وقد أدى ذلك إلى عواقب مدمرة على الخدمات الصحية العالمية.

فقد تسببت هذه السياسة في تفكيك الخدمات الصحية الأساسية في العديد من المجتمعات حول العالم، خاصةً تلك التي تواجه عقبات ممنهجة في الحصول على الرعاية الصحية.

وكانت النتائج كارثية، حيث أُغلقت العديد من العيادات الصحية، مما حدّ من قدرة السكان على الوصول إلى خدمات الرعاية الأساسية.

كما أدى انهيار جهود التوعية الصحية، لا سيما في المجتمعات الأكثر فقرًا وحرمانًا، إلى ارتفاع حالات الحمل غير المخطط له نتيجة انقطاع خدمات وسائل منع الحمل، فضلًا عن زيادة معدلات الإجهاض غير الآمن وما يترتب عليه من مخاطر صحية وارتفاع معدلات الوفيات بين الفتيات والنساء.