23-يناير-2025
دونالد ترامب والحوثيين

أعاد ترامب الحوثيين إلى قائمة الجماعات الإرهابية الأجنبية الخطيرة (رويترز)

 

أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب جماعة أنصار الله "الحوثيين" إلى قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية في الولايات المتحدة الأميركية. وبرر ترامب قراره بقيام الحوثيين بشن هجمات عسكرية على القوات الأميركية في المنطقة واستهدافهم للبنى التحتية المدنية والسفن التجارية في منطقة البحر الأحمر وباب المندب، وتزامن القرار الأميركي الجديد مع إعلان المملكة العربية السعودية عن رغبتها في توسيع استثماراتها مع الولايات المتحدة الأميركية بمبلغ 600 مليار دولار، كما تزامن مع تأكيداتٍ مصرية على ضرورة استعادة الأمن والتهدئة في منطقة البحر الأحمر  وباب المندب.

السعودية عبّرت لترامب عن رغبتها في "توسيع استثماراتها مع الولايات المتحدة بمبلغ 600 مليار دولار"

ومن شأن هذا القرار أن يزيد الوضع في المنطقة تعقيدًا بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي أوقف الحوثيون بموجبه إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل وسفن الشحن المتوجهة إليها أو ذات الصلة بها في منطقة البحر الأحمر والسفن الحربية الأميركية والبريطانية التي شاركت في ضرب أهداف تابعة للجماعة في اليمن دفاعًا عن إسرائيل وعن عبور السفن لممر البحر الأحمر الاستراتيجي، كما يشار إلى أنّ الحوثيين قاموا في وقت سابق من يوم الأربعاء، بإطلاق سراح طاقم السفينة التجارية غالاكسي ليدر بعد أكثر من عام من احتجاز السفينة قبالة الساحل اليمني.

وبموجب قرار ترامب الذي أعلن عنه البيت الأبيض الخميس سيتم فرض عقوبات إضافية مشددة على الجماعة التي تبسط سيطرتها على صنعاء ومعظم أراضي اليمن، والمتحالفة أيضًا مع إيران.

وفي حين يرى المؤيدون لقرار ترامب أنه جاء متأخرًا، فإن خبراء ومحللين آخرين يرون أنّ له تبعات خطيرة، ليس على الوضع الإقليمي فحسب، وإنما على منظمات الإغاثة الدولية الناشطة في اليمن، حيث سينظر إليها على أنها تساعد "جماعة إرهابية"، ما سيجعلها بين خيارين أحلاهما مر، إما مغادرة اليمن والتخلي عن أنشطتها الإغاثية الانسانية، أو الاستمرار مع ما قد يترتب على ذلك من تعقيدات وصعوبات قد تصل حدّ فرض عقوبات عليها.

بموجب قرار ترامب سيتم فرض عقوبات إضافية مشددة على الجماعة التي تبسط سيطرتها على صنعاء ومعظم أراضي اليمن، والمتحالفة أيضًا مع إيران

أما المؤيدون للقرار ـ ومن بينهم مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى في إدارة ترامب الأولى ديفيد شينكر ـ فيرون أنّ القرار يعدّ خطوةً ضرورية للتعامل مع أحد أهم الكيانات التي تعمل بالوكالة عن إيران في المنطقة. وفي هذا الصدد صرّح شينكر لوكالة رويترز قائلًا: "بينما نستبعد أن يكون لإعادة التصنيف تأثير إيجابي على تصرفات الجماعة، فإن الإجراء يشي بأن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى دفع الإيرانيين للتفاوض من خلال الملاطفة".

وفي معرض إعلان القرار جاء في البيان الصادر عن البيت الأبيض اليوم الخميس "إنّ أنشطة الحوثيين تهدد أمن المدنيين والموظفين الأمريكيين في الشرق الأوسط وسلامة أقرب شركائنا بالمنطقة واستقرار التجارة البحرية العالمية"، كما أكد بيان البيت الأبيض أن واشنطن ستعمل مع الشركاء الإقليميين "للقضاء على قدرات وعمليات أنصار الله وحرمانها من الموارد، وبالتالي إنهاء هجماتها على الأفراد والمدنيين الأمريكيين والشركاء الأمريكيين والشحن البحري في البحر الأحمر".

تجدر الإشارة إلى أنّ الحوثيين، بدؤوا عملية الإسناد العسكري لغزة في تشرين الثاني/نوفمبر 2023،  وفي سياق عملية الإسناد، قاموا بتنفيذ أزيد من 100 هجوم على سفن في البحر الأحمر، ما أدى إلى تعطيل جانب كبير من الملاحة التجارية في البحر الأحمر، حيث قامت العديد من شركات الشحن بتغيير مسار رحلاتها.

يرى خبراء ومحللون أن للقرار تبعات خطيرة بعضها على منظمات الإغاثة الدولية الناشطة في اليمن، حيث سينظر إليها على أنها تساعد "جماعة إرهابية"، ما سيجعلها بين خيارين أحلاهما مر

واستبقت القاهرة الخطوة الأميركية الجديدة بإدراج الحوثيين في قوائم المنظمات الإرهابية بالإعراب عن رغبتها في استمرار التهدئة في منطقة البحر الأحمر وباب المندب، مشددةً على ضرورة استعادة الأمن فيهما، بالنظر لأهميتهما الكبيرة "لطرق التجارة البحرية والدولية". حيث قام وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بإجراء اتصالٍ هاتفي مع نظيره الإيراني عباس عراقجي، حثه فيه، حسب وكالة الأناضول "على خفض التصعيد في منطقة البحر الأحمر، بما يحافظ على حرية الملاحة الدولية في هذا الشريان الأهم في العالم"، مشددًا على أن هذا الأمر بات أكثر إلحاحًا " بعد إبرام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة".

ومن غير المؤكّد ما إذا كان الحوثيون سيخضعون لهذه الرغبات، بعد قرار ترامب الأخير، مع ما يستصحبه من تشديدٍ للعقوبات على الجماعة الموجودة في قلب السلطة في اليمن. خاصةً إذا وضعنا في الاعتبار، أنّ الرئيس الأميركي المنصرف جو بايدن وعلى الرغم من لجوئه إلى اتخاذ قرارات دورية بضرب أهداف عسكرية تابعة للجماعة في اليمن، إلّا أنه لم يُقدم على قرار إعادتها لقائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية الأكثر تهديدًا، التي رفعها منها بداية مأموريته الرئاسية 2021 رغم الطلبات الإسرائيلية المتجددة، مكتفيًا بتصنيفها "على أنها منظمة إرهابية عالمية ذات تصنيف خاص".

يشار إلى أنّ السعودية التي ترى في الحوثيين تهديدًا جدّيًا لأمنها القومي، أعلنت اليوم الخميس، بعد مكالمة بين ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أنّ المملكة عبّرت عن رغبتها في "توسيع استثماراتها مع الولايات المتحدة بمبلغ 600 مليار دولار".

 

تداعيات إنسانية:

أصدرت منظمة أوكسفام البريطانية بيانًا أكّدت فيه أنّ قرار ترامب يجلب مزيدًا من المعاناة للمدنيين في اليمن، لأنه سيعطّل وصول الواردات الحيوية من غذاء ودواء ووقود، وقال مدير شؤون السلام في المنظمة سكوت بول إنّ "إدارة ترامب تدرك هذه العواقب لكنها اختارت المضي قدمًا في ذلك رغم أي شيء، وستتحمل المسؤولية عن الجوع والمرض الذي سيستتبعه ذلك".

منظمة أوكسفام البريطانية: قرار ترامب يجلب مزيدًا من المعاناة للمدنيين في اليمن، لأنه سيعطّل وصول الواردات الحيوية من غذاء ودواء ووقود

وبالفعل أعلنت إدارة ترامب أنها ستراجع شركاء الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمتعاقدين العاملين في اليمن، على ضوء قرارها الأخير، كما كشفت أنّ ترامب" سيوجّه الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لإنهاء علاقتها بكيانات أجرت مدفوعات للحوثيين، أو التي عارضت الجهود الدولية لمواجهة الحوثيين بينما تغض الطرف عن إرهاب الحوثيين وانتهاكاتهم" وفق تعبير البيان الأميركي.