عقب الإعلان عن تنفيذ هجمات أميركية على المنشآت النووية الإيرانية، عقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤتمرًا صحفيًا في البيت الأبيض، كشف فيه تفاصيل الضربة الجوية وأهدافها، متوعدًا إيران بردود أشد إن لم تذعن لشروط "السلام الأميركي".
ترامب: دمرنا منشآت إيران النووية
وقال ترامب إن القوات الأميركية نفّذت هجمات جوية "كبيرة وناجحة" استهدفت ثلاث منشآت نووية رئيسية في إيران، هي فوردو ونطنز وأصفهان. وأضاف أن الضربات هدفت إلى "تدمير قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم"، مؤكدًا أن المنشآت الثلاث "تم القضاء عليها بالكامل".
وتوعّد بالقول: "إذا لم تصنع إيران السلام، فستكون الهجمات المقبلة أكبر بكثير".
وأشار ترامب إلى أن أهداف هذه الليلة كانت "الأكثر تعقيدًا"، وأن هناك "مزيدًا من الأهداف التي ستُضرب بدقة ما لم يتحقق السلام"، داعيًا طهران إلى تغيير سلوكها.
قال ترامب إن القوات الأميركية نفّذت هجمات جوية "كبيرة وناجحة" استهدفت ثلاث منشآت نووية رئيسية في إيران
تحذيرات داخلية: "ترامب جرّ البلاد إلى حافة حرب كارثية"
في المقابل، اتّهم زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب الأميركي الرئيس ترامب بـ"تضليل البلاد" وعدم السعي للحصول على تفويض من الكونغرس لاستخدام القوة، معتبرًا أن قراره يعرّض واشنطن لخطر التورط في "حرب كارثية في الشرق الأوسط".
وأضاف: "ارتفع خطر الحرب بشكل كبير الآن، وأنا أدعو من أجل سلامة جنودنا المنتشرين في المنطقة".
نتنياهو: القوة تأتي أولًا... وترامب خلق لحظة تاريخية
في أول تعليق إسرائيلي على الهجوم الأميركي الذي استهدف المنشآت النووية الإيرانية، وجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شكره للرئيس الأميركي دونالد ترامب، معتبرًا أن "القوة تأتي بالسلام"، وفق تعبيره
وقال نتنياهو في بيان رسمي: "الرئيس ترامب تصرف بقوة كبيرة، وقيادته خلقت لحظة تاريخية يمكن أن تساهم في توجيه الشرق الأوسط، بل والعالم، نحو مستقبل من السلام والازدهار".
وأضاف نتنياهو أن "القوة تأتي أولًا، ثم يأتي السلام"، في ما بدا إشارة صريحة إلى العقيدة الأمنية الإسرائيلية التي ترى في استخدام الحسم العسكري وسيلة لفرض معادلات سياسية جديدة على الأرض.
غوتيريش: تصعيد خطير يهدد الأمن العالمي
من جهته، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن "قلق بالغ" إزاء لجوء واشنطن إلى القوة العسكرية ضد إيران، محذرًا من "تصعيد خطير في المنطقة" قد يخرج عن السيطرة بسرعة. وقال: "ما حدث يمثل تهديدًا مباشرًا للسلم والأمن الدوليين"، مشددًا على أن "الحل لا يمكن أن يكون عسكريًا، والطريق الوحيد هو الدبلوماسية".
هجمات على المنشأت النووية الإيرانية
جاء إعلان ترامب عن تنفيذ هجمات على المنشآت النووية الإيرانية، فجر الأحد، عبر منصة "تروث سوشال"، حيث كتب : "أتممنا هجومنا الناجح جدًا على المواقع النووية الثلاثة في إيران... أُسقطت حمولة كاملة من القنابل على موقع فوردو، وقد غادرت طائراتنا بأمان".
وتابع ترامب في منشور آخر: "هذه لحظة تاريخية للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والعالم. على إيران الآن أن توافق على إنهاء هذه الحرب".
وأضاف لاحقًا بتحذير مباشر: "على إيران أن تتوقف فورًا، وإلا فستتعرض لقصف جديد".
قاذفات الشبح تقود الهجوم
بحسب وزارة الدفاع الأميركية، تم تنفيذ الهجمات بواسطة القاذفة الاستراتيجية بي 2 سبيرت (B-2 Spirit)، وهي الطائرة الوحيدة في الترسانة الأميركية القادرة على حمل القنبلة الخارقة للتحصينات " GBU-57"، التي تزن 30 ألف رطل وقادرة على اختراق أكثر من 60 مترًا من التحصينات الأرضية.
وأكد مسؤول عسكري لوكالة "رويترز" للأنباء، استخدام هذا النوع من القنابل تحديدًا لضرب منشأة "فوردو".
كما أكد مسؤولون أميركيون لصحيفة "نيويورك تايمز" وشبكة "فوكس نيوز" أن القوات الأميركية أسقطت ست قنابل خارقة للتحصينات على موقع "فوردو"، فيما استهدفت الضربات الأميركية، بالتنسيق مع إسرائيل، منشأتي "نطنز" و"أصفهان"، اللتين قالت مصادر إسرائيلية إنهما "دُمّرتا بنسبة 75%".
إسرائيل شريك مباشر في الضربة
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، من بينها القناة 14 وهيئة البث الرسمية" الإسرائيلية، عن تنسيق مسبق بين تل أبيب وواشنطن، حيث أجرى ترامب اتصالًا هاتفيًا مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قبل تنفيذ الضربة بساعات، وأبلغته بتفاصيل وتوقيت العملية.
ونقلت القناة عن مسؤولين إسرائيليين أن واشنطن طلبت من الجيش الإسرائيلي تنفيذ مهام عملياتية موازية، وقد تم تنفيذها "وفقًا للتفاهمات".
في السياق ذاته، أشار تقرير لموقع "أكسيوس" إلى أن القرار اتُخذ بشكل سري ولم يُعلن عنه إلا بعد التنفيذ، رغم ما أبداه ترامب من تردد سابق ومنحه طهران "مهلة أسبوعين" لتفكيك برنامجها النووي.
وفي إسرائيل، رُفعت حالة التأهب إلى أقصى درجاتها، مع استمرار اجتماعات نتنياهو بالقيادات العسكرية والأمنية، حسب تقارير القناة 12 وصحيفة "يسرائيل هيوم".
طهران: كنا مستعدين والإخلاء تم مسبقًا
في المقابل، قللت إيران من شأن الضربات، إذ أفادت وكالة "إيرنا" والتلفزيون الرسمي بأن المنشآت المستهدفة كانت قد أُخليت من أي مواد مشعة أو خطيرة قبل الهجوم بوقت طويل.
أكدت الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية أن المنشآت النووية المستهدفة "لا تزال جزءًا من برنامجنا الوطني ولن نتخلى عنها"
وقال مستشار رئيس البرلمان الإيراني إن "الأضرار قابلة للإصلاح ولا تغيّر من المعادلة النووية"، مضيفًا أن "المنشآت لم تعد تحتوي على مواد يمكن أن تسبب إشعاعًا". ورغم ذلك، تواصل إيران التهديد بالرد، مع تلميحات بشن هجمات على القواعد الأميركية في الشرق الأوسط.
من جهتها، أكدت الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية أن المنشآت النووية المستهدفة "لا تزال جزءًا من برنامجنا الوطني ولن نتخلى عنها"، مضيفة أن الهجمات تشكل "انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي"، وأن إيران ستتخذ "الإجراءات القانونية اللازمة للدفاع عن حقوقها ومواصلة تطوير الصناعة النووية".
لحظة مفصلية أم بداية التصعيد؟
وصفت مصادر أمنية إسرائيلية القصف الأميركي بأنه "تحوّل دراماتيكي" ولحظة فارقة في مسار المواجهة مع إيران. وفيما لا يُتوقع تنفيذ ضربات لاحقة في المدى القريب، يبقى الوضع مرهونًا بردّ إيران، التي أكدت أنها "ستنتقم في الوقت والمكان المناسبين".