22-أبريل-2025
دونالد ترامب

مراسم تنصيب ترامب (رويترز)

أظهر استطلاعٌ للرأي أجرته وكالة "رويترز – إبسوس" انخفاض شعبية الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى أدنى مستوياتها منذ تسلّمه منصبه في كانون الثاني/يناير الماضي. وبيّن الاستطلاع أن تراجع معدّل التأييد العام لترامب يرتبط بالقلق الذي عبّر عنه الأميركيون المشاركون، بشأن مساعيه لتوسيع سلطاته على حساب المؤسسات الأميركية، سواء التشريعية أو التنفيذية، وحتى غير الحكومية، بما فيها الجامعات التي نالت نصيبها من تضييق سياساته، وعقابها على عدم الامتثال لتوجيهاته.

وقد أظهر الاستطلاع، الذي استمر ستة أيام، أن نسبة المؤيدين لأداء ترامب كرئيس بلغت 42% فقط، بانخفاض طفيف عن نسبة 43% المسجّلة في استطلاع أُجري قبل ثلاثة أسابيع، وبتراجع ملحوظ عن نسبة 47% التي حصل عليها أثناء تنصيبه في 20 كانون الثاني/يناير.

بمعنى آخر، فإن شعبية ترامب تراجعت بمعدل 5% في غضون أقل من أربعة أشهر، ما يعكس على الأرجح محدودية جاذبية سياساته لدى القطاع الأوسع من الأميركيين.

تراجعت شعبية ترامب بنسبة 5% في غضون فترة وجيزة لا تصل إلى 4 أشهر

سياسات متطرفة

بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولايته الرئاسية الثانية بإصدار عشرات الأوامر التنفيذية التي طالت الإدارات الحكومية، والمؤسسات الخاصة كـ الجامعات ومكاتب المحاماة، في مؤشر واضح على رغبته في توسيع صلاحياته لتشمل جميع مفاصل الدولة والمجتمع. وقد شكّل هذا التوجه، بحسب وكالة "رويترز"، مصدر قلق ليس فقط لخصومه السياسيين، بل أيضًا لعدد من مؤيديه في الحزب الجمهوري.

وأظهرت نتائج استطلاع أجرته "رويترز – إبسوس" أن كثيرًا من الأميركيين أعربوا عن عدم ارتياحهم لتحركات ترامب، خصوصًا محاولاته معاقبة الجامعات التي يعتبرها "ليبرالية مفرطة"، وتنصيب نفسه رئيسًا لمجلس إدارة مركز كينيدي، وهو أحد أبرز المؤسسات الثقافية والفنية في واشنطن.

وفي تفاصيل الاستطلاع، قال نحو 83% من أصل 4306 مشاركين إن على رئيس الولايات المتحدة الامتثال لأحكام القضاء الفيدرالي، حتى في حال عدم اتفاقه معها. وفي هذا السياق، أشارت "رويترز" إلى احتمال أن يواجه مسؤولون في إدارة ترامب تهماً بـ"ازدراء القضاء"، بعد تجاهلهم أمرًا قضائيًا بوقف ترحيل أشخاص متهمين بالانتماء إلى عصابة فنزويلية، من دون منحهم حق الاعتراض القانوني.

كما عبّر 57% من المشاركين – من بينهم ثلث الجمهوريين – عن رفضهم لفكرة "حجب التمويل عن الجامعات بسبب خلاف الرئيس مع إدارتها"، معتبرين أن ذلك يمثّل اعتداءً على استقلالية المؤسسات الأكاديمية.

ويبرّر ترامب إجراءاته ضد الجامعات بادعائه أنها "تفشل في التصدي لمعاداة السامية في الحرم الجامعي"، وهو ما دفعه إلى تجميد مليارات الدولارات من التمويل الفيدرالي، من بينها أكثر من ملياري دولار كانت مخصصة لجامعة هارفارد، ما دفع الجامعة إلى رفع دعوى قضائية يوم أمس الإثنين لوقف قرار تجميد تمويلها.

وفي سياق مشابه، أظهر الاستطلاع أن 66% من الأميركيين يرفضون تولّي الرئيس إدارة المؤسسات الثقافية الكبرى، كالمتاحف والمسارح الوطنية. وقد أمر ترامب في آذار/مارس الماضي مؤسسة "سميثسونيان" – وهي مجمع ضخم يضم متاحف وأبحاثًا تاريخية وثقافية – بإزالة ما وصفه بـ"الأيديولوجيات غير اللائقة"، في خطوة أثارت جدلاً واسعًا حول حرية التعبير والثقافة في البلاد.

قضايا الاقتصاد والهجرة

لا يقتصر التذمّر من سياسات ترامب على الشؤون السياسية والثقافية فحسب، بل يمتد أيضًا، وفقًا لاستطلاع أجرته "رويترز – إبسوس"، إلى قضايا أخرى مثل التضخم الاقتصادي، والضرائب، والهجرة، وسيادة القانون، والعلاقات الخارجية للولايات المتحدة.

وفي هذا السياق، أظهر الاستطلاع أن عدد الأميركيين الذين عبّروا عن رفضهم لأداء ترامب تجاوز عدد مؤيديه في جميع الملفات التي شملها الاستطلاع. حتى في ملف الهجرة، الذي يُعد من أبرز مجالات الدعم الشعبي له، أيده 45% من المشاركين، في حين رفضه 46%.

كما أشار نحو 59% من المشاركين – من بينهم ثلث الجمهوريين – إلى أن الولايات المتحدة تفقد مصداقيتها على الساحة الدولية بسبب سياسات ترامب الخارجية، التي تتسم بالنزعة الحمائية اقتصاديًا، وبالتنكر للتحالفات التقليدية سياسيًا.

يبدي الأميركيون خشيةً من توسّع سلطات ترامب

وبشأن مسألة الترشح لولاية رئاسية ثالثة، أبدى ثلاثة أرباع المشاركين في استطلاع "رويترز – إبسوس" رفضهم لهذا التوجه، رغم أن ترامب كان قد عبّر في وقت سابق عن رغبته في خوض غمار ولاية ثالثة، في مخالفة صريحة للدستور الأميركي الذي يمنع ذلك.

ولا يبدو أن هذا المسعى يحظى بتأييد داخل الحزب الجمهوري نفسه، إذ أظهرت نتائج الاستطلاع أن 53% من الجمهوريين المشاركين يعارضون ترشحه مجددًا.

يُذكر أن هامش الخطأ في الاستطلاع بلغ 2% فقط، وهي نسبة منخفضة نسبيًا في مجال الإحصاءات والاستطلاعات.

ورغم هذا التراجع في الشعبية، لا تزال مؤشرات ترامب أفضل من تلك التي حصدها سلفه الديمقراطي جو بايدن في استطلاعات مشابهة خلال نفس الفترات من ولايته، ما يعكس استمرار الاستقطاب الحاد في المشهد السياسي الأميركي.