31-يناير-2019

21% من مدارس اليمن غير صالحة للعملية التعليمية بسبب الحرب (UNICEF)

ألترا صوت - فريق التحرير

حالة من التسيّب والفساد على مستويات عدة، يعرفها قطاع التعليم في اليمن، خاصة التعليم المدرسي. وتتركز حالة التسيب هذه في المرحلة الثانوية العامة المؤهلة للجامعة.

حالة من التسيّب والفساد على مستويات عدة يعرفها قطاع التعليم في اليمن خاصة التعليم المدرسي، تتركز في الثانوية العامة

تخرج أديب عبدالرحيم من الثانوية العامة بمعدل 89%. يعترف عبدالرحيم أنه لولا الغش الذي انهال على لجنة الامتحانات لما كان له أن يحقق هذا المعدل. 

اقرأ/ي أيضًا: في اليمن.. الكتب المدرسية في السوق السوداء!

يعمل أديب عبدالرحيم (19 عامًا) لإعالة أسرته منذ كان في الـ13 من عمره، بعد وفاة والده. أثر ذلك بطبيعة الحال على مذاكرة دروسه. لكن تواطؤ إدارة المدرسة، وإدارة المركز الامتحاني، سهلت له ولزملائه عمليات الغش.

لكن المعدل الذي حصل عليه عبدالرحيم لن يشفع له عند التقديم للجامعة: "لن يؤهلني ذلك لاجتياز اختبارات القبول في الكليات. أحتاج إلى مجهود كبير كي أجتازها".

غش رسمي

هارون دحان من حافظة إب بوسط اليمن، تخرج من الثانوية العامة بمعدل 87%. يقول دحان: "لم أدخل المدرسة طوال العام الدراسي".

لم يكن دحان بحاجة إلى الكثير من الجهد للإجابة على أسئلة الامتحانات، فـ"الإجابة تدخل لنا اللجنة بعد تسليم أوراق الامتحان بنحو نصف ساعة، وكل ما علينا هو أن ننقل السؤال وإجابته إلى دفتر الإجابات".

لكنّ تغيّب هارون دحان عن الدراسة طوال العام، لم يكن تكاسلًا منه، وإنما بسبب "تغيّب معظم المعلمين الذين لم يتسلموا رواتبهم منذ نحو ثلاث سنوات".

التعليم في اليمن
كثير من المدارس في اليمن خاوية من الطلاب والمعلمين 

يؤكد هارون: "الغش مسموح به"، ولأجل ذلك يعتمده الطلاب، بسبب مشكلة في المنظومة التعليمية ككل: لا يوجد مدرسين بسبب عدم حصولهم على الرواتب. لا يوجد تعليم فلا يذهب الطلاب للمدارس. لا يذاكر الطلاب دروسهم لأنهم لم يتعلموها. وفي النهاية الغش رسميّ.

على مدار السنوات الثلاث الماضية، حصل نحو 70% من طلاب الثانوية العامة، على معدلات مرتفعة لا تتناسب مع قدراتهم وجهودهم الدراسية. والسبب الرئيسي في ذلك: تفشي الغش على مستوى رسمي. 

تسبب ذلك في زيادة نسبة العازفين عن دخول الجامعات بعد التخرج من الثانوية العامة، بسبب عدم تمكنهم من اجتياز اختبارات القبول في الكليات.

"أصبح الغش هو المسيطر على المدارس الحكومية، وباتت الرشوة والوساطة هما أساسا التعليم في اليمن"، ويقول فهد فرج، أستاذ مادة التربية الإسلامية، لـ"ألترا صوت". 

يؤكد فرج على تواطئ السلطات التعليمية في تسهيل عمليات الغش بالمدارس. ويقول: "أفسد الغش الطلاب اليمنيين، فأصبحوا يعتمدون على الغش بدرجة كبيرة. حتى الطلاب المجتهدين، لم يعودوا قادرين على المذاكرة، أو الدراسة".

وأشار فرج إلى أن التفشي الكبير لظاهرة الغش، بدأت بالتوازي مع بداية الحرب، أي منذ نحو ثلاثة أعوام، لافتًا إلى أن ضرب المؤسسة التعليمية هو الذي أدى في النهاية للغش: "إيقاف تسليم مرتبات المعلمين، فحرمان الطلبة من المناهج الدراسية، تؤدي لعملية الغش".

تدمير التعليم في اليمن

كل ذلك يؤدي في راي فهد فرج إلى "تدمير التعليم في اليمن، وبناء جيل جاهل". كثير من الطلاب اليمنيين يتخرجون من المدارس غير قادرين على القراءة والكتابة بشكل سليم، رغم تخرجهم بمعدلات مرتفعة!

ويمتد الأثر إلى الجامعة، إذ تشتكي أم وسيم، أستاذة النحو بقسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة صنعاء، من عدم قدرة معظم الطلاب المستجدين على القراءة والكتابة بطريقة سليمة، "وهناك عدد من الطلاب غير قادرين على القراءة تمامًا!"، كما تقول.

أثر غياب الدولة على التعليم

يرى الأكاديمي اليمني، عدنان الشعيبي، أن المشكلة تكمن في "انعدام الدولة الوطنية التي تعمل على توجيه التعليم المهني والفني والجامعي بما يخدم السوق المحلي والإقليمي". 

ومن جهته يرى الكاتب اليمني بشير حسن الزريقي، أن "من أسباب رداءة التعليم قي اليمن، غياب سوسيولوجية التنمية كعلم متخصص، يدرس الشروط الاجتماعية والثقافية لعملية التنمية الشاملة، والظواهر المصاحبة لها أو المترتبة عليها". 

ويؤكد متحدث "ألترا صوت" أن مؤسسات التعليم "تتصف ببؤس في نمط الإدارة، الأمر الذي انعكس في مجمل العمل الإداري والأكاديمي"، مشيرًا إلى أن "غياب الرؤية الإستراتيجية لهذه المؤسسات، جعل من الأداء الاكاديمي والتعليم المدرسي والجامعي معيارًا ثانويًا".

التعليم في اليمن
النظام التعليمي اليمني يعاني أزمة بنيوية تشمل كل مستوياته

"النظام التعليمي اليمني يعاني أزمة بنيوية تشمل كل مستوياته"، يقول بشير حسن الزريقي، معتبرًا أن التعليم اليمني ليس إلا انعكاسًا لأزمة الدولة وغياب مشروعها الحداثي.

ظلال الحرب على التعليم اليمني

خلال السنوات الأخيرة، تعرض قطاع التعليم في اليمن لأضرار هائلة طالت بنيته التحتية ومخرجاته، بسبب الحرب التي تشهدها البلاد، والتي أثرت على كافة مناحي الحياة عمومًا. 

وبحسب خطة الاستجابة الإنسانية للعام 2018، فإن 4.5 مليون طفل يمني في سن التعليم، خارج المدارس، بالإضافة إلى أن 21% من المدارس غير صالحة للعملية التعليمية. ولا يزال الوضع مرشحًا للتدهور خلال الأعوام القادمة في حال استمرت الحرب.

وعلى الرغم من أن عددًا كبيرًا من المدارس مازالت تعمل، إلا أن جودة التعليم متدنية في ظل أجواء الحرب التي انعكست ظلالها على حرمان المعلمين من الحصول على رواتبهم، فانقطع جزء كبير منهم عن التدريس.

وواجه أكثر من 166 ألف مُعلّم يمني صعوبات في تلقي رواتبهم منذ تشرين الأول/أكتوبر 2016، بما يمثل نحو 73% من إجمالي المعلمين في اليمن.

 خلال السنوات الأخيرة تعرض قطاع التعليم في اليمن لأضرار هائلة طالت بنيته التحتية ومخرجاته بسبب الحرب التي تشهدها البلاد

كما انعكست ظلال الحرب على صعوبة طباعة وتوزيع المناهج الدراسية على المدارس، ووصول الطلبة أنفسهم إلى المدارس لما يمثله ذلك من خطر محتمل في العديد من مناطق اليمن، على خلفية الحرب أيضًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

اليمن.. عامٌ دراسي دون مدارس

غموض يكتنف مصير طلاب اليمن في الخارج