اعتبر معهد دراسات الحرب الأميركي أن السقوط السريع لنظام بشار الأسد يشكل هزيمة استراتيجية وسياسية للكرملين، ويضع موسكو في أزمة تتعلق بتحديات الحفاظ على قواعدها العسكرية داخل سوريا.
وجاء في التقرير الذي نشره المعهد، أمس الأحد، أن التدخل الروسي في عام 2015 كان يهدف إلى تأمين بقاء نظام بشار الأسد في أعقاب الثورة الشعبية التي اندلعت عام 2011، ضمن موجة ثورات الربيع العربي التي اجتاحت عدة دول عربية.
أشار المعهد إلى أن عجز روسيا عن دعم نظام بشار الأسد أو إقرارها بذلك في ظل التقدم السريع لفصائل المعارضة المسلحة في سوريا سيؤثر سلبًا على مصداقيتها كشريك "أمني موثوق وفعّال" عالميًا
لطالما نظر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى "الثورات الملونة" التي أفضت إلى ظهور حكومات ديمقراطية جديدة في دول الاتحاد السوفييتي السابق على أنها تهديد لاستقرار نظامه وأمنه.
كما عارض بوتين، على نطاق أوسع، الحركات الاحتجاجية التي تستهدف الحكام المستبدين المتحالفين مع الكرملين حول العالم، حيث يرى أن هذه الحركات تقوض جهوده لإقامة عالم متعدد الأقطاب تلعب فيه روسيا وحلفاؤها دورًا رئيسيًا.
🎥 "مافي للأبد.. عاشت سوريا وسقط الأسد".. مظاهرة سوريّة في #لندن تحتفل بسقوط بشار الأسد. pic.twitter.com/wPaMU3vMjV
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) December 9, 2024
وأشار المعهد إلى أن عجز روسيا عن دعم نظام بشار الأسد أو إقرارها بذلك في ظل التقدم السريع لفصائل المعارضة المسلحة في سوريا، سيؤثر سلبًا على مصداقيتها كشريك "أمني موثوق وفعّال" عالميًا، مما يُضعف قدرة بوتين على كسب الدعم لعالمه متعدد الأقطاب.
ونقل المعهد عن تقارير تُفيد بأن الكرملين أجرى اتصالات مع قادة من المعارضة السورية لضمان أمن قواعده العسكرية في سوريا، دون تحديد هوية هؤلاء القادة. إلا أن ملامح هذه الترتيبات ومدى استمراريتها تبقى غير واضحة، في ظل التحولات السياسية المتسارعة على الأرض.
ولم تحدد التقارير ما إذا كانت هذه الاتصالات تتعلق بقاعدة حميميم الجوية قرب مدينة اللاذقية، أو القاعدة البحرية في ميناء طرطوس، أو بقواعد أخرى مثل القاعدة العسكرية الروسية في مطار القامشلي بشمال شرق سوريا.
بدورها، صرحت وزارة الخارجية الروسية بأنها على اتصال بجميع فصائل المعارضة السورية، مؤكدة أن جميع القواعد العسكرية الروسية في حالة تأهب قصوى. كما لفت المعهد إلى أن السلطات الروسية خففت لهجتها تجاه المعارضة السورية، حيث بدأت تصفها بـ"المجموعات المعارضة" بدلاً من "المجموعات الإرهابية"، وهو تحول ملحوظ في الخطاب الرسمي.
#الكرملين يصرح بأنه "لا يوجد اجتماع مقرر بين #بوتين والأسد حاليًا ومن السابق لأوانه الحديث عن مستقبل القاعدتين العسكريتين الروسيتين في #سوريا" pic.twitter.com/t4vlqN4GMW
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) December 9, 2024
واعتبر المعهد أنه حتى لو تمكنت روسيا من الاحتفاظ ببعض أو كل قواعدها في سوريا، فإن ذلك سيُعد خسارة جيوسياسية كبيرة، حيث سيظل وجودها العسكري تحت رحمة فصائل المعارضة.
وأشار التقرير إلى أن خسارة القواعد الروسية في سوريا ستؤثر بشكل كبير على قدرة موسكو على التحرك والعمل في القارة الإفريقية. فقد استخدمت روسيا قاعدتها البحرية في طرطوس لتعزيز وجودها في البحر الأبيض المتوسط، وتهديد الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي (الناتو). كما أن هذا الوجود العسكري كان يربط بين أسطول روسيا في البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط.
من المرجح أن يؤدي فقدان القواعد الروسية في سوريا إلى تعطيل الخدمات اللوجستية الروسية، مما يُضعف عملياتها العسكرية، خاصة في ليبيا وجنوب الصحراء الكبرى. ورغم أن روسيا قد تحاول الاستفادة من وجودها في ليبيا أو السودان كبديل، إلا أن غياب الاتفاقيات الرسمية والبنية التحتية غير الكافية في هذه الدول يجعل هذه الخيارات غير مجدية بشكل كافٍ.