كشف تقرير صحفي أن منشئي محتوى إسرائيليين حققوا مئات الآلاف من المشاهدات عبر مشاركتهم في تحدٍ جديد على منصة "تيك توك"، يسخرون فيه من معاناة الأطفال الفلسطينيين ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في انتهاك صارخ للقيم الإنسانية والحقوق الأساسية للأطفال المتضررين من النزاعات.
وبحسب موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، يتظاهر المشاركون في هذه المقاطع بأنهم ممثلون لمنظمة إنسانية وهمية، ثم يتصلون بأفراد عائلاتهم وأصدقائهم طالبين التبرع لصالح الأطفال الفلسطينيين. وغالبًا ما يكون رد المتلقين غاضبًا، مصحوبًا بالشتائم، قبل أن يكشف المتصلون عن هويتهم الحقيقية، ليتم نشر المقاطع على أنها "مقالب فكاهية".
محتوى ساخر وتحريض على الكراهية
يشارك في هذا التحدي العديد من المؤثرين الإسرائيليين على منصات التواصل الاجتماعي، من بينهم ياكير بار زوهار، الذي نشر مقطع فيديو يظهر فيه وهو يطلب تبرعات من المارة لصالح أطفال غزة. ووفقًا للموقع البريطاني، حصد المقطع آلاف الإعجابات والمشاركات، حيث وافق أحد الأشخاص على التبرع لـ"الأطفال الجائعين"، لكن بار زوهار سخر منه متسائلًا إن كان متأكدًا من رغبته في مساعدة "أطفال سيصبحون إرهابيين".
انتشرت العديد من مقاطع الفيديو المشابهة على "تيك توك"، معظمها لشباب ومراهقين، فيما كان بعضها الآخر من إنتاج جنود إسرائيليين، حسب "ميدل إيست آي"
كما انتشرت العديد من مقاطع الفيديو المشابهة على "تيك توك"، معظمها لشباب ومراهقين، فيما كان بعضها الآخر من إنتاج جنود إسرائيليين، حسب "ميدل إيست آي". حيثُ تظهر في أحد المقاطع، التي كتب عليها تعليق: "مزحنا مع والدي (اليميني المتطرف) وقلنا له إننا نتبرع للأطفال في غزة"، تطلب جندية جيش الاحتلال من والدها التبرع للأطفال في غزة لأنهم "بحاجة إلى رعاية أيضًا".
ويضيف الموقع البريطاني أن الأب يرد بغضب على الجندية بالقول: "دعهم يذهبون إلى الجحيم، وكل من يتبرع لهم كذلك"، قبل أن يطلق سيلًا من الشتائم تجاه "الممثل الإنساني"، لتكشف له ابنته هويتها وتنفجر ضاحكة.
New trend on TikTok: Israelis calling their dads and asking them “if they want to donate for children in Gaza” to see their reactions. (ill let u imagine their reactions). pic.twitter.com/NyqS7Wy9lb
— 🍉🕊️ (@tiredpali) March 2, 2025
وفي مقطع آخر رصد "ميدل إيست آي"، تسأل شابة والدتها إن كانت ترغب في التبرع للأطفال "الأبرياء" في غزة، فترد الأم قائلة: "أطفال غزة الأبرياء؟ لا يوجد شيء كهذا". ثم تتابع قائلة: "أتمنى لهم الموت بأبشع الطرق، أن يموتوا بالعذاب، بالرجم، أن يحترقوا في الجحيم، وكل من هناك معهم". فيما يقول أحد الآباء في مقطع آخر إنه سيكون سعيدًا باستضافة أطفال من غزة في منزله، قبل أن يضيف: "سأربطهم في عمود".
أثر الحرب الإسرائيلية على أطفال غزة
تسبب العدوان الإسرائيلي على غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 بآثار مدمرة على الأطفال في قطاع غزة. ووفقًا لبيانات وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، فإن العدوان أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 14,500 طفل، بالإضافة إلى إصابة الآلاف، فيما تُرك نحو 17 ألف طفل دون رعاية أو ذويهم.
كما تسبب العدون بالنزوح القسري لما يقارب مليون طفل، منهم من أُجبر على النزوح لأكثر من مرة خلال الأشهر الـ16 الماضية. وتقول وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 35 ألف طفل قد فقدوا أحد أمًا أو أبًا، مع وجود أطفال أطفال فقد الأب والأم معًا بحلول تشرين الأول/أكتوبر 2024.
وبالإضافة إلى القتل والإصابات الناتجة عن القصف الإسرائيلي، يواجه الفلسطينيون أزمة جوع حادة وخطر المجاعة، حيث خلص أحد خبراء الأمم المتحدة إلى أن إسرائيل تنفذ "حملة تجويع متعمدة وممنهجة"، تقتل الناس أكثر من القنابل والرصاص، بحسب "ميدل إيست آي"، الذي أشار إلى أن تقارير سابقة أكدت أن أطفال فلسطينيين رُضّع لقوا حتفهم جوعًا أو تجمدوا حتى الموت نتيجة انعدام الغذاء والمأوى.
ووفقًا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA)، تم تشخيص أكثر من ثلاثة آلاف طفل، بالإضافة إلى ألف امرأة حامل أو مرضعة في غزة، بسوء التغذية الحاد منذ كانون الثاني/يناير الماضي. وعلى الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار بين جيش الاحتلال وحركة "حماس"، فإن إعادة فرض الحصار على القطاع من قبل جيش الاحتلال أثار المخاوف من تفاقم أزمة المجاعة، مما يهدد حياة آلاف المدنيين، لا سيما الأطفال والنساء
انتشار الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي
أشار "ميدل إيست آي" إلى أن هذه المقاطع الساخرة حظيت بتفاعل واسع، حيث أشاد العديد من المعلقين بها ووصفوها بأنها "مضحكة" و"ذكية"، فيما أيد آخرون بشدة التصريحات العدائية التي أطلقها آباء المتصلين. حيثُ علق أحد المستخدمين قائلًا: "لا يوجد أبرياء في غزة، من الصغار إلى الكبار"، وحصد على هذا التعليق أكثر من ألف إعجاب.
كما تطلب شابة، في واحد من أكثر مقاطع الفيديو انتشارًا، التبرع لأن "نحن نهدم منازلهم، ويجب أن نعيد بناءها لهم"، ليرد عليها والدها غاضبًا: "سأهدم منزلك أنت أيضًا"، قبل أن يواصل توجيه الشتائم والتهديدات لها طوال المكالمة. وقد حصل هذا الفيديو على أكثر من 100 ألف إعجاب و3,500 تعليق.
ورغم الدعم الواسع لهذه المقاطع، فإن إعادة مشاركتها على منصات اجتماعية أخرى قوبل بإدانة واسعة، ووصفت بأنها "مليئة بالكراهية" و"تجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم"، حسب "ميدل إيست آي".
عدم دخول المساعدات الإغاثية ستكون له "عواقب وخيمة"
حذّرت المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، روزاليا بولين، في مقابلة لها قبل يومين، من أن استمرار تعذّر إدخال المواد الإغاثية إلى قطاع غزة "ستكون له عواقب وخيمة على أرض الواقع"، خاصة على الأطفال وأولياء أمورهم. وشددت على أنه "إذا لم نتمكن من إيصال تلك الإمدادات، فإن التطعيم الروتيني سيتوقف"، مضيفةً أن "وحدات العناية بالأطفال حديثي الولادة لن تتمكن من رعاية الأطفال الخدّج".
وأكدت بولين في المقابلة أن "هذه عواقب حقيقية سنواجهها قريبًا جدًا إذا لم يُستأنف دخول إمدادات المساعدات"، مشيرةً إلى أن الاحتياجات "مرتفعة للغاية، لدرجة أننا لم نتمكن من تخزين السلع مسبقًا".
بلدية غزة تحذر من كارثة تهدد حياة المواطنين مع تراكم أكثر من 170 ألف طن من النفايات في المدينة.
اقرأ أكثر: https://t.co/NwVDPk4Q1O pic.twitter.com/JInPGKv0Qi— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) March 4, 2025
وأعادت التشديد على أن القيود الأخيرة "مدمرة للغاية" لأن المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار "لم تكن مجرد توقف للأعمال العدائية، بل كانت حقًا شريان حياة للأسر هنا". وأضافت بولين أن: "المزاج هنا كئيب للغاية. الأسر التي أتحدث معها قلقة للغاية بشأن ما يحمله المستقبل".
من جانبه، قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" أن حوالي 8% من أطفال غزة يستهلكون أربع مجموعات غذائية أو أكثر. وحسب بولين، فإن الأمم المتحدة تمكنت "من البدء في زيادة إنتاج المياه، وخاصة في الشمال"، مضيفة أن فرق الأمم المتحدة قامت "بإصلاح آبار المياه"، بالإضافة إلى "زيادة إمكانيات التوزيع"، قبل أن تضيف محذرة من توقف الخدمات نتيجة الحصار الذي يفرضه جيش الاحتلال القطاع.
وكان رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، قد أعلن الأحد، وقف إدخال جميع البضائع والمساعدات إلى غزة، حيث أعاد جيش الاحتلال جميع شاحنات الإغاثة التي كانت تنتظر عند معبر كرم أبو سالم دون السماح لها بالعبور. في المقابل، أفادت تقارير منفصلة بأن الاحتلال يخطط لقطع المياه والكهرباء عن القطاع، في حال لم توافق حركة حماس على إطلاق سراح المزيد من المحتجزين الإسرائيليين لديها، وفقًا لما نقله"الترا فلسطين".