19-مارس-2019

تتسابق السعودية والإمارات للسيطرة على محافظة المهرة اليمنية (تويتر)

جعلت الرغبة في الهيمنة على الأراضي اليمنية، واستغلال ضعف حكومة الرئيس هادي والأطماع الاقتصادية، الإدارة السعودية الجديدة بقيادة ولي العهد صاحب السجل الحقوقي الأسود، محمد بن سلمان، تغامر بقواتها العسكرية دافعة بها إلى محافظة المهرة، البوابة الشرقية للبلاد.

 تشير تقارير إلى أن هناك مساع سعودية لمد أنابيب النفط من صحراء الربع الخالي إلى بحر العرب، للالتفاف حول مضيق هرمز الذي تشرف عليه سلطنة عمان وإيران

يتوسع الصراع الإماراتي والسعودي في السيطرة على محافظة المهرة يومًا بعد آخر، ففي وقت تسعى فيه الإمارات لإنشاء مليشيات مسلحة تتبع المجلس الانتقالي الداعي إلى انفصال الجنوب، تسعى السعودية لاستبدال القوات الحكومية، بقوات عسكرية سعودية، من أجل إحكام السيطرة على المحافظة، لتنفيذ مشاريعها الاقتصادية.

اقرأ/ي أيضًا: تمدد الانتقالي في جنوب اليمن.. تقسيم البلاد برعاية أبوظبي!

في هذا السياق، قوبلت طموحات الاحتلال السعودي الإماراتي، برفض شعبي ومظاهرات حاشدة واعتصامات لأبناء المهرة، ضد التواجد السعودي، وتهديد باستخدام القوة في حال رفضت السعودية الخروج من المحافظة. حيث تزعم الرياض أن تواجدها في المنطقة، يهدف إلى مكافحة تهريب السلاح للحوثيين عبر محافظة المهرة، ومحاربة الإرهاب، على الرغم من بقاء المحافظة بعيدًا عن الصراع الدائر بين الحوثيين، وقوات هادي المدعومة بالتحالف السعودي الإماراتي نفسه.

 غير أن تقارير عديدة، تشير إلى أن هناك مساع سعودية لمد أنابيب النفط من صحراء الربع الخالي إلى بحر العرب، للالتفاف حول مضيق هرمز الذي تشرف عليه سلطنة عمان وإيران، وهو ما تسعى المملكة إلى تحقيقه، بالإضافة إلى احتلال المناطق النفطية في محافظة المهرة.

تواطؤ حكومي

لم تكن الرياض تتجرأ على الدخول إلى الأراضي المهرية، حسب مراقبين، لولا تواطؤ الرئيس اليمني المقيم في السعودية عبدربه منصور هادي، والسلطة المحلية في المحافظة ممثلة بمحافظ المحافظة راجح باكريت، الذي يعمل على تغطية تحركات القوات السعودية في المحافظة.

ونشرت القوات السعودية التي تتخذ من مطار الغيظة عاصمة المحافظة، مقرًا لقواتها العسكرية والمليشيات التي جندتها مؤخرًا في سواحل المهرة، التي تمتلك أكبر شريط ساحلي في اليمن، مانعة السكان من الصيد في البحر، وعمدت إلى تحويل المقرات الحكومية والموانئ إلى ثكنات عسكرية تابعة لها.

كما أنشأت الرياض نحو 20 موقعًا عسكريًا في مناطق متفرقة بالمهرة، فهي تقيم 5 مواقع وثكنة عسكرية في مديرية المسيلة التي تحظى بأهمية استراتيجية في المحافظة، وخمس ثكنات عسكرية، في مديرية سيحوت الواقعة على بحر العرب، جنوب غرب المهرة، فضلًا عن معسكر كبير في قرية درفات التابعة لهذه البلدة الساحلية، ومعسكرات في مديرية شحن الحدودية مع عمان.

أما مدينة الغيضة، فقد حولتها المملكة إلى ثكنة عسكرية، حيث يوجد فيها 5 مواقع لقواتها، بالإضافة إلى معسكر كبير في منطقة "لوسيك"، وكذا مطار المدينة الذي بات قاعدة عسكرية، وتتم من خلاله إدارة كل الثكنات الأخرى في المهرة، بحسب مصادر إعلامية.

يلاقي ذلك جميعه، رفضًا شعبيًا يمنيًا واسعًا، حيث إن استحداث القوات السعودية لمواقع عسكرية جديدة في المناطق الساحلية ومنع أبناء المحافظة من الصيد في السواحل، لا يعني سوى حرمان المئات من الصيادين من مصدر رزقهم، وتحويل المراكز الحيوية الى مراكز عسكرية، الأمر الذي فاقم من معاناة السكان.

رفض شعبي واسع

على غرار النخب الحضرمية، والأحزمة الأمنية، التابعة له في محافظات عدن وحضرموت وشبوة والضالع، يسعى المجلس الانتقالي الموالي للإمارات لتشكيل مليشيا مسلحة تحت إشرافه في محافظة المهرة، تقوض سلطة الحكومة اليمنية، وتناقض توجهاتها.

ردًا على ذلك، بدأت مطلع العام الماضي الاحتجاجات الشعبية ضد تواجد القوات السعودية، حيث خرج المئات من سكان المحافظة في تظاهرات سلمية حاشدة واعتصامات في مدينة الغيظة رافضة لسياسات الرياض وهيمنتها على منفذي شحن وصرفيت وميناء نشطون ومطار الغيظة الدولي.

وأكد الشيخ علي سالم الحريزي وكيل المحافظة السابق، أن أبناء المهرة لن يسمحوا باقامة أي مليشيا في المهرة، ويرفضون الزج بهم لخلق الفوضى والاضطراب والصراع. وأضاف الحريزي، الذي يعد من أبرز مشائخ القبائل في المهرة،  في تصريح صحفي: "سنكون بالمرصاد لمن تسول له نفسه تكوين مليشيات في المحافظة أو العبث بأمنها واستقرارها".

لم  يتوقف الحراك الشعبي في محافظة المهرة، لكنه بدأ يتخذ منحىً آخر، بعد  أن كان سلميًا خلال الأشهر الماضية،  حيث أطلق مسلحون قبليون النار باتجاه قاطرات تابعة للسعودية بين مديريتي شحن وحات الخميس الماضي، أدى إلى إصابة جنديين من الجيش اليمني، قبل أن تتدخل وساطة محلية لنزع فتيل الاشتباكات.

وحذرت قبائل المهرة في بيان لها، السعودية والمليشيات المسلحة في المحافظة من التصعيد أو محاولة السيطرة على المديريات والقرى. وأكدت رفضها نشر جنود سعوديين أو مليشيات تتبعهم في أي منطقة في المحافظة. واعتبرت القبائل ذلك تعديًا وتحديًا واضحًا لإرادة أبناء محافظة المهرة وفرض أجندة السعودية بالقوة، مؤكدة أنه في حال عدم الالتزام بهذا النداء لن تظل قبائل محافظة المهرة مكتوفة الأيادي.

اقرأ/ي أيضًا: مارتن غريفيث في صنعاء مجددًا.. قفزة في هواء اتفاق ستوكهولم

إلى ذلك، اتهمت لجنة الاعتصام في محافظة المهرة، السعودية بإنشاء سجون سرية لاعتقال المواطنيين المناوئين لوجودها، بالإضافة إلى إنشاء مليشيات مسلحة لنشر الفوضى، في المحافظة المسالمة.

قوبلت طموحات الاحتلال السعودي الإماراتي، برفض شعبي ومظاهرات حاشدة واعتصامات لأبناء المهرة

لم يكن التخلص من التهديدات الحوثية لأمن المملكة وحده هو ما دفع السعودية للتدخل في الحرب على اليمن، بل أن أطماعها في خيرات اليمن، وسعيها إلى تعطيل الحركة الاقتصادية، والتجارية للبلاد، هو ما جعلها تنفق مليارات الدولارات لاستمرار الحرب التي اندلعت مطلع العام 2015، وهو ما يدركه السكان المحليون، ويحاولون الاحتجاج عليه بكافة الطرق الممكنة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 زيارات غريفيث المتكررة إلى صنعاء.. تراكم للفشل!