08-أغسطس-2021

تحذيرات أممية من تدهور الأوضاع في أفغانستان (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

بعد ساعات فقط من سيطرتها على مدينة "زرنج"، عاصمة ولاية "نيمروز" الواقعة في أقصى جنوب أفغانستان، سيطرت حركة طالبان على مدينة شبرغان، لتصبح ثاني عاصمة ولاية تستولي عليها الحركة في 24 ساعة، منذ شنها هجومًا واسعًا على عدد من المناطق الأفغانية بالتزامن مع آخر مراحل انسحاب القوات الأجنبية من البلاد.

بعد ساعات فقط من سيطرتها على مدينة "زرنج"، عاصمة ولاية "نيمروز"، سيطرت حركة طالبان على مدينة شبرغان، لتصبح ثاني عاصمة ولاية تستولي عليها الحركة في 24 ساعة

هذا وانتقد مسؤولون محليون ما وصفوه بتخاذل قوات الحكومة  في الدفاع عن زرنج، وقالت نائبة حاكم الولاية روح غل خيرزاد إن  "المدينة سقطت دون قتال"، وتابعت "كانت المدينة تحت التهديد لفترة، لكنّ أحدًا من الحكومة المركزية لم يستمع لنداءاتنا"، فيما صرح المتحدث باسم الشرطة في الإقليم أن "زرنج" سقطت بسبب نقص التعزيزات من الحكومة في كابول.

اقرأ/ي أيضًا: تقرير: واشنطن تبحث عن قواعد بديلة بعد الانسحاب من أفغانستان

وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع لمسلحين يجوبون الشوارع فيما يحييهم سكان محليون، وقال متحدث باسم "طالبان" على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" إن المقاتلين حرروا بالكامل الإقليم وسيطروا على مبان استراتيجية منها منزل الحاكم ومقر الشرطة والمباني الرسمية الأخرى.

وفي الشمال من أفغانستان، اندلع قتال عنيف في مدينة  "شبرجان"، عاصمة إقليم "جوزجان"، فيما استولت  قوات حركة "طالبان" على بعض المواقع الرئيسية في المدينة بما في ذلك السجن الإقليمي، وقالت قناة "طلوع نيوز" التلفزيونية الأفغانية إن حركة طالبان أصدرت مقطع فيديو السبت، يظهر فرار السجناء من سجن "جوزجان"، وسيطرت الحركة على مجمع حاكم الإقليم الجمعة، لكن القوات الحكومية الأفغانية استعادته في وقت لاحق، غير أن مصدر محلي في المدينة  ذكر أن طالبان أعادت السيطرة على مجمع حاكم الإقليم ومبنى البلدية وسجن "جوزجان".

وكانت وزارة الدفاع الأفغانية قد أعلنت الجمعة، عن مقتل 50 مقاتلًا من مسلحي حركة "طالبان" في غارات جوية وعمليات عسكرية في محافظة هلمند، كما أعلنت عن مقتل أكثر من 60 مسلحًا أخر في غارات جوية علي محافظة "جوزجان" شمال البلاد، إلا أنه لم يتسن التأكد من هذه الأرقام، وكثيرًا ما يبالغ الطرفان في أعداد الضحايا المعلنة من الجانبين، ما يجعل التحقق من الأرقام أمرًا شبه مستحيل.

هذا وأعلنت وزارة الداخلية الأفغانية الجمعة، أنه تم اغتيال "داوا خان مينابال" رئيس قسم الإعلام التابع للحكومة في كابول، بعد أيام من تحذير حركة "طالبان" بأنها ستستهدف كبار المسؤولين ردًا على القصف الجوي المكثّف ضد عناصرها، وقال الناطق باسم وزارة الداخلية "ميرويس ستانكزاي": "للأسف، ارتكب الإرهابيون المتوحشون عملًا جبانًا آخر، وقتلوا أفغانيًا وطنيًا"، أما الناطق السابق باسم الرئاسة الأفغانية "صديق صدّيقي" فقال: "إنه مصدوم تمامًا ومحطّم"، وأضاف "خسرنا روحًا أخرى عظيمة". وفي تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قال القائم بالأعمال الأمريكي روس ويلسون، إنه يشعر بالحزن والاستياء لوفاة مينابال، وأضاف إنه كان يقدم معلومات صحيحة لجميع الأفغان، ليؤكد أن "هذه الجرائم وصمة عار على جبين حقوق الإنسان وحرية التعبير في أفغانستان".

وأعلنت حركة "طالبان" مسؤوليتها عن العملية، وبعث الناطق باسمها ذبيح الله مجاهد رسالة إلى وسائل الإعلام قال فيها إن مينابال "قتل في هجوم خاص نفّذه المجاهدون"، ويعد "داوا خان مينابال" من بين أبرز الأصوات في الحكومة الأفغانية ويأتي استهدافه بعد يوم من نجاة وزير الدفاع بسم الله محمدي من هجوم استهدف منزله في العاصمة كابول بالأسلحة والقنابل.

من جهة أخرى دعت موفدة الأمم المتحدة إلى أفغانستان ديبورا لايونز حركة "طالبان" إلى وقف الهجمات على المدن، وطالبت مجلس الأمن الدولي بتوجيه تحذير واضح إلى المتمردين، وهددت الموفدة الأممية  بعدم تجديد الإعفاءات التي تتيح لممثلي حركة "طالبان" بالتنقل والسفر رغم العقوبات المفروضة ونبّهت إلى أن هذه الإعفاءات موجودة فقط للسماح لهم بالمشاركة في مفاوضات السلام، وتجديدها سيبقى رهنًا بالتقدم الفعلي على الجبهة الدبلوماسية، وأضافت: "لدينا اليوم فرصةٌ لإثبات التزام مجلس الأمن الدولي والمجتمعين الإقليمي والدولي بمنع أفغانستان من السقوط في وضعٍ كارثيّ وخطر إلى درجة لا مثيل لها خلال هذا القرن". وشددت على ضرورة تحرك مجلس الأمن  بوحدةٍ وسرعةٍ لتفادي السيناريوهات الاسوأ.

 بدوره قال فاسيلي نيبينزيا سفير روسيا لدى الأمم المتحدة "إن بوادر انحدار أفغانستان إلى حرب أهلية شاملة وطويلة حقيقة صارخة، فيما حث الدبلوماسي الأمريكي جيفري ديلورينتيس حركة "طالبان" على وقف هجومها والسعي إلى تسوية سياسية وحماية البنية التحتية لأفغانستان وشعبها.

كما صرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي بأن "التصرفات الأخيرة للحركة لن تساعدها في كسب شرعية دولية"، وأضافت في إفادة صحفية "في رأينا أنه إذا كانت طالبان تزعم أنها تريد شرعية دولية، فإن هذه التصرفات لن تجعلها تحصل على تلك الشرعية التي تسعى إليها". ودعا الاتحاد الأوروبي إلى "وقف عاجل وكامل ودائم لإطلاق النار" في أفغانستان، مندِّدًا بتكثيف حركة "طالبان" هجماتها الدموية.

 دعت موفدة الأمم المتحدة إلى أفغانستان ديبورا لايونز حركة "طالبان" إلى وقف الهجمات على المدن، وطالبت مجلس الأمن الدولي بتوجيه تحذير واضح إلى المتمردين

من جانبها، حذرت بريطانيا جميع مواطنيها في أفغانستان بضرورة مغادرة البلاد على الفور بسبب تدهور الوضع الأمني  مع اشتداد المعارك بين "طالبان" والقوات الحكومية، وقامت وزارة الخارجية بتحديث المعلومات المتعلقة بأفغانستان على موقعها الإلكتروني لتنصح بعدم السفر إلى هناك مهما كان السبب، كما ناشدت جميع الرعايا البريطانيين في أفغانستان بضرورة المغادرة، قائلة "اذا كنتم لا تزالون في أفغانستان ننصحكم بالمغادرة الآن بسبب تدهور الوضع الأمني".

 

اقرأ/ي أيضًا:

رغم الوعود بانسحاب كامل.. قرار أمريكي بالإبقاء على مئات الجنود في أفغانستان

 تقدير موقف: السياسة الخارجية لإدارة بايدن.. المقاربة الفكرية والملامح الرئيسة