29-نوفمبر-2024
الجيش اللبناني

(Getty) انتشار الجيش اللبناني في مناطق التصعيد

لم تنتظر إسرائيل يومًا واحدًا بعد اتفاق وقف إطلاق النار، إذ عاودت عمليات القصف على أكثر من موقع في الجنوب اللبناني، وتحديدًا في صيدا، ما عرّض الاتفاق للخطر. ويطرح هذا الخرق، الذي يُتوقَّع أن يتكرّر، تحديات كبيرة على الجيش اللبناني، الذي سينتشر على طول الحدود لبسط سلطة الدولة في المناطق الحدودية، والفصل بين إسرائيل وحزب الله بموجب الاتفاق الأخير.

لكن التحديات التي ستواجه القوات المسلحة اللبنانية لا تقتصر على ذلك، بل تتجاوز إلى نوعية تسليح الجيش والدعم المالي اللازم لبسط سيطرته على المنطقة، في ظل استمرار تداعيات الأزمة الاقتصادية التي ضربت لبنان في أواخر عام 2019، وألحقت ضررًا كبيرًا بالمؤسسة العسكرية، التي اضطرت لاتخاذ إجراءات تقشفية شملت العديد من النفقات.

ومع بدء مئات الآلاف من اللبنانيين العودة إلى منازلهم، خاصة في أقضية صور وبنت جبيل ومرجعيون، حيث توجد القوات الإسرائيلية على مقربة من تلك المناطق، أصدر الجيش اللبناني توجيهات بعدم الاقتراب من المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، الذي لن يُكمل انسحابه من المنطقة إلا بعد 60 يومًا.

ويُضيف ذلك تحديًا آخر للجيش، الذي اكتوى بنيران العدو الإسرائيلي خلال الأعمال القتالية، مع احتمالية وقوع احتكاكات قبل اكتمال الانسحاب.

وبما أن واشنطن وباريس تعتزمان العمل ضمن اللجنة التقنية العسكرية للبنان (MTC4L)، يُرجّح أن تلعبا دورًا محوريًا في توفير ما يلزم للجيش اللبناني لتنفيذ المهام الموكلة إليه بموجب الاتفاق.

تواجه القوات المسلحة اللبنانية تحديات تتجاوز الانتشار، تشمل نقص التسليح والدعم المالي، نتيجة تداعيات الأزمة الاقتصادية منذ 2019 التي أثرت بشدة على قدراتها

يشار في هذا الصدد إلى أنّ مؤتمر باريس الذي انعقد تشرين الأول/أكتوبر الماضي أعلن نجاحه في جمع 800 مليون دولار من المساعدات الإنسانية و200 مليون دولار لمساعدة القوات الأمنية اللبنانية.

لكنّ هذه الأرقام تعتبر مخيّبةً لآمال اللبنانيين بالمقارنة مع حجم الخسائر وحاجيات الجيش اللبناني.

وأمام هذه الوضعية لم يجد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بدًّا من مطالبة المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية إلى تحمّل مسؤولياتها حتى تتمكن الحكومة من تطبيق القرار الدولي 1701 ويعزز الجيش حضوره في الجنوب.

تحدي نقص العديد والعتاد

في هذا السياق، يُذكر أن مؤتمر باريس، الذي انعقد في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أعلن عن نجاحه في جمع 800 مليون دولار من المساعدات الإنسانية، و200 مليون دولار لدعم القوات الأمنية اللبنانية. ومع ذلك، فإن هذه الأرقام تُعتبر مخيّبة للآمال مقارنة بحجم الخسائر وحاجات الجيش اللبناني.

وفي مواجهة هذا الوضع، دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية إلى تحمّل مسؤولياتها، حتى تتمكّن الحكومة من تنفيذ القرار الدولي 1701، وتعزيز حضور الجيش في الجنوب.

ونقل موقع العربي الجديد عن العميد المتقاعد في الجيش اللبناني، أكرم سريوي، قوله: "أبرز التحديات التي تواجه الجيش اللبناني اليوم هي نقص العديد والعتاد اللازمين لتنفيذ المهام الكبيرة الموكلة إليه. فالجيش يقوم بعمليات حفظ الأمن في كافة المناطق اللبنانية، إضافة إلى انتشاره على الحدود مع سوريا وفي الجنوب. ومنذ بدء الأزمة الاقتصادية، لم يتم تطويع عناصر جدد سوى في حالات استثنائية، وبأعداد قليلة لم تعوّض النقص الناتج عن حالات الإحالة على التقاعد أو الاستقالات".

وأضاف سريوي: "أما على مستوى التجهيز، فهناك نقص في الأسلحة والعتاد والآليات اللازمة، وحتى عمليات الصيانة وتأمين قطع الغيار تعاني من غياب التمويل الكافي من الدولة اللبنانية".

وأشار إلى أن أبرز نقاط قوة الجيش هي "ثقة المواطنين به، والكفاءة القتالية العالية، والانضباط الصارم لعناصره على كافة المستويات، وابتعاده عن السياسة، ما أكسبه حصانة وطنية، حيث لم تنخرط قيادته في المناكفات السياسية الداخلية، وحرصت على تنفيذ القوانين وقرارات مجلس الوزراء".

وأردف: "أما بالنسبة لما يحتاجه الجيش، فهو ما يحتاجه أي جيش: أسلحة حديثة، وتمويل كافٍ للمجهود الحربي، بما يتناسب مع حجم المهام والتحديات. وقد قدّم الجيش خطة شاملة لحاجاته إلى السلطات السياسية، وعلى أصحاب القرار اتخاذ الخطوات اللازمة لتعزيزه".

ولفت سريوي، وهو خبير في أسلحة الدمار الشامل والقانون الدولي، إلى أن "الاتفاق ينص على نشر عشرة آلاف جندي في الجنوب. والجيش موجود منذ عام 2006 في منطقة جنوب الليطاني، ويؤدي مهامه بالتعاون مع قوات اليونيفيل. وقد قرر مجلس الوزراء مؤخرًا تطويع 1500 جندي، مع ضرورة استمرار عمليات التطويع ورفد الجيش بدماء جديدة وكفاءات تواكب التطورات التقنية وتسدّ النقص الناتج عن التقاعد".

وأكد أن "دور الجيش سيبقى حماية لبنان والمواطنين، وبسط سلطة الدولة، ومنع وجود أي سلاح غير شرعي. كما سيواصل التنسيق مع اليونيفيل دون تغييرات جوهرية في مهامهما. وإذا التزمت إسرائيل بتنفيذ الاتفاق، سيلتزم حزب الله بسحب قواته من جنوب الليطاني تحت إشراف الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل. مع الإشارة إلى أنه قبل الحرب لم يكن هناك أي وجود مسلح ظاهر لحزب الله في المنطقة".

وحول دور الهيئة الرقابية المؤلفة من فرنسا وأميركا، أوضح سريوي أن "الدول المشاركة في لجنة المراقبة ستضمن التزام الطرفين بتنفيذ الاتفاق. وسيكون دور اللجنة إيجابيًا، لأن لبنان أعلن بوضوح التزامه الكامل بالقرار 1701، بينما خرقت إسرائيل هذا القرار آلاف المرات واستمرت باحتلال الأراضي اللبنانية. اليوم، بات على اللجنة إلزام إسرائيل بتنفيذ الاتفاق، واحترام السيادة اللبنانية، والانسحاب إلى الحدود الدولية".

واختتم بالقول إن القرار ينص على أن ترعى الولايات المتحدة مفاوضات لحل النزاعات الحدودية المتبقية، التي ما زالت إسرائيل تحتلها، بما يضمن تحقيق الاستقرار في المنطقة.