21-مارس-2021

لوحة لـ سنان حسين/ العراق

تنتابني نوبة بكاءٍ منذ الصغر

كلما أتذكر سقوط القنابل

على جدران الطفولة البريئة

حنين الطفولةِ يأخذني مثل جنديٍّ

يفر من معركةٍ خاسرة

ويهرب بذكرياته الجريحة

يسقط نحو هوةٍ مليئةٍ بالأيادي المعطوبة، والأرجل العرجاء

فيظل في هذا الحضيض، مضرجًا بالبكاء..

يعيش فيه مصلوبًا

بأوتاد الضغينة والأحقاد

ليبقى متسمرًا

مثل شاهدة قبرٍ مجهول

ينكره العالم أجمع 

ويجهله الحب الذي مات من أجله

الجنديّ يُدْفَنُ في أرضٍ 

كانت تعانق الأمنيات

أيتها الأرض لقد نزفتُ وبكيتُ عليكِ

حتى نَبتَ الحزن وصار ملحه متكدسًا

على قلبي المكلوم

على هذه الأرض، يزداد الوجع

والهموم تكبر، ويبقى الأنين صامتًا

يعذب الجسد المتعب بآلام العالم الغزيرة..

إني أتذكر ذلك الحلم

الذي اِنفجرت فيه العربات المفخخة

وسال الدم في وضح النهار

على وجه الأرض التعيسة

من حينها صارت الأرض

مثل وجه أُمٍّ مفجوعة

بهذا المصير الأبدي

حتى تدفق الدَّم وتفجر

كعيون مليئة بالدموع..

وقلت في قرارة نفسي لقد فسد الحلم!

لكنني استيقظت على شدو بلبل مذبوح،

وناي أخرس، بين شفتي عازف مقتول..

والأشلاء من حولي، والبيت قد تحطم، وصار ركامًا،

والشوارع تثب فيها الجرذان، فوق الجثث

والغربان تحوم، في سماء من دخانٍ أزرق

في سماءٍ من العفاريت

متى ينتهي هذا الكابوس

متى يحين موعد الصباح المفقود

فَسَدت الحياة وعاث بها الموت

والكابوس الوحشي لا يزال يحاصرني..

لقد حاصرني الموت، في النوم وفي الصحو، كأني

المحارب الوحيد، في خندق الخيبات،

 يطاردني هذا العفريت الأزرق في كل البلاد، يحوم فوقي مثل الخفافيش..

أنا الراكض كالمجنون،

التائه في أرض الكابوس،

الخائف تحت سماء العفاريت

والمطاردُ في أرضِ الكهوف،

أركض في ظلامٍ دامسٍ، نحو موت محتوم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

خالد مطاوع: تاريخ وجهي

تحقيقٌ استقصائيٌّ حول الريح