14-أبريل-2019

يهدد حفتر طرابلس بمصير يشبه مصير اليمن (فيسبوك)

في زيارة دارت حولها العديد من علامات الاستفهام، يطير الجنرال المتقاعد قائد المجموعات العسكرية في ليبيا، المدعوم من الإمارات ومصر والسعودية، خليفة حفتر، إلى الرياض في 27 آذار/مارس الماضي، ودون تفاصيل يلتقي كلًا من الملك وولي العهد ومسؤولين سعوديين آخرين، ويعود لبنغازي.

يضع دور السعودية في التمويل إضافة إلى الدور الإماراتي في تقديم السلاح والطائرات الحربية حفتر على رأس قائمة تدمير ليبيا

تبدو زيارة عادية تثار حولها بعض الشكوك، لكن ما تلاها من أحداث كان مفاجئًا، وصعّد من التوقعات السلبية عن تورط المملكة في إعلان هجوم حفتر على طرابلس في 4 نيسان/إبريل الجاري، لإسقاط حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج. غير أن صحيفة "وول ستريت جورنال" أكدت تلك التوقعات وأثبتت الشكوك، في تقرير لها مدعوم بشهادات كبار مستشاري السلطة في السعودية.

حيث أشار التقرير إلى تورط المملكة في وعد بتقديم عشرات الملايين من الدولارات للواء المتقاعد خليفة حفتر، بهدف تمويل حملته العسكرية، على العاصمة طرابلس. ويضع دور المملكة في التمويل إضافة إلى الدور الإماراتي في تقديم السلاح والطائرات الحربية للمجموعات المسلحة التي يقودها حفتر- الجنرال الليبي كمندوب وفيّ للتحالف السعودي الإماراتي- مستقبل ليبيا في خطر المجهول، يشبه ما يحدث في اليمن من دمار وفوضى وفقر، وهو ما تستعرضه بعض التقارير الأممية والتصريحات ومقاطع فيديو، حول المخاوف من انتشار الأمراض والأوبئة في طرابلس، وهجرة نحو 8 آلاف مواطن للعاصمة، وأسر أطفال محاربين قام حفتر بتجنيدهم ضمن التشكيلات العسكرية.

اقرأ/ي أيضًا: ماذا يريد حفتر من حملته العسكرية على طرابلس؟

الدور السعودي والإماراتي

نقل التقرير الذي أعدته "وول ستريت جورنال" عن مصادر سعودية ما يفيد بوجود وعد سعودي لحفتر بعشرات الملايين من الدولارات للقيام بحملته العسكرية، مؤكدة توقعات عديدة سابقة، بخصوص وجود علاقة بين زيارة حفتر للسعودية والحملة العسكرية التي بدأها. ويمثل هجوم قوات حفتر على طرابلس، أحد الأزمات المتكررة في ليبيا التي تعيش حالة فوضى منذ الإطاحة بالزعيم السابق معمر القذافي، لكن المثير أن يكون الهجوم على طرابلس مدفوعًا بمطامع سعودية وإماراتية عديدة.

ووعد المسؤولون في المملكة، بتقديم عشرات الملايين من الدولارات من أجل تمويل حملة حفتر العسكرية على العاصمة الليبية، على أن تستخدم تلك الأموال، في شراء ولاء بعض زعماء القبائل في ليبيا، وتجنيد المقاتلين، وأغراض أخرى، والتقى حفتر الذي قبل العرض وفقًا للصحيفة، بالملك سلمان بن عبد العزيز ونجله ولي العهد محمد بن سلمان بالإضافة إلى وزير الداخلية السعودي ورئيس جهاز الاستخبارات السعودية.

 ونقلت الصحيفة تصريحات من مسؤولين سعوديين، لم تكشف عن هويتهم، تفيد بأن الدعم لحفتر كان بارزًا، مؤكدين أننا "كنا كرماء للغاية" في إشارة لضخامة الدعم المالي، الذي تم قبل إعلان حفتر عن الحملة العسكرية ضد طرابلس. ووفقًا للصحيفة فإن الحكومة السعودية والمكتب الإعلامي لحفتر لم يردا على طلب للتعليق على المعلومات المتعلقة بتقديم الرياض تمويلًا "سخيًا".

ليست السعودية وحدها، من تورط بتمويل حملة حفتر، فهناك الدور الإماراتي أيضًا. ووفقًا لتقرير أممي سابق فإن الإمارات متورطة بانتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا وتقديم مروحيات قتالية وطائرات حربية لقوات الجنرال المثير للجدل. حيث أشار التقرير لتقديم أبوظبي الدعم المادي والدعم المباشر لمجموعات حفتر العسكرية التي يطلق عليها "الجيش الوطني الليبي"، وتضم الأسلحة التي أرسلت مروحيات قتالية وطائرات حربية بالرغم من حظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا.

لقد بدا هذه الدعم، وكأنه بحاجة إلى تأييد دول عربية وغربية مثل مصر وروسيا وكذلك فرنسا، التي زارها وفد يضم بين صفوفه صدام نجل خليفة حفتر، عقب بداية إعلان الهجوم على طرابلس، ووفقًا لصحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية فإن الزيارة كانت بهدف الحصول على موافقة الإليزيه على الهجوم على طرابلس، وقالت الصحيفة إنها تتبعت مسار الطائرة التي سافر من خلالها الوفد، ثم حصلت وفي وقت لاحق على تأكيدات من مصدر دبلوماسي في الإليزيه، لم تكشف عن هويته.

خوف من مصير اليمن

تشبه الأزمات التي بدأت تلوح في الأفق في طرابلس، بداية الأوضاع الكارثية في اليمن، التي سببها الصراع بين تحالف السعودية والإمارات من جهة، وقوات الحوثيين من جهة أخرى، منذ عدة سنوات. ولعل أبرز الكوارث المخيفة التي تحوم حول طرابلس حاليًا، تتركز في ثلاثة أزمات، هي الأمراض وفرار المدنيين وتجنيد الأطفال، إضافة إلى أزمات أخرى تتزايد في خضم الاشتباكات منها الفوضى وعدم الاستقرار والأوضاع المعيشية السيئة.

اقرأ/ي أيضًا: بالفيديو: ميليشيا حفتر تختطف وتعذّب سودانيين في ليبيا

أزمة الأمراض

 أبدت منظمة الصحة العالمية تخوفها من انتشار الأمراض المعدية في المناطق التي تشهد معارك حربية في ليبيا، بسبب شح المياه النظيفة وسوء شبكات الصرف الصحي وفرار السكان من القتال الدائر بالقرب من طرابلس.

وتخشى المنظمة من انتشار أخطار الإصابة بالسل والحصبة والإسهال بين المواطنين وبخاصة النازحين منهم.

فيما حذرت المنظمة من نقص الإمدادات الطارئة في المستشفيات والمنشآت الصحية والتي لن تكفي إلا لأسبوعين فقط، وطالبت عدة دول بهدنة إنسانية غير أن حفتر لم يعلن أي موافقة عليها.

فرار المدنيين

في سياق آخر، أعلنت منظمة الصحة العالمية، مقتل 121 شخصًا وإصابة 600 آخرين، منهم 7 مدنيين قتلوا و10 أصيبوا خلال الأحداث التي شهدتها العاصمة طرابلس في الأيام الماضية.

وأعلنت الأمم المتحدة الجمعة أن أكثر من 8 آلاف شخص فروا من القتال الدائر حول العاصمة الليبية، وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ريال لوبلان إن "حركة النزوح من المناطق التي تأثرت بالاشتباكات في محيط طرابلس في ازدياد".

وعد المسؤولون السعوديون، بتقديم عشرات الملايين من الدولارات من أجل تمويل حملة حفتر العسكرية على العاصمة الليبية، على أن تستخدم تلك الأموال، في شراء ولاء بعض زعماء القبائل في ليبيا، وتجنيد المقاتلين

تجنيد الأطفال

 ثالث الأزمات التي تطرأ على طرابلس التي تكاد تتطابق مع الأزمات التي تواجهها مناطق يمنية عديدة، هي أزمة تجنيد الأطفال الذين يقوم طرفا الصراع ومنهم تابعون لتحالف السعودية والإمارات بتجنيدهم لأعمال الحروب. واتهم فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، الثلاثاء، اللواء المتقاعد خليفة حفتر بتجنيد الأطفال والزج بهم في الحرب، بعد أن نشرت المجموعة العسكرية قوة حماية طرابلس على صفحتها في فيس بوك صورًا ومقاطع فيديو لأسرى من الأطفال قالت إنهم من قوات حفتر.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فيديو: استعباد الأحرار

كيف وثقت شبكة CNN مزادات الرقيق في ليبيا؟