14-يوليو-2022
أوراق أوبر

كشفت أوراق أوبر عن العديد من الفضائح (KYM)

"العنف يضمن لنا النجاح"، هكذا خاطب ترافيس كالانيك، رئيس شركة أوبر حينها، عددًا من المديرين التنفيذيين في الشركة داعيًا إياهم لتشجيع سائقي الشركة على المشاركة في تأجيج مظاهرة في باريس تخللتها أعمال عنف، وفقا لوثائق كشفت عنها الغارديان البريطانية مؤخرًا بمشاركة عدد من المؤسسات الإعلامية الأخرى، من بينها صحيفة لوموند الفرنسية. 

كشفت "أوراق أوبر" عن تحالفات مريبة للشركة مع قادة سياسيين غربيين ومؤسسات إعلامية عريقة لضمان توسعها في عدد من الأسواق 

كشفت الوثائق أيضًا عن تحالفات مريبة مع قادة سياسيين غربيين ومؤسسات إعلامية عريقة، وعن وسائل للتحايل على الجهات الرقابية في عدد من الدول، وذلك كجزء من بين خفايا عديدة تتعلق بنشاطات الشركة في الفترة ما بين عام 2013 و2017.

الوثائق التي سربها المدير التنفيذي السابق في الشركة، مارك ماكغان، والذي اعترف بمسؤوليته جزئيا عن المخالفات التي كشفها، احتوت على أكثر من 124,000 وثيقة من ضمنها رسائل إلكترونية ورسائل على تطبيقات التراسل جرى تبادلها بين المديرين في الشركة.

 

فيما يلي بعض أهم ما كشفت عنه وثائق أوبر المسرّبة. 

1. إيمانويل ماكرون أكثر من مجرد داعم لنشاطات أوبر

تكشف وثائق أوبر أن الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون عندما كان وزيرا للاقتصاد في الفترة ما بين عام 2014 و2016، اتفق سرا مع أوبر لدعم نشاطاتها في فرنسا التي أصبحت إحدى أهم أسواق الشركة، بل إن الوثائق تشير إلى أن تلك الاتفاقات تعارضت في بعض الأحيان مع سياسات الحكومة آنذاك. 

أوراق أوبر كشفت عن تورط إيمانويل ماكرون في معاملات مريبة

وتشير المراسلات بين المديرين في الشركة إلى أن ماكرون قدم الدعم من خلال الضغط على المشرعين الفرنسيين ليكونوا "أقل تشددا" في تطبيقهم لقوانين تحد من نشاطات أوبر في فرنسا، كما عرض على الشركة خدماته لتشكيل جماعة ضاغطة تدعمها في سن قوانين تخدم مصالحها.وقد تفاجأ مسؤولون في الشركة من مدى الدعم الذي قدمه ماكرون، الأمر الذي دفع اللوموند، التي شاركت في التحقيقات في الوثائق المسربة، لوصف ماكرون بأنه لم يكن مجرد داعم لأوبر، بل يكاد يتصرف وكأنه كان شريكًا فيها.

من ناحيته، اعترف ماكرون بما كشفت عنه الوثائق وقال إنه "فخور" بذلك لأنه "من الصعب خلق وظائف من دون الشركات ومن دون المستثمرين"، وأضاف أنه سيكرّر ما فعله لو لزم الأمر. 

2. "العنف والعدوانية يضمنان النجاح"... ممارسات تشجع على التوحش النفعي

اتهمت الوثائق شركة أوبر باستخدام أساليب تشجع على العنف والعدوانية من أجل فرض نفسها في السوق والتغلب على الشركات المنافسة، إذ تكشف التسريبات أن مديرين تنفيذيين في أوبر أبدوا قلقهم تجاه المخاطر التي قد يتعرض لها السائقون الذين كانت الشركة تشجعهم على المشاركة في مظاهرة في باريس تخللتها أعمال عنف، إلا أن ترافيس كالانيك، الذي كان رئيس الشركة حينها، رد على تلك المخاوف قائلا "أعتقد أن الأمر يستحق ذلك. العنف يضمن النجاح."

أوراق أوبر

الشركة أيضا اتبعت أسلوبا مشابها في عدد من الدول الأوروبية من بينها بلجيكا وهولندا وإسبانيا وإيطاليا، حسب الوثائق، إذ شجعتهم على تقديم شكاوى للجهات الأمنية حول الاعتداءات التي يتعرضون لها بهدف الاستفادة من التغطية الإعلامية في الترويج للشركة وحصولها على تنازلات من السلطات.

كما اتهم كالانيك أيضًا بتشجيع ممارسات إدارية عدوانية تتضمن التمييز على أساس الجنس والتحرش أثناء العمل، إلا أن ديفون سبورجن، المتحدث باسم كالانيك، قال في بيان له إن "كالانيك لم يقترح أبدا اتباع أساليب عدوانية على حساب سلامة السائقين".

3. تحايل على الشرطة ونشاطات خارج إطار القانون

من أهم ما كشفت عنه وثائق أوبر أن الشركة عندما كانت تبدأ عملها في بعض الدول، كانت أيضا تستخدم الوسائل التقنية لديها لإعاقة أي تدخلات أو مداهمات محتملة من قبل الأجهزة الأمنية ومنع تعقب أي نشاط قد يخضع للمساءلة والتدقيق. 

تؤكد التحقيقات أن أوبر استخدمت برمجيات الإغلاق التقني الطارئ، مثل (kill switch) وغراي بول (Greyball) وكاسبر (Casper) بهدف إعاقة أي تحقيقات تجريها السلطات لتتبع نشاطات الشركة ومخالفاتها. وقد عمدت الشركة إلى استخدام هذه الآليات في بعض الحالات لمنع الوصول عن بعد لأنظمة الشركة الداخلية من قبل الشرطة أثناء مداهماتها لمكاتب أوبر.

أما برمجية "غراي بول" فقد استخدمتها الشركة لتضليل الشرطة، إذ تقدم هذه الأداة محاكاة وهمية ومضللة لسيارات أوبر، بحيث تعيق قدرة الشرطة على الوصول إليها وتعقبها. 

وتكشف التسريبات عن مراسلات بين كالانيك ومديرين تنفيذيين يأمرهم فيها باللجوء إلى آلية الإغلاق الطارئ مباشرة أثناء مداهمة لأحد المقرات في أمستردام، إذ تعمل هذه الآلية على فصل أجهزة اللابتوب والأجهزة الأخرى عن النظام الخاص بالشركة لمنع حصول الشرطة على أي بيانات قد تستخدم في إدانة الشركة ومساءلتها. 

كما  احتوت التسريبات أيضا على مراسلات بين المديرة الدولية للاتصالات في أوبر، نايري هورداجيان، وزملائها عام 2014، تقول فيها: "أحيانا لدينا مشاكل، لأننا بصراحة خارج مظلة القانون".

من ناحيته، قال كالانيك على لسان المتحدثة باسمه في معرض رده على التسريبات، أن "أوبر، شأنها شأن شركات عالمية أخرى، استخدمت أدوات تحمي الملكية الفكرية وخصوصية زبائنها، وتضمن احترام الأصول القانونية في حال حدوث مداهمات خارج إطار القضاء."

4. علاقات واستثمارات مع مؤسسات إعلامية

تشير أوراق أوبر المسربّة إلى أن الشركة قد أطلقت حملة إعلامية بهدف إعادة تشكيل السياسات الحكومية والرأي العام، وقد استهدفت الحملة شخصيات مؤثرة تضمنت مالكي مؤسسات إعلامية ضخمة، وضغطت عليهم ليساهموا في الشركة بوصفهم "مستثمرين إستراتيجيين"، وذلك على أمل أن يسهموا في الترويج للشركة.

يقول ماكغان: "لم نكن في الواقع بحاجة للأموال، فقد كنا على قناعة أننا كنا نقدم لهم خدمة بأخذنا لأموالهم، وذلك لأننا كنا نسعى وراء العلاقات رفيعة المستوى على الصعيد السياسي ووراء التأثير، والتي تأتي كلها مع المال."

على هذا الأساس عقدت أوبر اتفاقية شراكة مع صحيفة "بيلد" الأكثر توزيعًا في ألمانيا، بل وأقنعتها بربطها مع المستشارة الألمانية آنذاك، آنجيلا ميركل، ومع مسؤولين آخرين، إذ تبين المراسلات محاولة الشركة للترويج لنفسها في ألمانيا بوصفها الحل الأنجع للبطالة بين اللاجئين السوريين في البلاد.

خطة تشغيل اللاجئين السوريين لم تر النور، ولكن في المقابل حصل كالانيك على فرصة للتحدث في مؤتمر برلين الذي تعدّ مؤسسة "بيلد" داعمًا إعلاميًا فيه، وذلك بعد أن أصبح مالك المؤسسة الإعلامية مستثمراً إستراتيجيًا في شركة أوبر.

من بين الشخصيات الإعلامية الأخرى التي استثمرت في أوبر مالك صحيفة الديلي ميل، جوناثان هارمزورث، إضافة إلى آشلي تابور كنغ، مؤسس مجموعة غلوبال، وهي أضخم مجموعة إعلانية في أوروبا، وكارلو دي بينديتي، الناشر لصحيفة ليسبريسو الإيطالية. كما تكشف الوثائق أيضا أن أوبر دفعت آلاف الدولارات لباحثين أكاديميين لينتجوا أبحاثًا توضح إيجابيات نموذج الأعمال الذي تتبناه الشركة.

5. اتفاقيات مع أوليغارشيين مقربين من الكرملين للتوسع في السوق الروسية

رغم الدعوات الغربية لمقاطعة الأوليغارش الروس المقربين من بوتن بعيد غزو روسيا لجزيرة القرم، إلا أن وثائق أوبر تبين أن الشركة قد سعت إلى تعزيز علاقاتها مع رجال أعمال روس بهدف التوسع في السوق الروسية.

أوراق أوبر

فالوثائق تكشف أن أوبر باعت أسهما بقيمة 200 مليون دولار لأثرياء روس وأتبعت ذلك باتفاقية بقيمة 50 مليون دولار بهدف التقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتن نفسه. كما تبين المراسلات موافقة الشركة على توظيف أحد الاستشاريين في شؤون جماعات الضغط داخل روسيا، مقابل 650,000 دولار، رغم مخاوف أبداها محامو الشركة من أنه قد يلجأ إلى الرشى، لتأمين توسع عمليات أوبر واستثماراتها داخل روسيا. 

تكشف الوثائق أن أوبر دفعت لباحثين أكاديميين لينتجوا أبحاثًا توضح إيجابيات نموذج الأعمال الذي تتبناه الشركة

ورغم كل ذلك إلا أن شركة أوبر، التي تملك السعودية 3.7% من أسهمها، قد واجهت منافسة شديدة من قبل شركة روسية تدعى ياندكس، وهو ما أجبرها على الانسحاب من السوق الروسية في نهاية المطاف.