09-أغسطس-2019

نزار صابور/ سوريا

1

‏لا أحد سينجو

لا التلامذة

ولا رواد المقاهي

لا أحد سينجو

من هذه الكآبة

لا المنتحرون

ولا قطاع الطرق

لا العباقرة

ولا المؤرخين الطالعين من مشاهد التاريخ المعفرة

وحدهم الشعراء

من سينجون

سيخرجون بقصائدهم البالية

مُظهرين إياها في وجه الحياة.

 

‏2

كما قلتِ لي:

"عليكَ أن تنتبه لنفسك جيدًا"

غادرتُك ذلك المساء

وأنا أحمل على وجهي

ابتسامة مليئة بالرضا

غادرتُكِ

ولم أعرف

أنكِ كلفتّني بأشياء كثيرة

أشياء ثقيلة على كاهلي

كأن..

"أنتبه لنفسي جيدًا".

 

3

‏عبثًا

أقولُ ما لا يقولون

أحاصرُ زلتي

وأقتلُ أوقاتي بالتأمل

أبحثُ عن بدائلَ مجدية

كأن أفكر في فكرة حمقاء

تراود شابًا في العشرين

لا شيء يعكر صفوي

غير الرتابة

أو أن تمُرَ امرأة

طائشة

ومسرعة

كالرصاصة

لتقول لي بالخطأ

"مرحبًا".

 

4

‏لا أنتِ هُنا...

ولا أنا هُناك

كِلانا ...

قابعٌ على صدر هذا الزمن الرديء

ننتظرُ مبرراتٍ أكثر إقناعًا

أسئلة يطرحها النقاد

فتثيرُ جُرحنا

كِلانا ...

في مكانٍ ما

ننتظرُ أسماءنا

وأشباهنا

وخُطى غير واضحة

لم تعتذر لنا

لأنها أخذت بنا إلى فجوةٍ عميقة

عميقة جدًا

بينَ عاشقينِ

ظلّا يبحثان عن أملٍ شحيحٍ

خلفَ نافذةِ اللقاء.

 

5

‏هُنا

يرقد الموت

لا فصاحة

لا كلام

هُنا

صمتٌ عارم

وقلق

يتشبثُ بكَ مِثلَ ألَمِك

هُنا

تُصبحُ

رمادًا

ويدوسكَ الماشينَ إلى حتفهم

هُنا

يقلّمُ مصائركَ العُمر

ويتركُك على هيئتك الأم

كجذعٍ رطب

لا يشتعل.

 

6

‏كنت أفكر في أشياء كثيرة

أشياء كيديكِ الناعمتين

عندما جرّتني الى حتفها

بثقة تامة

كنت كشاب غيور

يفتش في قلبهِ عن دلالات إضافية للحب

كان من الممكن أيضًا

أن تأخذيني إلى بلاد

محررة وهادئة

ليست كبلادي أبدًا

كان يمكن أن أجد نفسي في قبضة امرأة فطنة

تجدني هائمًا

كشلال سحيق

أو كوردةٍ مهملة

 

7

‏تعبتَ يا أبي

وأنتَ تجرّ أنفاسكَ في الريح

وتحملُ على أكتافكَ أحلامنا

التي بعثرتها العاصفة.

 

8

‏عباقرة..

هم الذين يحافظون على هدوئهم

ويشعلون شمعةً في العتمة

ليقهروا الخوف

والنعاس

من يحملون الليل على أكتافهم

وينتظرون نسمةً باردة

ظلت واقفة خلف النافذة

تنتظر..

لتُطفئ حُرقةَ الغياب.

 

9

‏في المساء

على الشارع العام

وبالقرب من شجرة التوت

كُنا نلقي قصائدنا

أمام المارة

ونتفاخر بها أمام حبيباتنا

اللواتي يقفنَ على الشُرفات

ضاحكاتٍ وساخرات

من حماقاتنا

ومن رغباتنا الطائشة.

 

10

‏خائنةٌ هي الحياة

تحرِقُ أحلامها

وشعراءها

وكُلُ ما تبقى

من رمادِ الابتسامة

لشاعر

‏ظلَّ يقرأ قصائدهُ

على الملأ

بلا تعب

جسدهُ المُحترق تمامًا

أفقدهُ الشعور بالألم

ولكن..

لم يُنسيهِ الشِعر.

 

اقرأ/ي أيضًا:

في اليوم الذي أسكن فيه وحدي

نجمة على ركبتك