12-ديسمبر-2015

تختلف آراء طلبة السودان حول قرار تعريب المناهج في الجامعات(باتريك باز/أ.ف.ب)

يحتوى السودان على 26 جامعة حكومية، بالإضافة إلى 32 جامعة وكلية خاصة، وصاحب ذاك التوسع في عدد المؤسسات زيادة في أعداد الطلاب المقبولين، ففي العام الواحد يتم قبول 150 ألف طالب بمؤسسات التعليم العالي على الأقل، من جملة 269 ألف طالب نجحوا في امتحانات الشهادة السودانية، حسب إحصاءات وزارة التعليم العالي في العام 2013 لكن لا تزال المعوقات تحيط بعملية التعليم العالي بالبلاد. يواجه التعليم الجامعي مشكلات كثيرة في السودان فرغم زيادة عدد الجامعات والكليات، لكن آراء عديدة اعتبرته توسعًا كميًا على حساب الكيف، ولا تزال مؤسسات التعليم العالي تواجه صعوبات مختلفة، أدت إلى  تدهور مستوى الخريجين ومن أهمها التعريب في الجامعات السودانية.

يواجه التعليم الجامعي مشكلات كثيرة في السودان فرغم زيادة عدد الجامعات والكليات، لكن آراء عديدة اعتبرته توسعًا كميًا على حساب الكيف

في مطلع تسعينيات القرن الماضي، أصدر وزير التعليم العالي في السودان قرارًا سياسيًا بإنشاء ست وعشرين جامعة جديدة في السودان بمعدل جامعة لكل محافظة من محافظات السودان، وأصدر قرارًا آخر يلزم فيه الجامعات السودانية بالتدريس باللغة العربية، تلك القرارات عرفت فيما بعد بـ"ثورة التعليم العالي". وكانت أولى الخطوات لجعل هذا الأمر واقعًا أن أنشئت الهيئة العليا للتعريب، لترأس مهام وضع الكتاب المنهجي والمرجعي المعرب، وتعريب المصطلحات العلمية، والتأليف والترجمة، والنشر في الجامعات.

تقول أسماء فضل، طالبة في كلية الهندسة، لـ"الترا صوت": إنها "ضد سياسة تعريب المواد الجامعية". وتضيف: "لا يسهم العالم العربي حاليًا في العلوم الحديثة، ولذا من الأفضل أن يتم التدريس باللغة الإنجليزية بصفتها لغة العلوم والفنون، وذلك سيساعد المتعلمين على قراءة أحدث المواد العلمية كما أن سرعة التطور العلمي لم تترك للغة العربية مجالًا لاستيعاب المصطلحات الحديثة، ولا يمكن لحركة الترجمة أن تلتحق بالتطورات العلمية".

وفي ذات السياق، عبر أحمد كمال، طالب بكلية المحاسبة وهو يدرس باللغة العربية، عن رفضه التام للتعريب، مبينًا أن "السودان يعيش في وضع إقتصادي متدهور، وأن العيش برفاهية فيه أمر في غاية الصعوبة، وأن معظم الخريجين يفضلون بعد الانتهاء من الدراسة الجامعية، الهجرة إلى خارج البلاد، حيث جميع الوظائف في الخارج تتطلب معرفة اللغة الأجنبية والتعامل مع الآخرين بها، حتى وإن كان التوظيف في دول عربية مثل دول الخليج".

وتوضح إيمان حسن، الطالبة بكلية علوم الحيوان، أن "سياسة التعريب التي تم تطبيقها أثرت على المناهج بصورة كبيرة وبشكل واضح إذ  توجد عديد المراجع باللغة الإنجليزية وهي مفيدة جدًا لكن الطلاب لا يستطيعون أن يستفيدوا منها بسبب ضعفهم في اللغة الإنجليزية". وأشارت إيمان إلى "الحاجة الماسة لتأهيل كل المراحل التعليمية من مرحلة الإبتدائي إلى الجامعات، وإعادة النظر في المناهج التعليمية وتصميمها بطريقة تجعل من الطالب مؤهلاً علميًا وعمليًا".

بعد اعتماد التعريب في مناهج الجامعات السودانية، صار من الضروري الاهتمام باللغة العربية من مراحلها الأولى

أما هبة عوض، وهي طالبة ومن مؤيدي سياسة التعريب في الجامعات السودانية، فتقول: "أغلب الطلاب لم يلموا باللغة الأجنبية بالقدر الذي يسمح لهم بالإطلاع على المراجع الأجنبية وفهمها، كما أن التعليم باللغة الأجنبية يمكن أن يخلق عند الإنسان إزدواجية في الشخصية ويؤدي إلى انقطاعه عن ثقافته الأم". وتضيف هبة: "التعليم باللغة الأم يوفر الكثير من الجهد الذي يهدَر على فهم النص الأجنبي بحد ذاته، ويوجه الجهود إلى فهم المادة العلمية نفسها، كما أن اللغة العربية قادرة على استيعاب كل العلوم الحديثة".

وعلى صعيد أخر، أشار أشرف كمال، خريج كلية علوم مكتبات أن "قرار تعريب التدريس كان يجب أن لا يكون فوقيًا ومتعجلًا وعاطفيًا، ومن الضروري أن تتخذ كل التدابير لتنفيذه". ويذكر كمثال أن "بعض الأساتذة لا يتقنون اللغة العربية الفصحى، فيلجؤون إلى التدريس بالعامية السودانية مع التطعيم بالإنجليزية، التي لا يكونوا ملمين بها أيضًا، مما يؤدي إلى التشتت في المعلومات العلمية لدى الطالب".

وعن حلول هذه الإشكالات، ترى لينا إبراهيم، أستاذة في علم الإجتماع، أنه "وبعد اعتماد التعريب في مناهج الجامعات السودانية، صار من الضروري إنشاء مؤسسات للتعريب والترجمة والتوزيع دعمًا لجهود المجامع اللغوية، والاهتمام باللغة العربية من مراحلها الأولى، بالإضافة إلى توفير الدعم المادي المطلوب للتعريب، مع تطوير الدراسات العلمية باللغة العربية في الوقت ذاته".

اقرأ/ي أيضًا:

أطباء السودان..معاناة قبل التخرج وبعده

السودان.. اغتراب طلبة المدارس الأجنبية