أعلنت حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليًا، والحكومة المكلفة من قبل مجلس النواب في ليبيا، رفضهما طرح اليونان مناقصة لمنح تراخيص استكشاف النفط والغاز في المياه البحرية المتنازع عليها بين البلدين في البحر الأبيض المتوسط. واعتبر الجانبان الليبيان أن الخطوة اليونانية قد تؤدي إلى تصعيد التوترات ومفاقمتها في المنطقة.
ويُعد هذا الموقف من الحالات النادرة التي تتفق فيها حكومتا الشرق والغرب على موقف موحّد، في ظل الانقسام السياسي وتنازع الشرعية بين الحكومة المكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
وكانت اليونان قد أعلنت، الخميس الماضي، عن طرح مناقصة دولية لمنح تراخيص استكشاف واستغلال موارد الطاقة في مناطق بحرية تقع جنوب جزيرة كريت، وتُعد محل نزاع مع ليبيا.
نادرًا ما تتفق الحكومتان في شرق ليبيا وغربها على موقف واحد
يُشار إلى أن العلاقات بين أثينا وطرابلس شهدت توترًا كبيرًا في عام 2022 على خلفية الخلافات بشأن ترسيم الحدود البحرية، وذلك بعد إعلان اليونان عزمها التعاقد مع شركات دولية لإجراء أعمال بحث وتنقيب عن النفط والغاز في المنطقة المتنازع عليها بين البلدين في مياه المتوسط الغنية بالموارد الطبيعية.
وكان الجانبان قد خاضا مفاوضات لترسيم الحدود البحرية في عام 2004، لكنها لم تُكلل بالنجاح، مما أبقى مسألة مناطق التنقيب عاملًا رئيسيًا في توتر العلاقات بين البلدين المطلّين على البحر الأبيض المتوسط.
موقف حكومة الوحدة الوطنية
في بيان صادر عن وزارة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية، أعربت طرابلس عن "قلقها البالغ" إزاء ما ورد في المجلة الأوروبية (العدد 3335 الصادر في 12 حزيران/يونيو 2025)، بشأن إعلان اليونان فتح دعوة دولية لتقديم العطاءات لمنح تصاريح استكشاف واستغلال الهيدروكربونات.
وذكر البيان أن مناطق الاستكشاف المقترحة تقع "في مياه بحرية جنوب جزيرة كريت، بعضها ضمن المناطق المتنازع عليها مع ليبيا". واعتبرت الحكومة الليبية أن الخطوة تمثل "انتهاكًا صريحًا للحقوق السيادية الليبية"، معلنة "تحفّظها الكامل واعتراضها الواضح على أي أنشطة استكشافية أو تنقيبية دون التوصل إلى تفاهم قانوني مسبق يحترم قواعد القانون الدولي".
وأكد البيان أن "ليبيا تسعى إلى أن يكون حوض المتوسط فضاءً للتعاون والسلم والتنمية المشتركة"، معتبرًا أن "الحلول الأحادية لا تفضي إلا إلى مزيد من التوتر والتعقيد". كما دعت الخارجية الليبية الجانب اليوناني إلى "تغليب مسار الحوار والتفاوض البنّاء كخيار وحيد للتوصل إلى حلول عادلة ومنصفة تستند إلى القانون الدولي وتحفظ مصالح جميع الأطراف".
موقف الحكومة المكلّفة من مجلس النواب
من جهتها، أصدرت وزارة الخارجية في الحكومة المكلّفة من البرلمان في بنغازي بيانًا أمس الجمعة، أعربت فيه عن "بالغ استغرابها وقلقها" من خطوة اليونان بطرح مناقصة للتنقيب، مشيرة إلى أن جزءًا من المنطقة المعنية يقع "ضمن نطاق بحري لا يزال محل نزاع قانوني لم يُحسم بعد مع الدولة الليبية".
وأكدت الوزارة "حق ليبيا الأصيل وغير القابل للتصرّف في استكشاف مواردها الهيدروكربونية والاستفادة منها ضمن مناطقها البحرية المعترف بها دوليًا"، مشددة على أن "أي نشاط للتنقيب أو الاستغلال في المناطق المتنازع عليها، دون موافقة مسبقة وصريحة من ليبيا، سيُعدّ عملًا غير قانوني وعدوانيًا"، مع تحميل الجهات المعنية "كامل التبعات القانونية وفق القانون الدولي".
وفي انسجام واضح مع موقف حكومة الوحدة الوطنية، دعت حكومة بنغازي إلى "الوقف الفوري لجميع الإجراءات المتعلقة بمنح تصاريح الاستكشاف في المناطق الواقعة ضمن الحقوق السيادية الليبية"، مؤكدة أن ليبيا "تحتفظ بكافة حقوقها القانونية في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية سيادتها ومواردها الطبيعية، وفقًا للقوانين والأعراف الدولية".