24-سبتمبر-2016

تجار الأعضاء في مصر اشتروا المئات من المهربين لاستخدامهم في عمليات نقل الأعضاء(محمود تركية/أ.ف.ب)

تجارة الأعضاء في مصر لا تقتصر على حدود البلد بل تنتشر خارجها أيضًا، هذا ما تستخلصه عندما تقرأ التقرير، الذي كتبته حنا روبروت من روما ونشرته جريدة الديلي ميل في تموز/يوليو الماضي.

بحسب دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية فإن مصر تتصدر الدول التي تنتشر بها تجارة الأعضاء

التفاصيل تشبه أفلام العنف إلا أن الحقيقة أشد وطأة على النفس من الصورة السينمائية، يحكي نور الدين وهابريبي، أحد المهربين للمهاجرين غير الشرعيين: أن "تجار الأعضاء في مصر اشتروا المئات من الرجال والنساء والأطفال من المهربين لاستخدامهم في عمليات نقل الأعضاء غير الشرعية". وقد تحول وهابريبي إلى "شاهد" أمام المحققين الصقليين ليفضح أصول التجارة القاسية، فيشير بقوله إن "المهاجرين غير الشرعيين غير القادرين على دفع الجزء الثاني من رحلتهم عبر المتوسط يتم بيعهم إلى تجار الأعضاء بمبلغ 15 ألف دولار أمريكي (£11,250).

شاهد/ي أيضا: فيديو: معلومات صادمة عن الاتجار بالبشر حول العالم

ويدعي نور الدين أن عصابات في مصر تقوم بقتلهم ومن ثم استخدام أعضائهم في عمليات زرع الأعضاء غير الشرعية. ويضيف في شهادته المرعبة عن الموضوع: "تصل عصابات من مصر تقتل وتقوم بقلع الأعضاء ووضعها في حقائب مبردة".

وقد أدت هذه المزاعم لنور الدين وغيره إلى قيام السلطات الصقلية باعتقال حوالي 38 شخصًا من عصابات تجارة الأعضاء. وقد أدى اقتحام لأحد هذه المراكز المسؤولة عن تمويل هذه التجارة في روما إلى التحفظ على نصف مليون يورو كانت بحوزتها.

وبعد أهوال الموت التي رآها نور الدين وهابريبي قرر أن يشي بزملاء مهنته وأن يسلمهم إلى العدالة، مشيرًا إلى أن السبب الأهم وراء قراره هو "الكم الكبير من البشر الذين قتلوا في البحر". ويستطرد نور الدين في معرض حديثه عن الأوضاع في إريتريا، بلده الأم: "هناك 8 من أصل 10 عائلات في إريتيريا فقدوا أبناءهم في قوارب الموت هذه. ولكنهم يهربون من المصير الأسوأ حيث يجندهم النظام الشمولي في البلد إجباريًا ومدى الحياة في ظروف إنسانية شديدة القسوة".

تجارة الأعضاء داخل القطر المصري

بحسب دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية فإن مصر تتصدر الدول التي تنتشر بها تجارة الأعضاء. البعض يجره إلى هذه التجارة العوز والفقر، طواعية لبيع أعضائه في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة والبعض الآخر يتم خطفه وبيعه في سوق كبيرة، تعتبر مصر أحد مقارها. أحد أهم المستهدفين في هذه التجارة هم المهاجرون الأفارقة لأنهم لا يقومون بالتبليغ عما يتعرضون له من انتهاكات بالإضافة إلى الأمية التي تنتشر بينهم، كما تهيئ الأوضاع وجود الكثير منهم بصورة غير شرعية بالبلاد، والحقيقة أن مصر ليست فقط بيئة مناسبة لهؤلاء بل هي مكان مثالي كونها تقع في وسط الرحلة في البحر المتوسط إلى إيطاليا.

يدعم هذه المقولات تقرير أمريكي، صدر عام 2014، يفيد برواج تجارة الأعضاء في مصر أما التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية عن حالة "الاتجار بالبشر" للعام 2015، فقد أظهر أن مصر في قائمة أسوأ الدول في الاتجار بالبشر.

ويستخدم أباطرة تجارة الأعضاء في مصر طرقًا عديدة لصيد زبائنهم منها إجراء الفحوصات الطبية بغرض التوظيف أو خداع الفتيات بالزواج من أثرياء عرب ثم يتم التطليق بعد عمليات الزرع أو إيهام فقراء بإجراء عمليات طبية مجانية لهم ثم يكتشفون بعد ذلك أنه قد تم العبث بأعضائهم، ولقد وصل الأمر إلى تسمية مصر "برازيل الشرق الأوسط" كون البرازيل من الدول التي تزدهر بها تجارة الأعضاء.

أحد أهم المستهدفين في تجارة الأعضاء هم المهاجرون الأفارقة لأنهم لا يقومون بالتبليغ عما يتعرضون له من انتهاكات ولانتشار الأمية في صفوفهم

اقرأ/ي أيضًا: حجز واستغلال جنسي.. دعوات لحماية عاملات في الخليج

تحرك حكومي هزيل

من وقت إلى آخر، تقبض الحكومة على شبكات تخصصت في تجارة الأعضاء دون أن يؤدي ذلك إلى ردع حقيقي لوجود هذه التجارة، وأخيرًا في الاثنين الماضي، وبعد حديث متداول من منظمات عالمية خارج مصر وداخلها عن خطورة الظاهرة، قدم المهندس محمد فرج عامر، نائب في مجلس الشعب، طلب إحاطة حول الموضوع في المجلس، لافتًا إلى أن "مصر احتلت المركز الثالث عالميًا في تجارة الأعضاء بعد الهند والصين، بناء على تقرير منظمة التحالف الدولي لمكافحة تجارة الأعضاء البشرية "كوفس".

تقارير عالمية مفزعة

منذ 3 سنوات، نشرت صحيفة التليغراف على موقعها تقريرًا عن تجارة الأعضاء، وضعت في صدر عنوانه ما يلي: "الكلى؟ 48 ألف إسترليني، قلب؟ يصل سعره إلى مليون إسترليني، والمشترون من الزبائن الأغنياء، يدفعون بسخاء، أما البائعون الفقراء فلا يحصدون سوى الحسرة".

يشير التقرير إلى أن تجارة الأعضاء عالميًا وبصفة عامة تدر مبالغ خيالية، وأنك إذا كنت في بريطانيا مثلًا فإنه يمكنك أن تطلب عبر الإنترنت "كلى" بطريقة غير شرعية، فيتوافر لك سنويًا، وذلك وفقًا لإحصاءات منظمة الصحة العالمية، 7000 كلية من متبرعين معوزين حول العالم. كما يشير التقرير إلى وجود 10 آلاف سوق سوداء للأعضاء حول العالم، تحصد عضوًا كل ساعة تقريبًا، حسب منظمة الصحة العالمية دائمًا. ويستهدف المتاجرون أعضاء الأطفال خاصة في البيئات الفقيرة أو الذين يعانون من إعاقة ما. ويحكي التقرير حالات عن بيع للأعضاء عن طريق القتل تورطت فيه شبكات تدار في صربيا وكوسوفو والهند.

والواضح أن تجارة الأعضاء مستمرة و"ناجحة" لأن وراءها قوى كبرى وأباطرة يحمونها ويصرفون جيدًا عليها، وأنه يجب تطوير استراتيجيات عملية حقيقية تقتلع هذه التجارة "المرعبة" من جذورها أو حتى تصيب سوقها بالضعف، ولكن يبدو أن هذا بعيد المنال بسبب الظروف السياسية والاقتصادية البالغة السوء التي يعاني منها عالمنا العربي وفي ظل عالم بات يشجع السوق العربية السوداء لتجارة الأعضاء كسوق جديدة تفتح الباب على مصراعيه لمزيد من ازدهار هذه التجارة اللا إنسانية.

اقرأ/ي أيضًا:

بريد من غريق في المتوسط

قاصرات اليمن على مائدة الزواج المبكر