25-يناير-2021

لوحة لـ واين ثيباود/ أمريكا

1

صياد سمك فاشل

ماذا لو كنت مجرد صياد أسماك؟

صياد سمك يقف كل صباح أمام البحر وهو يلوح بقصبته السيئة التعديل، إذ غالبًا ما ينسى تثبيت الشص. لذلك فهو لا يصطاد سوى الرياح التي تعلق بقصبته. وفجأة يسعى الى تدارك خطئه، معتقدًا أنه بدّد فرصًا كثيرة. لكنه لم يبدد سوى فرصة أن يرى الغيوم التي تعبر فوق رأسه، مثلما فوت سماع أصوات النوارس التي صدحت بأصواتها فجملت لون السماء، وحجبت الألوان الرمادية المقيتة. ولكن لا بأس، ها هو من جديد يجرب رمي الشص في لجة البحر، لكن الأسماك ستسخر منه لأنه نسي من جديد تثبيت الطعم. فلا طعم في صنارته. هذا يعني أن لا خدعة في جعبته. لذلك فهو غفل أن يعد جيدًا الطعم قبل الصيد. أقصد أنه أغفل أن يعد الخدع الجيدة. فكي تكون صيادًا جيدًا يا عزيزي يجب أن تعد خدعًا جيدة.

2

التأريخ للأسماك بدل صيدها

إذا كنت سأكتب تاريخًا ما فإنني سأكتب تاريخ الأسماك. فالأسماك تنسى دومًا، لذلك فهي لن تتذكر أي شيء من حروبها الكثيرة وورطاتها التي سقطت فيها. بينما نحن البشر شاهدون على لحظات ضعف السمكة. نحن من دفع بالشص إلى فمها لنجعلها تعتقد بأنه يحمل هدية ما بعد الزوال. نحن من استطاع التخلص من الضجر والقلق بالاصطفاف على ذلك الجرف العالي ورميهما بفضاضة إلى لجة البحر، لنقايضهما بانتصارات وهمية لا تليق بإنسان. فعلى من انتصرنا إذًا؟

هل انتصرنا على قلقنا؟ هل انتصرنا على سوء حيلتنا في البر بالاستعانة على ذلك بكشوفاتنا البحرية التي ستبدو مثيرة للغثيان حينما سيطلع عليها قارئ ذات بحث جامعي؟

سأحاول أن أكون نزيهًا وأنا أكتب تاريخ الأسماك لأنني سأستنير بنصائح ابن خلدون الداعية الى الحكمة والتبصر والتمييز بين الغث والسمين في الأحداث. لذلك سأقول إننا قد ظلمنا الأسماك كثيرًا. كما سأعتبر أن ضعف السمكة هو في عمقه يشير إلى جبن الإنسان وجشعه الغزير الذي لا يمكن أن نحجبه بغربال.

سأقول بأن الإنسان كان يعتقد بأنه يخرب حياة الأسماك ويصلح حياته. لكنه خرب تاريخه وأفسد قيلولة الأسماك.

من انتصر؟ ومن انهزم؟ هل السمكة أم الإنسان؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

سماء قابلة للردم

رسول مؤمن بكِ