13-فبراير-2017

فاسكو غارغيلو/ البرتغال

هذا المقال ترجمة لمقال نشر في موقع "History"، المتخصص في الدراسات التاريخية.


في يوم الرابع عشر من شباط/فبراير من كل عام، وعبر الولايات المتحدة والعديد من البلدان حول العالم، يتم تبادل الحلوى والزهور والهدايا فيما بين العُشاق، تحت مسمى احتفالي باسم القديس فالنتاين. لكن من هو ذاك القديس الغامض؟ ومن أين جاءت تلك العادات؟ فلنتعرف على تاريخ هذا العيد الممتد لقرون، منذ الطقوس الرومانية وحتى عادات العصر الفيكتوري في إنجلترا.

أسطورة القديس فالنتاين

تاريخ عيد الفالنتاين وذلك القديس المرتبط به اسميًا، يظل مكتنفًا بالغموض. فنحن نعلم بأن شهر شباط/فبراير لطالما احتفل به كشهر للرومانسية، وذلك اليوم المسمى "عيد الفالنتاين" كما نعرفه اليوم، يحتوي على خليط من بقايا العادات الرومانية والمسيحية على حد سواء. لكن من هو القديس فالنتاين؟ وكيف ارتبط اسمه بتلك الطقوس؟

تاريخ عيد الفالنتاين وذلك القديس المرتبط به اسميًا، يظل مكتنفًا بالغموض

تعترف الكنيسة الكاثوليكية بثلاثة قديسين على الأقل، كانوا يدعون بفالنتاين أو فالنتاينوس، جلهم استشهدوا. إحدى الأساطير تؤكد بأن فالنتاين كان كاهنًا حيث خدم فى القرن الثالث بروما، حينما اعتبر الإمبراطور الروماني كلاديوس الثاني أن الجنود الفُرادى أفضل بكثير من أولئك المصحوبين بزوجاتهم وأسرهم، فحظر الزواج للشباب، فقام فالنتاين انطلاقًا من ظلم المرسوم بتحدي كلاديوس، واستمر في عقد زيجات العُشاق من الشباب بشكل سري. وحينما اكتشف أمره، أمر كلاديوس بإعدامه.

اقرأ/ي أيضًا: طبخ الحب

وتُشير فرضيات أخرى إلى أن فالنتاين ربما قُتل في محاولته لمساعدة المسيحيين في الهروب من قسوة سجون روما، حيث كانوا يُلاقون أصنافًا من التنكيل والتعذيب. تشير إحدى الأساطير إلى أن فالنتاين حينما كان سجينًا، أرسل أول "مُعايدة حب" لفتاة -ربما كانت ابنة السجان- عندما كانت تزوره في محبسه. ويُزعم بأنه أرسل لها قبل وفاته رسالة وقعت بـ"من مملوكك فالنتاين"، حيث يظل هذا التعبير مستخدمًا إلى الآن. على الرغم من أن حقيقة أساطير فالنتاين لا تزال ضبابية، لكن القصص المثارة حوله تدعم ظهوره البطولي العطوف كونه أهم شهير رومانسي، وبحلول العصور الوسطى، وبفضل تلك السمعة، أصبح فالنتاين واحدًا من أكثر القديسين شهرة في فرنسا وإنجلترا.

عيد وثني

بينما يعتقد البعض، بأن عيد الفالنتاين ما هو إلا يوم لإحياء سنوية وفاة أو دفن فالنتاين، التي يُعتقد بأنها كانت بعام 270 بعد الميلاد، يدعي آخرون بأن الكنيسة المسيحية اختارت ذلك اليوم بمنتصف شهر شباط/فبراير كمحاولة لتنصير احتفالات لوبيركاليا الوثنية، حيث كانت تجري في الخامس عشر من هذا الشهر احتفالات خاصة في مهرجان الخصوبة، المخصص لإله الزراعة والخصوبة الروماني فينوس، بالإضافة إلى مؤسسي الرومان رومولوس وريموس.
 
في بداية الاحتفال، يجتمع المحتفلون باللوبيركي بأمر من الكهنة بأحد الكهوف المقدسة، حيث يعتقد بأن ريموس ورمولوس مؤسسو روما، اعتُني بهما في ذلك الكهف من قبل ذئبة، أو لوبا، حينما كانا رضيعين. وكان الكهنة يضحون بماعز كقربان للخصوبة وبكلبٍ كقربان للطهارة. ومن ثم يقطّع الماعز إلى شرائح صغيرة تلطخ في دماء الأضحية، ثم تؤخذ إلى الشوارع حيث تُصفع بها بلطف النساء وتُلطخ بها حقول المحاصيل. كانت تلك الشعائر بعيدة عن الخوف، ترحب بها نساء روما عبر لمس بقايا الأضحية اعتقادًا منهن بأنها ستجعلهن أكثر خصوبة بحلول العام القادم. وفي وقتٍ لاحق من اليوم، ووفقًا للأسطورة، كانت الشابات يضعن أسماءهن في جرة كبيرة، حيث كان عُزاب المدينة يختار كل منهم، على حدة، اسمًا منها للاقتران لعام مع صاحبته، وغالبًا ما تنتهي تلك الشعائر بالزواج.

تُشير الفرضيات إلى أن فالنتاين قُتل خلال محاولته مساعدة المسيحيين في الهروب من سجون روما

عيد الفالنتاين: عيد للحب

نجا اللوبيركاليا من صعود المسيحية. فعلى الرغم من حظره حيث اعتبر "غير-مسيحي"، كان بحلول القرن الخامس وبفضل البابا جيلاسيوس يُحتفل به، حيث اختير يوم 14 شباط/فبراير كعيدٍ للقديس فالنتاين، وبحلول اليوم أصبح مقترنٍ بالحب. وفي العصور الوسطى، كان هناك اعتقاد سائد في فرنسا وإنجلترا بأن 14 شباط/فبراير هو بداية موسم تزاوج الطيور، مما أضاف إلى فكرة عيد الحب طابعًا عامًا للرومانسية.

اقرأ/ي أيضًا: موسم الارتداد عن الحب

على الرغم من أنها لم تظهر إلا في وقت لاحق من عام 1400، ترجع شعبية مُعايدات الفالنتاين إلى فترة العصور الوسطى. حيث لا تزال أقدم مُعايدة ترجع إلى عام 1415، عندما كتب تشارلز، دوق أورليانز، إلى زوجته، حينما كان يقبع كسجينٍ في برج لندن بعد أسره فى معركة أجينكورت (تلك المُعايدة هي الآن جزء من مخطوطات المكتبة البريطانية في لندن، إنجلترا). وبعد ذلك بسنوات، يُعتقد بأن الملك هنري الخامس وظّف كاتبًا يدعى جون ليدجات ليؤلف "مذكرة حب" إلى زوجته كاثرين فالوا.

هدايا الفالنتاين

بالإضافة إلى الولايات المتحدة، كان يحتفل بعيد الفالنتاين في كل من كندا، والمكسيك، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وأستراليا. ففي بريطانيا العظمى بدأ الاحتفال به شعبيًا في القرن السابع عشر، وبحلول منتصف القرن الثامن عشر، أصبح شائعًا بين الأصدقاء والعُشاق، من جميع الطبقات الاجتماعية، أن يُهادوا رموزًا تعبر عن المودة، أو ملاحظات مكتوبة بخط اليد. وبحلول عام 1900، وبفضل التحسينات في تكنولوجيا الطباعة، بدأت البطاقات المطبوعة تحل محل الرسائل المكتوبة، فأصبحت البطاقات الجاهزة وسيلة سهلة لتعبير الناس عن مشاعرهم، في الوقت الذي يعجز فيه المرء عن الإفصاح مباشرةً عن مشاعره، كما ساهم رخص أسعار طوابع البريد في زيادة الإقبال على المراسلة بمُعايدات عيد الفالنتاين.
 
ربما بدأ الأمريكيون تبادل هدايا الحب اليدوية الصنع في أوائل القرن الثامن عشر، لكن بحلول أربعينيات القرن التاسع عشر، بدأت إستر هاولاند لأول مرة ببيع هدايا الفالنتاين ذات الإنتاج الضخم بأمريكا، حيث تفننت السيدة هاولاند -والتي تعرف بأم عيد الفالنتاين- بهدايا إبداعية تحتوي على دانتيل حقيقي، وشرائط، وقُصاصات، وصور ملونة، والتي باتت تعرف الآن باسم الخردة. واليوم، وفقًا لجمعية بطاقات المُعايدة فإن ما يقدر بحوالي مليار بطاقة مُعايدة فالنتاين يتم تبادلها سنويًا، مما يجعلها تحتل المركز الثاني في قائمة أكثر بطاقات الأعياد إرسالًا في العام (أُرسل ما يقدر بنحو 2.6 مليار بطاقة عيد ميلاد). جدير بالذكر، تشتري النساء ما يقرب نسبته من 85% من جميع هدايا الفالنتاين حسب بعض الإحصاءات. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

صادق جلال العظم.. تفكيك الحب

الحياة العاطفية للفلاسفة