08-يناير-2019

يتعرض المعتقلون في سجون الإمارات والحوثيين إلى أشد أنواع التعذيب (أ.ب)

وثَقت عشرات التقارير لمنظمات حقوقية إقليمية ودولية الحالة السيئة التي يعيشها سكان اليمن بعد اندلاع الحرب بين الحوثيين الذي يُرجح أنهم مدعومون من إيران، وبين الحكومة الشرعية والتحالف بقيادة السعودية والإمارات.

لم يكتف الحوثيون وقوات التحالف في حربهما من تعريض ملايين اليمنيين للمجاعة، بل قاموا بإنشاء معتقلات ومعسكرات سرية تضم عشرات الآلاف

فيما حذَرت منظمة الصحة العالمية في آخر تقريرٍ لها، من سوء توزيع المساعدات الغذائية التي ينتظرها الملايين من الشعب اليمني للنجاة من المجاعة القائمة. حيث قالت المنظمة إنها رصدت العديد من الشاحنات وهي تنقل السلع الغذائية إلى أماكن غير مشروعة وأن سجلات أماكن توزيع الغذاء يتم تزويرها لصالح تجار بعينهم، يبيعون الغذاء لِيحققون المكاسب الربحية وفقًا لمصالحهم في العاصمة اليمنية صنعاء، وقد طلبت المنظمة من السلطات الحوثية المسيطرة على المدينة اتخاذ الإجراءات الرادعة لمنع التجار من ممارسة تلك الأفعال.

اقرأ/ي أيضًا: بسبب جرائمها في اليمن.. ضغوط أوروبية لوقف بيع السلاح للسعودية

لم يكتف الحوثيون وقوات التحالف في حربهما من تعريض ملايين اليمنيين للمجاعة، بل قاموا بإنشاء معتقلات ومعسكرات سرية تضم عشرات الآلاف من المعارضين المدنيين لكل منهما.

سجون الحوثي.. تعذيب حتى الموت

أجرت الصحفية ماجي ميشيل تحقيقا استقصائيًا  نشرته وكالة أسوشيتد برس، بعدما قابلت 23 شخصًا قد تعرضوا لتجربة الاعتقال في سجون الحوثي باليمن، فضلًا عن آخرين شاهدوا التعذيب ومحامين وأقارب بعض المعتقلين.

روى فاروق بعقر قصته، وهو طبيبٌ يمني تعرض للاعتقال من قبل الميليشيات الحوثية، قائلًا: "كنت أعمل في مستشفى الرشيد بمدينة الحديدة. جاء إليَّ في أحد الأيام رجلٌ ينزف إثر طلقات نارية مستقرة في جسده وآثار تعذيب واضحة عليه". بدأ الطبيب في علاجه وإجراء العمليات الجراحية اللازمة له حتى شُفيَّ الرجل في مدة استمرت 80 يومًا. بعد ذلك وفي منتصف عام 2016، ألقت الميليشيات الحوثية القبض على بعقر، وقضى 18 شهرًا في سجونها بتهمة التعاون مع أعداء.

بعد أخذه إلى مقر الاحتجاز، جردته الميليشيات الحوثية من ملابسه وعَلقوه من معصميه في السقف وقاموا بجلد جسده ومزقوا شعره وأزالوا أظافره، كما أنهم في بعض الأحيان كانوا يجلبون زجاجات بلاستيكية ويذيبُونها بالنار فوق الرأس أو بين الفخذين مما يتسبب في إزالة اللحم والجلد. وسرد الاستقصاء نقلًا عن الطبيب اليمني، أنه نُقل بعد ذلك إلى قلعة الحديدة حيث مقر احتجاز الآلاف من السجناء لدى الميليشيات، ويروي أنه مكث في قبوٍ صغير يشتهر بغرفة الضغط، قبل أن يعُلق فيها، وتشوه أعضاؤه التناسلية لمدة 50 يومًا، حتى ظنَّ الحُراس أنه مات. بعد ذلك أنزلوه وأودعوه في إحدى الزنازين مع معتقلين آخرين قاموا برعايته وإطعامه، إلى أن استعاد وعيه وبدأ هو بدوره في مساعدة المعتقلين الذين تعرضوا لعمليات مشابهةٍ من التعذيب.

يروي بعقر أنه كان يجري العمليات الجراحية بواسطة أسلاك رفيعة من الكهرباء تُمكنّه من خياطة الجروح ووصل اللحم المقطع ببعضه، حتى أنه كان يعالج رجلًا سُدَّت عنده فتحة الشرج نتيجة إذابة جلده بالمواد الحارقة أثناء تعذيبه، وأنه عندما كان ينادي على الحراس لإسعاف ذلك الرجل كانوا يجيبونه بجملة "اتركه يموت". أُفرج عن بَعقر في كانون الأول/ديسمبر عام 2017 بعد أن دفعت عائلته مبلغ 8 آلاف دولار لميليشيا الحوثي مقابل الإفراج عنه.

يروي شاهد آخر يدعى أنس السراري قصته للوكالة، وهو معتقل سابق في سجون الحوثيين أصيب بالشلل نتيجة التعذيب المُفرط الذي تعرض له، حيث تم تعليقه في السقف من معصميه لمدة 60 يومًا تعرض خلالها لجولات من التعذيب.

ونشرت الوكالة فيديو مصورًا يَروي فيه معتقلون سابقون ما تعرضوا له في سجون الحوثي، وعدة صور لأجسادهم الممزقة وحالتهم الصحية الحالية.  

وتُقدر أعداد المعتقلين في سجون الميليشيات الحوثية، بالآلاف حسب تقارير منظمات محلية ودولية وشهادات محامين ومسؤولين يمنيين، حيث قدرت وزارة حقوق الإنسان اليمنية في تقريرها أن عدد المعتقلين في سجون الحوثيين يزيد عن 13 ألف معتقل، وَحالات إختفاء قسري تُقارب 3 آلاف في حوالي 30 سجنًا ومقر احتجاز. وذكر التقرير أيضًا عشرات الأحياء التي زَرع فيها الحوثيون الألغام مما تسبب في مئات القتلى وآلاف الإصابات من السكان المدنيين.

سجون الإمارات.. تعذيب واغتصاب

على الجانب الآخر في مدينة عدن. سجون أخرى وآلام أخرى، وأعمال وحشية قام بها ضباط إماراتيون وصلوا إلى عدن ليديروا شبكة من السجون السرية في اليمن.

نشرت وكالة أسوشيتد برس في حزيران/يونيو من العام الماضي، تقريرًا مروعًا ينقل شهادات معتقلين يمنيين في سجون سرية تُديرها قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات.

رصدت الوكالة في تقريرها 18 سجنًا ذكرت أربعة أسماء منهم في مدينة عدن، مورست فيها الاعتداءات الجنسية، وهي قاعدة "بوريكا"، مقر القوات الإماراتية هناك، وسجن وضاح، وسجن "بير أحمد" الشهير بالتعذيب، ومعتقل آخر يدعى شلال شاي، ووَثق التقرير شهادات لمعتقلين سابقين كانوا هناك.

تُقدر أعداد المعتقلين في سجون الميليشيات الحوثية، بالآلاف حسب تقارير منظمات محلية ودولية وشهادات محامين ومسؤولين يمنيين

يسرد التقرير أنه عندما وصل الضباط الإمَاراتيون إلى السجن في آذار/مارس من العام الماضي، أُخرج المعتقلون السياسيون جميعهم إلى ساحة السجن، وكُبلت أيديهم وأرجُلهم وعُصِمت أعينهم ورقدوا في الشمس لمدة ساعات، ثم قادهم الحراس إلى غرف التعذيب وأمرهم الضباط الإماراتيون بخلع ملابسهم والاستلقاء والاعداء عليهم جنسيًا.

وكشفت أحد المعتقلين السابقين في السجون الإماراتية، أنه تم تجريده من ملابسه وتقييد يديه وأرجله، قبل أن  يبدأ القائم على التعذيب باغتصابه.  وروى كيف كان صراخ الرجال من التعذيب يهز الزنزانة؛ كانت أدوات وأساليب التعذيب تذكرهم بسجن أبو غريب الذي تمت فيهِ اعتداءات جنسية واضحة من قبل الجنود الأمريكين في حق المعتقلين العراقيين.

وقد استطاعت الوكالة الحصول على بعض الرسومات التي رسمها المعتقلون السابقون على أطباق من البلاستيك، توضح أدوات وطرق التعذيب والاغتصاب التي تعامل من خلالها الحراس والمحققون في سجون عدن بحق المدنيين هناك.

وقد روى المعتقلون أنهم رأوا بزات عسكرية أمريكية في القاعدة العسكرية، ولكنَ من كانوا يرتدونها لم يتورطوا في عمليات تعذيب بشكل مباشر. كما رأوا مرتزقة كولومبين تابعين للقوات الإماراتية هناك.

وأوضح تقرير آخر نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية عام 2017، عن الدور التنسيقي الذي تقوم به الإمارات مع ضباط في الاستخبارات الأمريكية، للاستعانة بهم وتدريبهم على وسائل وطرق الاستجواب غير الآدمية لانتزاع الاعترافات من المعتقلين اليمنيين تحت ضغط نفسي، وألم جسدي حاد يُجبر المعتقل بالاعتراف بأي شيء للخلاص من العذاب.

اقرأ/ي أيضًا: الأسوشيتد برس: اغتصاب وابتزاز جنسي في سجون الإمارات في اليمن

وقد أصدرت منظمة العفو الدولية عشرات التقارير والبيانات تطالب الحكومات الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، بعدم إمداد كل من السعودية والإمارات بصفقات أسلحة لأن الأسلحة تستخدم في قصفِ المدنيين بالغاراتِ، واستعمال العنف المُفرط تجاه آلاف المعتقلين المدنيين في السجون اليمنية بحجة مواجهة الإرهاب المتمثل في متشددي القاعدة وداعش.

كشفت تقارير عن تنسيق بين الإمارات وضباط في الاستخبارات الأمريكية، للاستعانة بهم وتدريبهم على وسائل وطرق الاستجواب غير الآدمية في اليمن

دائمًا ما تنفي حكومة الإمارات والسعودية وجماعات الحوثي قصف المدنيين أو وجود سجون سرية تابعة لهم أو حالات اغتصاب وتعذيب داخل تلك السجون. وفيما تستمر طاولات التفاوض القائمة بين الطرفين، يموت آلاف المدنيون إثر المجاعة التي لحقت بالبلاد، ويُسجن ويعذب آلاف غيرهم في ظل الفوضى والصراع الدائم في البلاد.  

 

اقرأ/ي أيضًا:

حرب الإمارات ضد الشرعية اليمنية

مؤامرة ابن زايد.. الإطاحة بالشرعية في اليمن ضمن مهمات التخريب