أعلنت رئاسة الجمهورية العربية السورية عن أعضاء اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني المزمع تنظيمه خلال المرحلة المُقبلة، والذي جاء بُعيد ساعات من لقاء الرئيس السوري، أحمد الشرع، بوفدي هيئة التفاوض السورية، والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، وسط تقارير تحدثت عن توجه الكيانين إلى حل نفسهما، والاندماج في مؤسسات الدولة السورية.
فعليًا، شهدت المرحلة السياسية الجديدة زخمًا منذ تكليف إدارة العمليات العسكري الشرع برئاسة المرحلة الانتقالية التي تمتد لأربع سنوات، وفي الوقت نفسه تسود حالة من الترقب مع اقتراب الإعلان عن الحكومة الانتقالية الجديدة في الأول من آذار/مارس المُقبل، وفقًا لتصريحات وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال السورية، أسعد الشيباني، خلال المقابلة التي أُجريت معه على هامش مشاركته في القمة العالمية للحكومات 2025 التي تستضيفها دبي.
لضمان نجاح مؤتمر الحوار الوطني
البيان الصادر عن الرئاسة السورية أشار إلى أنه "تقر اللجنة (التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني) نظامها الداخلي، وتضع معايير عملها بما يضمن نجاح الحوار الوطني"، على أن "ينتهي عمل اللجنة بمجرد صدور البيان الختامي للمؤتمر". ووفقًا للبيان ذاته، فإن اللجنة التحضرية ضمت في عضويتها حسن الدغيم، بالإضافة إلى ماهر علوش، محمد مستت، مصطفى الموسى، يوسف الهجر، هند قبوات، وهدى أتاسي.
جاء إعلان الرئاسة السورية عن تشكيل اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني بعد ساعات من لقاء الرئيس السوري، أحمد الشرع، بوفدي هيئة التفاوض والائتلاف الوطني
وكان بيان صادر عن الرئاسة السورية قد ذكر أن وفدي هيئة التفاوض والائتلاف الوطني قد قاما "بتسليم العهدة المتضمنة كافة الملفات الخاصة بهيئة التفاوض والائتلاف الوطني والمؤسسات المنبثقة عنهما إلى الدولة السورية لمتابعة العمل بها"، وأضاف البيان أن خارطة الطريق الجديدة للبلاد تشمل "تشكيل حكومة انتقالية شاملة تمثل كل السوريين، وصياغة دستور جديد لسوريا بقوة الشعب السوري، ومن ثم الوصول إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة على كافة المستويات".
تحديد مهام اللجنة التحضيرية
يحدد بيان الرئاسة السورية بشكل مهام اللجنة التحضيرية التي يحصرها بإشرافها على مؤتمر الحوار الوطني، وهو الأمر الذي سيضعها أمام تحديات مرتبطة بالأسس التي تحدد الأطراف المشاركة في المؤتمر. كما أن من شأن المؤتمر تمهيد الأرضية لكتابة دستور جديد للبلاد، وتهيئة الظروف لتنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية.
يوضح الجزء الأول من المادة الثالثة التي جاءت في البيان أن اللجنة التحضيرية عليها وضع نظامها الداخلي، وهو ما يشير إلى أن عملها سيكون ضمن إطار قانوني أو تنظيمي لتحديد آلية اتخاذ القرارات، كما أنه يحدد صلاحيات عملها حتى صدور البيان الختامي للمؤتمر، وهو ما يدل على أن دور اللجنة ينحصر بالأطر الفنية والإدارية، غير مرتبط بتطبيق القرارات أو بنود البيان الختامي للمؤتمر.
أعضاء اللجنة التحضيرية
حسن الدغيم: كاتب وباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، تخرج بتخصص علوم إسلامية من كلية الشريعة في جامعة دمشق، كما حصل على دبلوم الفقه المقارن، وقد أسس إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني السوري، بالإضافة إلى أنه كان عضوًا سابقًا في مجلس أمناء المجلس الإسلامي السوري.
ماهر علوش: كاتب وباحث سوري، يُعرف عنه كتابته بالشأن السوري، بالإضافة إلى مقالات حول العدالة الانتقالية والمحاسبة في سوريا.
محمد مستت: حاصل على دبلوم في العلوم السياسية وماجستير في الدراسات الإسلامية، كما عمل مهندسًا في مؤسسة الاتصالات العامة بحلب، بالاستناد إلى شهادة هندسة الإلكتروني الحاصل عليها من جامعة حلب.
يوسف الهجر: شغل سابقًا منصب مدير المكتب السياسي لـ "هيئة تحرير الشام".
هند قبوات: سياسية وباحثة وناشطة مجتمع مدني، تشغل منصب مديرة قسم حوار الأديان وحل النزاعات في معهد الأديان والدبلوماسية في جامعة جورج ماسون، ورئيسة منظمة "تستقل" المختصة بتعليم النساء، تحمل شهادة ماجستير في القانون من كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية من جامعة تافتس الأميركية.
هدى أتاسي: مهندسة معمارية وناشطة في حقوق الطفل والمرأة، وهي الشريكة المؤسسة والمديرة الإقليمية في هيئة الإغاثة الإنسانية الدولية، وعضوة مؤسسة في "مبادرة مدنية"، وكذلك "الرابطة السورية لكرامة المواطن".
مصطفى الموسى: يُعرف عنه نشاطه السياسي، وأنه عضو "مجلس الأعيان العام" في مدينة إدلب، شمالي سوريا.
الحكومة الجديدة ستراعي تنوع المجتمع السوري
وفي السياق، أكد الشيباني في المقابلة التي أُجريت معه على هامش قمة الحكومات العالمية على أن التغييرات التي حصلت خلال الشهرين الماضيين جاءت في سياق "خارطة الطريق السياسية، كانت منبثقة ومستلهمة من المشاورات التي أجريت مع الجاليات السورية القادمة من الخارج، والمجتمع المدني في الداخل"، مشيرًا إلى أنه سيتم الإعلان عن الحكومة الجديدة في الأول من آذار/مارس المُقبل.
وشدد الشيباني على أن الحكومة الجديدة "ستكون ممثلة للشعب السوري قدر الإمكان، وتراعي تنوعه"، مؤكدّا أنها ستركز على مجموعة من القضايا، من بينها "مراعاة التنوع الموجود (وفي المجتمع السوري)، وعدم الدخول في مسألة المحاصصة"، بالإضافة إلى عدم "تقسيم البلاد طائفيًا وعرقيًا، والإيمان بجميع مكونات الشعب السوري"، لافتًا إلى أن "الكفاءة هي التي تحدد المنصب، ليس الخلفية العرقية أو الطائفية".
الكلمة الكاملة لوزير الخارجية السوري السيد أسعد الشيباني مع عمار التقي في القمة العالمية للحكومات في دبي @Asaad_Shaibani @AmmarTaqi pic.twitter.com/dKCbNvmgBU
— ˢᵃˡᵐᵃᶰ | سلمان (@salma_5n) February 12, 2025
وكان الشرع قد في مقابلة مع مجلة "الإيكونوميست" قد أكد أن المرحلة الانتقالية التي ستمتد لنحو خمس سنوات ستتمحور "حول إعادة بناء الدولة على أسس جديدة وحديثة وسوف تعمل على تعزيز العدالة والإرشاد، ومشاركة كافة شرائح المجتمع في إدارة البلاد"، محددًا الظروف التي تحتاجها سوريا لتنظيم انتخابات مستقلة بـ"الحاجة إلى إحصاء سكاني، وعودة المقيمين في الخارج، وفتح السفارات، واستعادة الاتصال القانوني مع الناس".
🔴 لم تخرج إجابات الشرع الذي ظهر في أول مقابلة مع وسيلة إعلام أجنبية منذ توليه منصبه الجديد عن حواراته السابقة، بقدر ما أعاد التأكيد على مجموعة من النقاط التي أُثيرت خلال هذه المقابلة.
◾افتتح الشرع إجابته عن الأسئلة بالإشارة إلى الفترة التي حكم فيها النظام السابق لمدة تصل لنحو… pic.twitter.com/NW46kFMv1Q
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 4, 2025
وردًا على الانتقادات التي وجهت لإدارة العمليات العسكرية خلال الفترة الماضية لاعتمادها على حكومة الإنقاذ التي تشكل لونًا واحدًا، قال الشرع إن هذا الخيار كان لـ"منع انهيار مؤسسات الدولة"، مضيفًا أن مهمة الحكومة الحالية المحددة بثلاثة أشهر تقتصر على "جمع البيانات"، قبل أن يضيف أنه "ستكون هناك حكومة أوسع وأكثر تنوعًا، بمشاركة من جميع شرائح المجتمع، لكن عملية الاختيار ستكون على أساس الكفاءة وليس العرق أو الدين".
تحديات كبيرة في المرحلة المُقبلة
يأتي حديث الشيباني، وإعلان الرئاسة السورية عن تشكيل اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، في وقت حساس تشهد فيه سوريا مرحلة مفصلية في تاريخها السياسي، حيث يواجه السوريون تحديات كبيرة عليهم تجاوزها خلال هذه المرحلة الانتقالية نحو بناء دولة جديدة. ومن المهم في هذا السياق الإشارة إلى تأكيد الشيباني على "عدم قبول المحاصصة الطائفية أو العرقية"، وهو ما يعكس محاولات الحكومة الجديدة التأسيس لمؤسسات وطنية تتجاوز الانقسامات التقليدية.
كما أن الأخذ باعتبار تنوع المجتمع السوري سيكون عاملًا مهمًا من الممكن أن يؤسس لمرحلة من الاستقرار السياسي بعيدًا عن التدخلات الخارجية، لذلك فإن نجاح هذه المرحلة يعتمد على قدرة الحكومة الجديدة على تحقيق الإصلاحات المطلوبة منها، بالإضافة إلى ضمان تحقيق العدالة الانتقالية، والنجاح في إدارة شؤون البلاد.