01-مارس-2025
زيلنيسكي ترامب

(AP) ترامب وزيلينسكي يتجادلان أمام عدسات الكاميرا في البيت الأبيض

شهد العالم، أمس الجمعة، لحظة تاريخية غير مسبوقة في مسار العلاقات الدبلوماسية بين الدول، خارجة عن المألوف في أعراف توقيع الاتفاقيات التجارية والمباحثات الدبلوماسية. فقد تخلل الاجتماع توبيخ ومشادة كلامية حادة بلغت حد مغادرة الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، البيت الأبيض، بناءً على طلب مستشار الأمن القومي، مايك والتز، ووزير الخارجية، ماركو روبيو، وذلك بأمر من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وفقًا لما أفاد به مسؤول أميركي لموقع "أكسيوس".

منذ اللحظة الأولى، استقبل ترامب زيلينسكي بتعليق ساخر على ملابسه، قائلًا: "انظروا إليه في كامل أناقته.. ثياب جميلة".وقد ظهر الرئيس الأوكراني مرتديًا بنطالًا وقميصًا أسودين، وهو الزي الذي اعتاد ارتداءه منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022.

ومع تصاعد التوتر خلال الاجتماع، هاجم ترامب زيلينسكي أمام عدسات الكاميرا، مؤكدًا أنه ليس في موقع يسمح له بفرض شروط، وحذّره قائلًا: "إما أن تتوصل إلى اتفاق، وإما أننا سنوقف دعم الحرب." كما انتقد موقف أوكرانيا، مشيرًا إلى أنها "في ورطة كبيرة" ولن تتمكن من كسب الحرب ضد روسيا. من جانبه، حاول زيلينسكي الرد على الانتقادات وتهدئة الأجواء، لكن الموقف تفاقم بعدما طالب منه نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، تقديم "كلمات تقدير لواشنطن".

وبعد انتهاء الاجتماع، أصدر ترامب بيانًا قال فيه: "لقد توصلت إلى أن الرئيس زيلينسكي، ليس مستعدًا للسلام إذا شاركت الولايات المتحدة في المفاوضات، لأنه يشعر أن تدخلنا يعطيه ميزة كبيرة في المفاوضات. لا أريد ميزة، بل أريد السلام"، مضيفًا أن الرئيس الأوكراني "أساء إلى البيت الأبيض". من جهته، اكتفى زيلينسكي بالقول في منشور على "إكس": "شكرًا أميركا على دعمك.. شكرًا للرئيس وللكونغرس وللشعب الأميركي".

آراء متباينة بين الجمهوريين والديمقراطيون

أكد غالبية المشرعين والنواب الجمهوريين أن ترامب "وضع أميركا أولًا" في اجتماعه مع زيلينسكي، كما كتب رئيس مجلس النواب الجمهوري، مايك جونسون على "إكس".

وفي حين كتب وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، على "إكس": "شكرًا للرئيس ترامب على الدفاع عن أميركا بطريقة لم يجرؤ أي رئيس سابق على القيام بها"، فإن وزير كفاءة الحكومة، إيلون ماسك، رأى أنه "حان الوقت لمعرفة ما الذي حدث بالفعل لمئات المليارات من الدولارات التي تم تحويلها إلى أوكرانيا".

في المقابل، نقلت مراسلة موقع "ذا هيل" في الكونغرس، مايكل شنيل، عن النائب الجمهوري، برايان فيتزباتريك، قوله: "كان من المحزن للغاية مشاهدة تطورات الأحداث في اجتماع اليوم بشأن مستقبل أوكرانيا"، مؤكدًا أن "وجود أوكرانيا قوية وذات سيادة أمر ضروري لاستقرار العالم في مواجهة عدوان بوتين المستمر".

فيما وصف النائب الجمهوري، مايك لولر، اجتماع ترامب وزيلينسكي بأنه "فرصة ضائعة" لواشنطن وكييف، مضيفًا أن "الدبلوماسية صعبة، وغالبًا ما تتخللها خلافات حادة ونقاشات ساخنة خلف الأبواب المغلقة. لكن خروج هذه التوترات إلى العلن كان كارثة، خصوصًا بالنسبة لأوكرانيا"، معتبرًا أن "الفائز الوحيد" هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

من جانبهم، انتهز الديمقراطيون الفرصة لمهاجمة إدارة ترامب، حيثُ رأى زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، أن "ترامب وفانس يقومان بعمل بوتين القذر"، وأضاف: "لن يتوقف الديمقراطيون في مجلس الشيوخ أبدًا عن النضال من أجل الحرية والديمقراطية". فيما كتب السيناتور بيرني ساندرز: "ترامب يوبخ زيلينسكي، زعيم دولة ديمقراطية تقاتل الإمبريالية الروسية بشجاعة".

أما رئيسة مجلس النواب السابقة، نانسي بيلوسي، فقد قالت في منشور على "إكس": "كان من الممكن أن يكون عرضًا لقوة رئيس الولايات المتحدة عندما يدعو رئيس أوكرانيا المنتخب إلى المكتب البيضاوي ويتعامل معه بطريقة لائقة"، واصفة الاجتماع بـ"العرض المخزي"، قبل أن تضيف: "لا بد أن بوتين يشعر بسعادة غامرة بالمسرحية التي شاهدناها".

أوروبا تقف إلى جانب كييف.. لكن ماذا عن اليمين؟

كما حظيت كييف بدعم أوروبي واسع النطاق، انعكس في رسائل زعماء الدول الغربية ومسؤولي الاتحاد الأوروبي، التي أعاد الحساب الرسمي لزيلينسكي على "إكس" نشرها. إذ كتبت مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، مشيرةً إلى أن التكتل سيعزز دعمه لأوكرانيا "حتى تتمكن من مواصلة محاربة المعتدي"، وأضافت: "أصبح من الواضح أن العالم الحر يحتاج إلى قائد جديد. الأمر متروك لنا نحن الأوروبيين للاستجابة لهذا التحدي".

وفيما قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في منشور على "إكس": "أنت لست وحيدًا أبدًا يا عزيزي الرئيس.. سنواصل العمل معك من أجل سلام عادل ودائم"، فإن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أكد أن التكتل والدول الحليفة كانوا "على حق عندما قدموا المساعدة لأوكرانيا وفرضوا العقوبات على روسيا قبل ثلاث سنوات"، مضيفًا أنه "لا يزال من الصواب الاستمرار في ذلك".

كما أكد رئيس الوزراء البولندي، دونالد توسك، في رسالة إلى زيلينسكي: "أصدقائي الأوكرانيين الأعزاء، لستم وحدكم". وبالمثل، شدد رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، على أن الرئيس الأوكراني لن يكون "أبدًا وحيدًا"، وأضاف: "سنواصل العمل معكم من أجل سلام عادل ومستدام".

من جانبه، رأى رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، أن "الرجال الأقوياء يصنعون السلام، والضعفاء يشعلون الحروب"، مضيفًا أن الرئيس الأميركي "وقف بشجاعة من أجل السلام، حتى وإن كان من الصعب على كثيرين استيعاب ذلك".

كما علّق زعيم حزب "البديل من أجل ألمانيا"، تينو شروبالا، على المشادة بين ترامب وزيلينسكي، بالقول إنه "يجب تحقيق السلام" بين موسكو وكييف، حتى لو لم يكن الرئيس الأوكراني موجودًا، مضيفًا: "بما أن الاتحاد الأوروبي وألمانيا، للأسف، لا يستطيعان التوسط، يجب أن تتفق الولايات المتحدة وروسيا".

أما على الجانب الروسي، فقد قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في مقابلة مع قناة روسية: "عندما يقول زيلينسكي، بصفته زعيم هذا النظام الإرهابي، عبارات مثل (ستواجهون مشاكل، وستشعرون بها)، فإنه يقصد ذلك تحديدًا، على ما أعتقد"، وأضافت: "نحن نشهد ذلك كل يوم، فهم يفخرون بالاغتيالات والتفجيرات"، وفق تعبيرها.