11-يناير-2017

الكنيسة البطرسية، 11 كانون الأول/ديسمبر (Getty)

منذ أيام، جاء بيان الكنيسة الأرثوذكسية على صفحة المتحدث الرسمي باسمها القس بولس حليم، بأن الكنيسة ترفض ما تم طرحه من اقتراحات بشأن قانون أمريكي بترميم الكنائس المتضررة بفعل الإرهاب، مؤكدة بشكل فج، ولم يمر على ضحايا البطرسية الأربعين، أن القوات المسلحة قامت وعلى أكمل وجه بترميم الكنائس المتضررة، وستنتهي من أعمالها الإصلاحية في نهاية العام، لتكون جاهزة للصلاة في عيد الميلاد بحسب التقويم الشرقي، كما لم ينس البيان أن يضيف "كنيسة البطرسية" إلى قائمة تلك الكنائس. كما أكد (البيان) أن سيادة الرئيس أوفى بعهده كاملًا بشأن إصلاح الكنائس، وانتهى البيان بعبارة: "أن الوحدة الوطنية فوق كل اعتبار، ولا نقبل المساس بها إطلاقًا".

في مصر، الجيش كيان والرئيس شخص، والشخص لا يعبّر عن الكيان

أهذا هو رد الكنيسة القوي بشأن تلك الأرواح التي ذهبت غدرًا، بسبب تقصير أمني يشار إليه بالبنان في الأزقة وعلى منابر الإعلام العالمية؟ أهكذا تمثل الكنيسة أبناءها؟ أكلُّ ما يهم الكنيسة هو المباني والإصلاحات؟ وإن قامت أمريكا بترميم الكنائس هل سيعكر هذا صفو الوحدة الوطنية؟ 

اقرأ/ي أيضًا: تفجير الكاتدرائية.. الرب لن يقاتل عنكم

بيان هزيل خاضع مستسلم، ينقل فلسفة الخضوع التي يعيشها بابوات الكنيسة وأساقفتها لشعبها. المسيح لم يكن سياسيًا، بل كان فيلسوفًا يرد بالحجة والمنطق القوي، ماذا تمثلون أنتم من تعاليم المسيح؟ لا سياسية وفلسفة!

"لن يدافع عنكم الله وأنتم صامتون"، هكذا علق صديق بعد أحداث البطرسية، مسلسل ما حدث في ماسبيرو يعاد من جديد، سأخبركم بما تقولونه في غرفكم المغلقة، أنتم تقولون أننا ننتظر عدالة السماء، فما حدث لمبارك ووزير داخليته العدلي قد يحدث للسيسي ونظامه. دعني أذكركم بموقف الكنيسة بعد أحداث كنيسة القديسين عندما راح العادلي يعلن أن جماعة إرهابية فلسطينية هي المسؤولة عن الحادث، فصدقته وأمّنت على كلامه وأعلت من قيمة وزارة الداخلية الساهرة على حمايتنا، ثم وبعد "ثورة يناير" ظهر ما تم كتمانه. وزارة العادلي وراء ما حدث، وفي كلا الحالتين لم نجد محاسبة للمسؤولين عن حادثة القديسين ولا ماسبيرو، ولا غيرهما حتى الآن.

قال أحدهم: عندما لا تجد أدلة اتهام مقنعة لقضية، وهذه الأدلة تظهر سريعًا، فاعلم أنها من ترتيب النظام، لا نحتاج أن نذكركم بمنصب السيسي عندما اندلعت أحداث ماسبيرو.

هل لاحظ نظام السيسي التراجع الشديد الذي حدث في صفوف الأقباط تجاهه؟

بعد هذا البيان، يظهر موقف الكنيسة الواضح من النظام، لا نقصد جيشنا العظيم، فالجيش كيان والرئيس شخص، والرئيس شخص لا يعبر عن كيان، الرئيس لا يعبر عن الجيش، لا يعبر عن أي شيء سوى قراراته وقرارات حكومته ونظامه غير المنطقية.

اقرأ/ي أيضًا: مذبحة ماسبيرو.. من يحمي الجيش من بطش الأقباط؟

كنت قد عرضت في مقال سباق أسباب تراجع شعبية السيسي عند الأقباط، وأنه مؤشر خطير يهدد عرش الرئيس، لأنه بذلك يفقد الضلع الأقوى من مؤيديه، وقلت إن سبب التراجع هو العمليات الإرهابية، سواء داخل خط الحرب في سيناء أو خارجه، لكن ما حدث في البطرسية يدفعنا إلى السؤال: هل لاحظ النظام التراجع الشديد الذي حدث في صفوف الأقباط تجاهه، فأراد بهذا العمل الإرهابي أن يثبت بشكل غير مفهوم أنه قادر على إحضار الجناة والدفاع عن الأقباط، بعد وقوع البلوة طبعًا؟

تلك هي اللعبة التي لعبها من قبله مبارك والسادات. ولا تزال علامات استفهام كثير أمام عملية البطرسية ستظهر مع الأيام، ولكن السؤال الرئيس الذي ربما يطرح نفسه بقوة تلك الأيام: هل يستمر السيسي في عادته الثانوية في أن يقتحم قداس العيد للأقباط لتهنئتهم بمعسول الكلام المخدر؟ وإن أتى كيف سيستقبله من هم بداخل الكنيسة، أعني الشعب؟ والأهم كيف سيراه من هم بخارجه، هل سيعيد هذا له مكانته في قلوب الأقباط؟ أم سنتفاجأ برد فعل تعكس حالة الغضب في الشارع القبطي تجاهه؟

حتى ذلك الحين يظل السؤال قائمًا، بعد فشله في كل مرة في أن يفي بعهده الذي أتى من أجله، ولأجله تم منحه توكيل الشعب بأن يكافح الإرهاب: هل سيصفق الأقباط للرئيس من جديد؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

عزمي بشارة.. تقديم مكثف في الملف القبطي

بابا الشعب أم بابا الأنظمة؟!