25-أغسطس-2020

رفضت الحكومة السودانية ربط ملفي قائمة الإرهاب والتطبيع مع إسرائيل (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

استبقت قوى الحرية والتغيير في السودان زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى الخرطوم، بإعلانها رفض تطبيع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل، في خطوة مشابهة للاتفاق المبرم مع الإمارات مؤخرًا، في الوقت الذي تحدثت تقارير غربية عن أن هدف الزيارة مناقشة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مقابل شروط أمريكية.

 نشرت وزارة الإعلام السودانية، تصريحات نسبتها لرئيس الحكومة، أكد فيها على مطالبته المسؤول الأمريكي بفصل ملف رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، عن ملف التطبيع مع إسرائيل

وقال بيان صادر عن مكتب المجلس المركزي لتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير إن موقف التطبيع مع إسرائيل "ليس من قضايا حكومة الفترة الانتقالية"، وأضاف البيان الذي صدر عقب انتهاء اجتماع جمع ممثلين عن قوى الحرية والتغيير مع رئيس الحكومة السودانية عبد الله حمدوك، مؤكدًا على "أهمية مواصلة الحوار مع الولايات المتحدة حول رفع اسـم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب".

اقرأ/ي أيضًا: الرباط تستبق زيارة بومبيو بإعلانها رفض التطبيع مع إسرائيل

جاء البيان الصادر عن تحالف القوى السودانية بالتزامن مع وصول بومبيو إلى الخرطوم للاجتماع مع رئيس الحكومة السودانية، بالإضافة لرئيس المجلس الانتقالي عبد الفتاح البرهان، وبحسب البيان الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية فإن بومبيو سيناقش مع المسؤولين السودانيين دعم الإدارة الأمريكية للحكومة الانتقالية في السودان، وقضية تطبيع العلاقات بين الخرطوم وتل أبيب.

ساعات قليلة لاحقة، حتى نشرت وزارة الإعلام السودانية، تصريحات نسبتها لرئيس الحكومة، أكد فيها على مطالبته المسؤول الأمريكي بفصل ملف رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، عن ملف التطبيع مع إسرائيل، مؤكدًا الملف الأخير ليس من مهام الحكومة الانتقالية، التي تسعى إلى نقل البلاد إلى مرحلة جديدة.

وألمح بيان وزارة الإعلام السودانية الصادر بعد ظهر الثلاثاء عقب لقاء رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بوزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو الذي يزور البلاد ليوم واحد، أن حديث رئيس الوزراء جاء ردًا على الطلب الأمريكي بتطبيع علاقات السودان مع إسرائيل.

وأوضحت وزارة الإعلام السودانية في بيانها أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك شرح لضيفه الأمريكي "أن المرحلة الانتقالية في السودان يقودها تحالف عريض بأجندة محددة لاستكمال عملية الانتقال وتحقيق السلام والاستقرار في البلاد وصولًا لقيام انتخابات حرة".

وأضاف رئيس الوزراء في لقائه مع بومبيو أن مسألة التطبيع مع إسرائيل "يتم التقرير فيها بعد إكمال أجهزة الحكم الانتقالي".

ابتزاز بشأن قائمة الإرهاب

يشير موقع ميدل إيست آي البريطاني في تقرير له إلى أن من بين القضايا التي يمكن أن يتطرق لها الاجتماع مناقشة رفع اسم السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب، والتي تعد أولوية قصوى بالنسبة للمجلس الانتقالي، وهو ما أكده حمدوك في كلمة متلفزة عندما تحدث خلالها عن قطع الخرطوم لشوط كبير باتجاه رفع اسمها من القائمة، فيما أشار مصدر حكومي إلى أن المسؤوليين السودانيين يتوقعون صدور القرار خلال الأسابيع القليلة القادمة.

وأدرج السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب بعد تقارير تحدثت عن دعم الرئيس المخلوع عمر البشير للجماعات الإسلامية الراديكالية في عام 1993، فضلًا عن توجيه المحكمة الجنائية الدولية تهمًا للبشير مرتبطة بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية خلال الصراع الذي كان دائرًا في إقليم دارفور ما بين عامي 2003 – 2009.

وكان البرهان قد التقى مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مدينة عنتيبي الأوغندية في شباط/فبراير الماضي، ونقلت حينها وسائل إعلام غربية على لسان ضابط سوداني رفيع المستوى قوله إن الإمارات هي من لعبت دور الوسيط في ترتيب اللقاء، في ظل مساعيها لدى الإدارة الامريكية بهدف رفع العقوبات المفروضة على السودان.

وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي أعلنت وزارة الخارجية السودانية إعفاءها للمتحدث الرسمي باسمها حيدر بدوي صادق من مهامه، بعدما أكد على وجود اتصالات دبلوماسية بين الخرطوم وتل أبيب، واصفًا قرار الإمارات بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بأنه "خطوة جريئة وشجاعة وفي المسار الصحيح لتحقيق السلام في الشرق الأوسط والسلام العالمي".

إلى ذلك، يسود انقسام بين المسؤولين السودانيين بشأن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، بينما يغيب أي موقف واضح من بعض الأطراف في قوى الحرية والتغيير التي فضلت نقاش الملف باعتباره موضوعًا دستوريًا يتعلق بالصلاحيات، ما انعكس بشكل واضح في رد حمدوك على اللقاء الذي جمع البرهان مع نتنياهو بالتأكيد على أن "العلاقات الخارجية من صميم مهام مجلس الوزراء وفقًا لما تنص عليه الوثيقة الدستورية (بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير)"، إضافة لإقالة المتحدث باسم الخارجية التي أوجدت تصريحاته "وضعًا ملتبسًا"، تشير تقارير إلى دور إماراتي وراءه، رغم أنه ووفقًا لبيان الخارجية السودانية فإن "أمر العلاقات مع إسرائيل لم تتم مناقشته بأي شكل من الأشكال".

وفيما أعلنت وزارة الإعلام السودانية أنه لن تكون هناك تغطية مباشرة للقاءات بومبيو مع المسؤولين السودانيين، فإن محللين أشاروا إلى أن الهدف من لقاء بومبيو مع حمدوك والبرهان يأتي في إطار تنسيق موقف الخرطوم من التطبيع "حتى لا يتكرر سيناريو اختلافهما المعلن بشأن لقاء عنتيبي في أوغندا"، فضلًا عن أن الزيارة لم تتضمن "أي حديث عن حوافز مقابل عملية التطبيع"، فيما توقع آخرون أن الهدف من زيارة المسؤول الأمريكي حصول الحكومة الانتقالية على دعم واشنطن، والمقايضة بشأن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

اقرأ/ي أيضًا: الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي.. ما علاقة صفقات السلاح الأمريكية؟

وكان بومبيو قد استهل جولته بزيارة لتل أبيب التقى خلالها نتنياهو إلى جانب مسؤولين إسرائيليين، وذلك بهدف إظهار دعم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإبرام المزيد من اتفاقيات التطبيع مع دول عربية أخرى، على خلفية الاتفاق المبرم يوم 13 آب/أغسطس الجاري بين أبوظبي وتل أبيب برعاية أمريكية.

يغيب أي موقف واضح من بعض الأطراف في قوى الحرية والتغيير التي فضلت نقاش الملف باعتباره موضوعًا دستوريًا يتعلق بالصلاحيات

في السياق، كان رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني قد استبق زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى الشرق الأوسط بتأكيده رفض الرباط تطبيع أي نوع من العلاقات مع الدولة العبرية، مشيرًا إلى أن مثل هذه الخطوات من شأنها أن تعزز موقف دولة الاحتلال في انتهاكاتها المستمرة لحقوق الشعب الفلسطيني، وأضاف مشددًا على أن قضية تطبيع العلاقات مع تل أبيب تعتبر من "الخطوط الحمراء بالنسبة للمغرب ملكًا وحكومة وشعبًا".