07-سبتمبر-2017

عبد العزيز بوتفليقة (Getty)

بات ظهور الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (1937)، الذي تولّى حكم البلاد عام 1999، حدثًا في حدّ ذاته منذ خطابه الشهير في مدينة سطيف عام 2012، حيث صرّح بأن حديقته قد حان قطافها، بما جعل الجزائريين يعتقدون أن الرجل يفكر جدّيًا في المغادرة، لكن لا شيء من ذلك حدث. فقد ترشّح لعهدة رابعة سنتين بعد ذلك، رغم المرض الذي ظلّ يخفيه عن الأعين.

حاولت المعارضة أن تثبت عجز الرئيس الجزائري عن أداء مهماته لكن ذلك باء بالفشل

تحرّكت المعارضة لتفعيل المادة 102 من الدستور الجزائري، والتي تقضي بإعلان شغور منصب الرئيس في حالة ثبوت ما يؤكد عجزه عن أداء مهامّه، لكن تحركها باء بالفشل. وهو ما دفع الجزائريين، خاصّة في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إلى استخدام السّخرية والنكت في التعبير عن هذا الوضع. من ذلك انتشار هذه التدوينة "بعد صراع مرير مع بوتفليقة المرض يموت".

اقرأ/ي أيضًا: ولد عباس:" بوتفليقة رئيسًا مدى الحياة "

التقط الشاعر رمزي نايلي (1987) حاجة هذه اللحظة الجزائرية الخاصّة إلى نصّ يكثّفها شعريًا، وأطلق نصًّا باللغة المحكية الجزائرية، في شكل رسالة إلى الرئيس، فالتقطها قطاع واسع من الفسابكة والمثقفين، وتبنّوها بإعجاب حوّلها إلى أيقونة شعرية.

يقول صاحب ديوانَيْ "فاعل الحبر" و"جدار يطلّ من النافذة" المعروف بمنشوراته الجريئة، في رسالته الشعرية إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بعد ترجمتها إلى اللغة العربية الفصحى: إنّ المرض يتمتّع بصحة جيّدة فيك. فهو يبري قلمه ويكتب بك غلطة سوداء في حياتي. هل جئت أم أتوا بك؟ أنا كنت طفلًا، وقد بادرني الشّيب قبل أن تدفئ كرسيك.

ماذا بينكم وبين البلاد؟ أرضها تتحمّل تربتها لأجل الزّرزور، الذي لم تبق له قسمة في حصاد الفلّاح؟ ماذا بينكم وبين التاريخ؟ الزمن رأس كبيرة وأنتم متزحلقون فوق صلعتها مثل حبّة مطر تتهرّب من عطش الدّنيا.

أنت شاهد على أننا غسلنا كؤوس سهرتكم بدم الأطفال، ورششنا به ساحتكم كي ترقص فيها الفضيحة. تقول إنك مجاهد؟ فما تراني أنا؟ لن أقبل صفة أقلّ من صفة الشهيد. قتلتنا يا سيّدي الرّئيس، فلا الماضي لانَ حتى نفهمه ويفهمنا، ولا الحاضر قدّم لنا نفسه مثل عابر سبيل أضاع خطواته، ولا المستقبل مبتهج بخطواتنا إليه. نحن ثقبة يدخل منها الشكّ إلى قلب العالم.

كيف تشرح لشقيقي الذي قتله السّرطان أن قدمه المقطوعة كانت عالة على الأرض؟ وبأن مرضك قدرنا الذي يجب أن نؤمن به؟

سيّدي الرئيس، لا تهمّني صحتك ولا حياتك، فما أخافه أن يأتي يوم أفتح فيه الباب، فلا أجد ما خارجه. كيف تشرح لشقيقي الذي قتله السّرطان أن قدمه المقطوعة كانت عالة على الأرض؟ وبأن مرضك قدرنا الذي يجب أن نؤمن به؟

اقرأ/ي أيضًا: الحكم في الجزائر.. ممنوع دخول الشباب

قلب أمّي توقف وأبي كذلك، قلوبنا. فالبركة في قلبك الذي بقي يدقّ. كلّ دقة برصاصة تقتل حلم طفل، وتجرح حمامة مرسومة على جدار المدرسة. تقول زوجتي: يا رمزي.. هل تريد لأطفالنا أن يولدوا هنا؟ فأسكت مثل عاهرة قبضت أكثر من حقّها، وأدسّ عينيّ في الأرض، لأنني لم أعد أملك سماءً.

 

اقرأ/ي أيضًا:

جمهورية الجنرال توفيق

المؤسسات الثقافية في الجزائر كأداة لخدمة النظام