19-يناير-2017

بهرم حاجو في مرسمه (فيسبوك)

افتتح، مساء اليوم، في "مركز الفنون بمدنية المنامة" في البحرين معرض للفنان التشكيلي الكردي السوري بهرم حاجو، تحت عنوان قاسٍ وصريح هو "مكممًا... بلا حوار". المعرض الذي يضم 35 لوحة، بقياسات مختلفة، غالبيتها منفذة بألوان الإكريليك، إضافة إلى مواد أخرى كالرمل والفحم وألوان البودرة؛ سوف يستمر إلى غاية 19 شباط/ فبراير المقبل.

الموضوع الأساسي الذي يتناوله بهرم حاجو في معرضه هو الإنسان في حالات العزلة

يخلق حاجو في أعماله سطحًا طبيعيًا للوحته بألوان محدودة، خاصة الأبيض والبني والأحمر والرمادي، ومن خلال هذه العناصر يجسّد عوالم فنية مكتظة بالجماليات التعبيرية، فيها متعة بصرية وقساوة فكرية، دون أن تخلو بعض مساحاتها من الرسم العفويّ الفطريّ.

اقرأ/ي أيضًا: ضياء العزاوي يطلق صرخته في الدوحة

الموضوع الأساسي الذي يتناوله حاجو في معرضه هو الإنسان في حالات العزلة، بصريًا وجماليًا وفكريًا. وبذلك يطرح مجموعة من تساؤلات تغلب عليها سمات الاحتجاج والرفض، رغم أن ما يقدمه للمتلقي هو حصيلة مسيرته التي كرّس نفسه لها، والتي عُرف بها على نطاق واسع، عربيّ ودوليّ. 

يكشف حاجو من خلال قدراته التعبيرية عن خبايا الإنسان المعاصر، فالإنسان في أعماله يعكس مفاهيم معرفية وفكرية عقيمة، في فضاء يخلو من الحوار والتواصل، حيث نشاهده وسط اللوحة مكمم الفم بالأيادي. جميع الشخوص مجسدة داخل فراغات بيضاء، كدلالات تعبيرية على التعارض بين الصمت والحوار، وحاجو يظهرها في أمكنة تبدو كأنها في مصحات عقلية، حيث نراها تعاني الوحشة والقسوة والعزلة.

يعالج الفراغ الكبير حول شخوصه بعناية معتبرًا إياه جزءًا مهمًا من اللوحة، ويوظف الفراغ كالصمت الذي يوازي الكتلة. إن الفراغ القائم في أعماله هو نوع من الجدل الفلسفي بين الشخوص وإحساسهم بالقسوة والعنف وحدة الزمن المتناقضة عليهم. هكذا سوف نرى البشر عراة دون أي شيء من الثياب على أبدانهم سوى جلدة، في بعض أحيان، تتحول إلى وشاح رقيق، وتغطي جزءًا من الجسم، ويعود ذلك إلى تعامله بحرية مطلقة مع اللون داخل الكادر الفني، لكننا في حالات أخرى نجد الإنسان بدون أقنعة في رحلة الألم والعذاب. 

وجود بورتريه شخصي للفنان، في لوحات بهرم حاجو، يكشف عن مشكلة وجودية في التواصل مع الآخرين

اقرأ/ي أيضًا: حسكو حسكو... شمال يتذكر في الشمال

في معظم لوحات بهرم نجد شخصين، أحدهما وجه الفنان ذاته، الذي يكشف عن مشكلة وجودية في التواصل مع الآخرين. بل إن وجود شخص واحد في إحدى اللوحات، مع يد من خارج لوحة، ممتدة على فم هذا الشخص المجسد داخلها. عند مشاهدتنا لهذه الأعمال تستيقظ في ذاكرتنا البصرية أشياء غامضة، تجمع بين طياتها شحنات وجدانية وذهنية، ونسمع أصوات شخوصه تندد وتقول: جميعكم مذنبون بما يحدث من جرائم وقتل بحق الإنسان في الكون!  

يذكر أن بهرم حاجو ولد في مدينة تربه سبيه (أقصى شمال شرق سوريا) عام 1952. يقيم في ألمانيا منذ ثلاثة عقود، يحمل الجنسية الألمانية إلى جانب جنسيته السورية، ويحمل إجازة من أكاديمية مونستر للفنون بألمانيا 1984، وهو متفرغ للعمل الفني، ويعد من الفنانين التشكيليين ذوي الحضور القوي في الحركة التشكيلية الألمانية الحديثة، وفي رصيده عدد كبير من الجوائز العالمية، وقد كُرّم عدة مرات، أبرزها حصوله على جائزة هنري ماتيس الفرنسية في عام 2014، التي تعتبر أهم جائزة في الفن التشكيلي الأوروبي المعاصر.



اقرأ/ي أيضًا:

مروان.. التجريد الأكثر واقعية

لوحات لفنانين عراقيين تغزو المستشفيات والجامعات