14-سبتمبر-2021

لهذه التقنيات في حال رواجها آثار مدمّرة خطيرة على الأفراد والمجتمع

ألتراصوت- فريق الترجمة

لطالما خشي الباحثون في مجال تطبيقات وتقنيات "التزييف العميق" (DeepFake) من هذه اللحظة المرعبة التي قد تحدث زعزعة كبيرة في عالم التقنية وتأثيراتها على الأفراد والمجتمعات. فعبر موقع جديد لافت للأنظار ببساطته البالغة، يظهر في منتصفه زر أزرق ضخم، عليه عبارة تدعو المستخدم إلى رفع صورة وجه. أسفل ذلك الزر الأزرق، أربعة وجوه مولّدة عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، تتيح لك اختبار الخدمة. فوق الزر توضيح عن الهدف من الموقع: تحويل صورة أي شخص إلى نجم "إباحي"، عبر استخدام تقنيات "التزييف العميق" (DeepFake)، بحيث يتم وضع صورة الوجه في مقطع فيديو إباحي (بورنوغرافي). كل ما هو مطلوب إضافة الصورة، وضغط الزر!

اقرأ/ي أيضًا: ما هي الإباحية الانتقامية؟ 

لن ننقل في هذه المادة اسم الموقع ولن نعرف به، ولن نستخدم أي مقاطع أو اقتباسات مباشرة قد تساعد بالوصول إليه أو إلى محتوياته، ولكن سنستعرض هنا بعض المعلومات عنه، مترجمة بتصرف عن موقع MIT Technology Review.

الأداة التي يوفرها الموقع سهلة الاستخدام بشكل صادم (MIT Technology Review)

الموقع حتى الآن غير مشهور على نطاق واسع، وله قاعدة مستخدمين محدودة، على نحو يساعد على تقديم التغذية الراجعة للموقع لأغراض تطويره بشكل أكبر، مع الاعتماد على تعليقات المستخدمين على المنتديات الرقمية المعنية. إلا أن الخبراء يخشون ظهور مثل هذه التطبيقات والمواقع وانتشارها على نطاق واسع بين المستخدمين، بشكل يتجاوز الحدود الأخلاقية وعلى نحو غير مسبوق على الإطلاق.

صحيح أن تقنيات "التزييف العميق" منذ نشأتها الأولى قد استخدمت لأغراض تتعلق بالمحتوى الإباحي الموجّه للبالغين، لصناعة محتوى مفبرك بالاعتماد على صور حقيقية للنساء، وهو ما تسبب بأضرار نفسية وخيمة، حيث شاعت عمليات وضع أوجه المشاهير على مقاطع فيديو إباحية. وبحسب التقديرات التي أعلنت عنها شركة "Sensity AI)، فإن 90 إلى 95 بالمئة من فيديوهات التزييف العميق على الإنترنت هي في مقاطع إباحية، وفي تسعين بالمئة من الحالات تكون الضحايا من النساء.

ومع تطوّر التقنية، بزرت عدة أدوات سهلة الاستخدام، تتيح للمستخدمين "تعرية" صور النساء ونزع الملابس عنها، وهو خدمات تعرضت بعد موجة من الانتقادات والتبليغ إلى الحجب والإغلاق، مع استمرار وجود التقنية نفسها (الكود الخاص بذلك ما يزال متاحًا ومتوفرًا بأشكال أخرى). لكن تظهر بين الحين والآخر مواقع جديدة، وتحصد زيارات مليونية، وكان آخرها موقع حقق أكثر من 6.7 مليون زيارة في شهر آب/أغسطس، وما يزال الموقع يعمل حتى الآن، بانتظار أن يتم حجبه أو إغلاقه.

لوسائل التواصل الاجتماعي دور في مواجهة الاستخدامات غير القانونية لتقنية التزييف العميق (Getty) 

كما ظهرت بعض التطبيقات الأخرى التي توفر خيار تبديل الوجوه، مثل تطبيق (ZAO)، أو تطبيق (ReFace)، والتي تضع الوجوه في مقاطع مختارة من الأفلام أو المسلسلات. أما التطبيق المخصص لمقاطع الفيديو الإباحية، والذي تم الكشف عنه مؤخرًا، فقد أحدث نقلة مرعبة في مجال توظيف هذه التقنيات، والتي تتيح المجال لاستخدام الصور (بدون إذن أصحابها) في مقاطع فيديو إباحية، وبطريقة سهلة جدًا ستدفع ملايين المستخدمين لتجربتها حتى لو لم يكونوا قد فكروا من قبل في إنشاء مقاطع مماثلة.

تطبيق سهل الاستخدام

التطبيق المثير للجدل يمتاز بسهولة استخدامه، حيث يوجه المستخدم فور تحميل الصورة المطلوبة إلى مكتبة من مقاطع الفيديو الإباحية، معظمها لنساء، وبعضها لرجال (للجنس المثلي). ثم يختار المستخدم مقطع الفيديو المطلوب الذي يرغب بتركيب الصورة على عليه، ثم تظهر له النتيجة خلال ثوان معدودة. وفي حال رغب المستخدم في تنزيل المقطع الكامل، فليس عليه سوى الاشتراك والدفع.

الجودة المتدنية في المقاطع التي تنتجها هذه التطبيقات لا تخفف من آثرها المدمّر على الضحايا 

النتيجة في الفيديو الناتج ليست مثالية، ويمكن بكل سهولة معرفة أن الوجه مركب بشكل مفبرك على المقطع، خاصة عند حركة الجسم الذي تم تركيب الصورة عليه. لكن بعض المقاطع قد تكون مناسبة لتركيب الصور عليها، وقد لا يلاحظ الشخص أثر التزييف العميق الحاصل عليها عبر تركيب الصور. لكن الخبراء يرون بأن جودة المقطع ليست ذات أهمية هنا، فالأثر النفسي والاجتماعي الذي يمكن أن ينجم عن مثل هذه الفبركات الخطيرة قد يكون مدمّرًا للضحايا وأسرهم، سواء كان المقطع ذا جودة عالية أو متدنية، خاصة أن معظم الناس لا يدركون حتى الآن بأن مثل هذه التقنيات والأدوات متوفرة ومتاحة بشكل أوسع، وأن الأشخاص العاديين يمكن لهم أن يستخدموها لإنتاج مثل هذه المقاطع.

 

يدعي هذا الموقع أنّه آمن ومسؤول، وأن هدفه هو إتاحة الفرصة للمستخدمين لاستكشاف نزواتهم الجنسية. ورغم أن الموقع يشجّع المستخدم على رفع صورته الشخصية، إلا أنه ليس ثمّة ما يمنع من تحميل صور الآخرين، ويبدو من التعليقات التي انتشرت في بعض المنتديات حول الموقع أن العديد من المستخدمين يلجؤون إليه لاستخدام صور الآخرين وتركيبها على مقاطع فيديو إباحية.

آثار مدمّرة وخطيرة

لمثل هذه البرامج والتطبيقات آثار مدمّرة على النساء والفتيات، وتنسحب على عموم المجتمع بسبب حالة الذعر التي يمكن أن تنشأ في حال استغلال هذه التقنيات ورواجها. فعلى الصعيد النفسي، لا يقل أثر هذه المقاطع رغم أنها مفبركة عن أثر "الإباحية الانتقامية"، أي نشر مقاطع فيديو حميمية وخاصة تم الحصول عليها برضا الطرف الآخر لأغراض الانتقام منه، بعد الانفصال أو الخيانة مثلًا. ويرى ناشطون أن مقاطع الفيديو الإباحية المفبركة التي تستخدم صور نساء أو فتيات، لأغراض الانتقام أو تشويه السمعة أو لمجرد التسلية وإشباع النزوات المرضية الشاذة، قد تحطّم الضحايا بشكل عميق وطويل المدى.

يهدّد انتشار المقاطع الإباحية المفبركة سلامة الأفراد والمجتمعات 

فالصور ومقاطع الفيديو في حال انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات التواصل، سيكون من الصعب حذفها، ولهذا آثار خطيرة على المستوى الشخصي والاجتماعي وحتى المهني. فعند انتشار صورة أو مقطع، تكتب له حياة رقميّة يصعب إنهاؤها مهما حاول الطرف المعني ذلك. وكما ينطبق ذلك على النساء والفتيات، فإن ذلك ينطبق على الرجال، حيث يمكن أن يؤدي استخدام صورهم في مقاطع الفيديو الإباحية، خاصة تلك المتعلقة بمقاطع إباحية مثلية، إلى عواقب وخيمة عليهم نفسيًا واجتماعيًا وقانونيًا، خاصة في الدول التي تجرّم المثلية الجنسية.

يدعو الناشطون في مواجهة هذه التطبيقات والمواقع إلى تطوير المنظومة القانونية والرقابية على مثل هذه الأنشطة وتجريمها

ويدعو الناشطون في مواجهة هذه التطبيقات والمواقع إلى تطوير المنظومة القانونية والرقابية على مثل هذه الأنشطة وتجريمها، وتطوير الآليات التي تضمن حذف مثل هذه الأشكال من المحتوى على تطبيقات التواصل الاجتماعي، وتجريم إنشاء مثل هذه المواقع واستخدامها.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

 

ما هي الإباحية "الكيديّة" وكيف تتعامل معها مواقع السوشال ميديا؟

 

يمكنك الآن أن "تؤجّر" وجهك لاستخدامه في تطبيقات الـ"DeepFake"

فيسبوك يعتذر عن خطأ بنظام الذكاء الاصطناعي يصنف السود ضمن "الرئيسيات"