14-أغسطس-2022
EGYPT-ENERGY-ELECTRICITY-NATURAL GAS

القاهرة (Getty)

أعلنت الحكومة المصرية مؤخرًا على لسان رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، عن خطة لتقليص استهلاك الكهرباء في المباني الحكومية وإنارة الشوارع والمرافق والميادين العامة بهدف توفيركميات أكبر من الغاز الطبيعي المستخدم لتوليد الكهرباء، لأغراض التصدير.

أصدرت الحكومة المصرية حزمة قرارات لترشيد استهلاك الكهرباء بهدف توفير الغاز وتصديره لأوروبا في الشتاء

كما تضمنت الخطة إلزام المولات التجارية بعدم تخفيض درجة التكييف فيها عن 25 درجة مئوية، وقد أكد مدبولي أن الهدف من خطة حكومته هو توفير المزيد من العملة الصعبة "بطرق غير تقليدية".

في السياق ذاته، أعلنت الحكومة المصرية عن زيادات في أسعار الوقود ليرتفع سعر البنزين 95 بمقدار جنيه واحد، والبنزين 92 بمقدار نصف جنيه، والبنزين 80 والسولار بمقدار نصف جنيه أيضا لكل منهما، فيما ثبتت الحكومة أسعار المازوت المستخدم في الصناعات الغذائية ومحطات الكهرباء، في حين قررت زيادة سعره لباقي الصناعات بمقدار 400 جنيه.

التقشف في مصر والغاز في أوروبا

القرارات التقشفية تأتي بعد أيام من إعلان البنك المركزي المصري عن تراجع الاحتياطي الأجنبي إلى نحو 33 مليار دولار في حزيران/ يونيو الماضي، الأمر الذي دفع الحكومة إلى تقليص الاستهلاك المحلي للوقود بهدف بيع الفائض للسوق الأوروبية التي باتت تبحث عن بدائل للغاز الروسي خاصة مع اقتراب فصل الشتاء.

مصر التي حققت الاكتفاء الذاتي في الغاز الطبيعي عام 2018 واحتلت المركز الرابع عشر عالميا والخامس إقليميا في إنتاج الغاز عام 2020، قدر حجم صادراتها من الغاز عام 2021 بما يقارب أربعة مليارات دولار، ويساهم حقل غاز ظهر الذي اكتشف عام 2015 في إنتاج حوالي 40% من إجمالي إنتاج البلاد للغاز، إذ تحصل مصر على حوالي 65% من الغاز المستخرج من الحقل في حين تحصل شركة إيني الإيطالية التي اكتشفت الحقل على ال35% الباقية من الإنتاج.

Zohr Field

في حزيران/ يونيو الماضي، وقعت مصر اتفاقية مع دولة الاحتلال لنقل الغاز الطبيعي من الأخيرة إلى محطات الإسالة في شمال مصر، ومن ثم شحنه شمالا إلى السوق الأوروبية.

الاتفاق الذي أعلن الاتحاد الأوروبي عقب توقيعه عن تقديم دعم بقيمة 100 مليون يورو للاقتصاد المصري قيل إنها جاءت بهدف مساعدته على مواجهة تبعات الحرب الروسية- الأوكرانية، قوبل بانتقادات كثيرة وتساؤلات عن مدى استفادة مصر منه، خاصة وأن مصر كانت قد وقعت مع "إسرائيل" اتفاقيات أخرى تلزمها باستيراد الغاز الإسرائيلي رغم كونها أحد أهم مصدري الغاز في المنطقة.

رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، وصف الاتفاق آنذاك بالـ"تاريخي"، في حين قال عنه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إن "مصر أحرزت هدفا"، إلا أن الاتفاق لا زالت بنوده غامضة وغير معلن عنها.

وتشير التقديرات إلى أن الحكومة المصرية تسعى إلى توفير سيولة نقدية تضمن قدرتها على توفير المواد الغذائية التي تعتمد في توفيرها بشكل أساسي على الاستيراد، بالإضافة إلى الإنفاق على مشاريع كانت قد أعلنت عنها مسبقا مثل مشروع إنشاء عاصمة إدارية جديدة للبلاد، ويأتي ذلك في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من التضخم ومن مديونية تقدر بـ400 مليار دولار.

خطة تقليص استخدام الطاقة يتوقع أن توفر حوالي 570 مليون قدم مكعب يوميا وفقا لتحليل أجرته شركة ريستاد إينيرجي، وهو ما يقدر بحوالي ثلث حجم صادرات البلاد من الغاز.

استياء شعبي

الخطة الحكومية أثارت ردود فعل غاضبة في الشارع المصري الذي انتقد استثناء المؤسسات الأمنية وقصر تطبيقها على المؤسسات الحكومية والثقافية والرياضية، كما انتقد كثيرون الوضع الذي آل إليه ميدان التحرير، أحد أهم معالم العاصمة المصرية. 

في حين انتقد آخرون الخطط الاقتصادية في البلاد وطريقة تعامل الدولة مع السيولة النقدية المتاحة واستمرارها في مشاريع رأى البعض أنها ليست ذات أهمية.

في المقابل، تتحدث الحكومة المصرية عن سعيها لتحقيق فائض بنسبة 15% من حجم الغاز الطبيعي المستخدم في محطات توليد الكهرباء، والتي تستهلك زهاء 38 ألف مليون متر مكعب من الغاز سنويًا، بحسب تقرير الشركة المصرية القابضة للكهرباء عام 2021. وبحسب مراقبين، فإن الرقم المعلن عنه طموح للغاية، إلا أنّه يمكن تحقيقه في ظل الظرف السياسي القائم، والمراهنة على قدرة النظام على تمرير سياسات اقتصاديّة بدون أي عوائق تذكر، في ظل حالة القمع غير المسبوق الذي تشهده البلاد.