بلدة خزاعة سويت بالأرض.. أدلة إضافية على ارتكاب إسرائيل لجريمة الإبادة في غزة
14 يونيو 2025
أجرت منظمة العفو الدولية تحليلًا لصور أقمار صناعية ومقاطع فيديو موثوقة، كشفت بوضوح أن جيش الاحتلال الإسرائيلي سوّى بالأرض ما تبقى من بلدة خزاعة جنوبي قطاع غزة، وذلك خلال أسبوعين فقط من شهر أيار/مايو المنصرم. واعتبرت المنظمة أن هذه الواقعة تمثّل دليلًا إضافيًا على ارتكاب إسرائيل لجريمة الإبادة الجماعية في غزة.
وأكدت العفو الدولية أن الأدلة الجديدة من بلدة خزاعة تبرز "الحاجة الملحة إلى التحقيق في ارتكاب الجيش الإسرائيلي لجريمتيْ الحرب المتمثلتين في التدمير غير المبرر والعقاب الجماعي" بحق سكان غزة.
العفو الدولية: "لا يمكن اعتبار تسوية ما تبقى من خزاعة حادثةً معزولة، بل هي حلقة إضافية في سلسلة ممنهجة وغير مشروعة من نمط التدمير الواسع الذي ينفذه الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة"
نمط من التدمير المتعمّد
أظهرت نتائج تحليل أجرته منظمة العفو الدولية لصور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو التي حصلت عليها، أن إسرائيل اتبعت "نمطًا من التدمير المتعمّد للبنى التحتية الضرورية لاستمرار الحياة، بما في ذلك بعض أكثر الأراضي الزراعية خصوبةً في قطاع غزة، في إطار خطة مدبّرة لإخضاع الفلسطينيين في القطاع لظروف معيشية يُراد بها تدميرهم المادي، كليًا أو جزئيًا".
وبيّنت إحدى الصور الجوية الملتقطة في أيار/مايو الماضي، أن بلدة خزاعة بمحافظة خان يونس تحوّلت إلى ركام خلال أقل من أسبوعين، علمًا بأن البلدة كان يقطنها نحو 11,000 فلسطيني.
وترى العفو الدولية أن هذه الأدلة تؤكد بوضوح أن إسرائيل "تواصل نمطها في تدمير المناطق المدنية دون وجود ضرورة عسكرية حتمية، إذ يتجاوز هذا الدمار الممنهج نطاق الاشتباكات التكتيكية بكثير".
وفي تعليقها على هذه الأدلة الجديدة بشأن جريمة الإبادة الجماعية في غزة، قالت مديرة البرامج في العفو الدولية، إريكا غيفارا روساس: "مسح بلدة خزاعة بالكامل يمثّل شاهدًا صارخًا على الحملة الإسرائيلية المتواصلة للتدمير الممنهج لقطاع غزة، بتحويل بلدات بأكملها إلى أراضٍ جرداء من الغبار والركام".
وأضافت روساس: "إن حجم هذا الدمار يفوق أي ضرورة عسكرية يمكن تصورها، ويشير إلى حملة متعمّدة تشنّها القوات الإسرائيلية لجعل المنطقة غير صالحة للسكن".
وأشار تقرير العفو الدولية إلى أن التدمير الإسرائيلي الممنهج طال "بعض أكثر الأراضي الزراعية خصوبةً في قطاع غزة، بما في ذلك أراضٍ حيوية للإنتاج الغذائي، في سياق استخدام إسرائيل للتجويع كسلاح حرب".
التسلسل الزمني لمسح بلدة خزاعة
أفاد تقرير العفو الدولية الصادر يوم أمس، بتفاقم حجم الدمار في خزاعة على نحوٍ متسارع خلال شهر أيار/مايو المنصرم، ففي 14 و15 من الشهر، تناقلت وسائل إعلام فلسطينية تقارير تفيد بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي "شنّ غارات جوية وقصفًا مدفعيًا على المنطقة، على الأرجح تمهيدًا لانتشار قواته البرية".
وفي 17 أيار/مايو، كشفت صور الأقمار الصناعية التي حللها مختبر الأدلة التابع لمنظمة العفو الدولية عن "مسارات جديدة لآليات ثقيلة عبرت الحدود من إسرائيل مباشرة إلى خزاعة". وفي اليوم نفسه، أعلن الجيش الإسرائيلي إطلاق عملية "عربات جدعون"، إيذانًا بتوسيع هجماته داخل قطاع غزة.

وبعد ذلك بنحو 10 أيام، قدّمت مقاطع فيديو تأكدت منظمة العفو الدولية من صحتها، "دليلًا بصريًا مفصلًا لا لبس فيه على تسوية مساحات شاسعة من بلدة خزاعة بالأرض، وتحويلها إلى ركام خلال الأيام السابقة".
وأشارت العفو الدولية إلى تصريح أدلى به القائد العسكري المقدّم دور يوعتس بتاريخ 25 أيار/مايو، قال فيه لجنوده: "خرجنا في سبيل استئصال الوكر الإرهابي المعروف بخربة خزاعة"، مضيفًا: "هزمنا الأعداء في غضون أيامٍ قليلة، وخربة خزاعة لم تعد موجودة" — ما اعتبرته المنظمة تأكيدًا إضافيًا على جريمة مسح البلدة.
وفي وقت لاحق، أصدرت بلدية خزاعة بيانًا بتاريخ 31 أيار/مايو قالت فيه إن "حجم الدمار في البلدة يفوق كل التقديرات، ويجعلها خارج نطاق الخدمة بشكلٍ كامل".

وختمت منظمة العفو الدولية تقريرها بالقول إن "لا يمكن اعتبار تسوية ما تبقى من خزاعة حادثة معزولة، بل هي حلقة إضافية في سلسلة ممنهجة وغير مشروعة من نمط التدمير الواسع الذي ينفذه الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة". وشددت على أن المحو الفعلي لبلدة خزاعة في أيار/مايو 2025 "يستوجب فتح تحقيق مستقل ومحايد. فهذا العمل الصارخ من التدمير غير المبرر، والمقترن بنمط متواصل من تسوية مناطق مدنية في أنحاء مختلفة من قطاع غزة، لا يمثل فقط ازدراء إسرائيل السافر للقانون الدولي وحقوق الفلسطينيين الأساسية، بل يكشف أيضًا عن خطة مدبرة لتحويل غزة إلى أرض جرداء وتمزيق نسيجها الاجتماعي، واستمرار إخضاع الفلسطينيين لظروف معيشية يُراد بها تدميرهم المادي. هذه إبادة جماعية، ويجب وقفها الآن" وفقًا لمنظمة العفو الدولية.