08-سبتمبر-2015

سوريا خلصت والحرب لساتها بخير! (ياسين آكغول/أ.ف.ب/Getty)

طرح نشاط (Event) "بكرا بس تخلص الحرب" على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" سؤالاً، هو ماذا تريد أن تفعل عندما تنتهي الحرب في سوريا؟ وأجاب عليه أكثر من 40 ألف مشترك على مدى أكثر من شهر. الجميع يريد أن يفعل شيئًا، الجميع يريد أن تنتهي الحرب.

صحيح أن النشاط انتهى، لكن الأجوبة ما زالت صالحة للقراءة، إذ لا يعكس ما كتب في صفحة النشاط أي تفاؤل بنهاية قريبة، حيث تراوحت التعليقات بين السخرية والأسى لما آلت إليه الأمور في البلاد، وعبر معظمها عن كل أنواع الشوق للمدن وأهلها ومن رحلوا أو من قضوا خلال هذه "الحرب"، التي لا تريد أن تعرف نهاية.

اللافت هو عبارة "بتبدا حرب جديدة" التي كررها كثيرون

وبينما اختار البعض أن يحلموا بالعودة إلى مدنهم وبيوتهم، وزيارة كل المدن السورية التي يعرفونها تلك تعرفوا إليها من خلال الأخبار، قرر آخرون ربما بألم أكبر، أو بتشاؤم أكثر، أن "يفتحوا ثقباً في الذاكرة" كما كتبت إلهام، ليمسحوا الحرب بما مر خلالها، في حين عبر البعض عن شكهم بنهايتها، فعلق بلال ويزن وأسعد ساخرين: "بس تخلص الحرب بدي قص إيدي"، وكتب سيزار: "سوريا خلصت والحرب لساتها بخير"، وذهبتفاطمة أبعد من ذلك قائلة: "إذا خلصت رح موت من الدهشة".

اللافت هو عبارة "بتبدا حرب جديدة" التي كررها كثيرون. وربما كانوا محقين بقولها، في ظل ما تشهده البلاد من صراعات، بين قوات النظام والفصائل المعارضة من جهة، وبين تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والفصائل المعارضة من جهة أخرى، وبين التنظيم وقوات النظام من جهة ثالثة، وبين فصائل معارضة وفصائل أخرى معارضة، بين الإسلاميين المتشددين والمعتدلين، والحروب الإعلامية بين مختلف مكونات الشعب الطائفية والعرقية، يبدو رسم خريطة لهذه الصراعات صعبًا ومعقدًا، فكيف بتخيل مصير بلاد في ظلها، نعم ربما ستبدأ حروب أخرى.

في مقابل هذه الجرعة من التشاؤم لا يزال هناك متفائلون

في مقابل هذه الجرعة من التشاؤم لا يزال هناك متفائلون، عبروا عن رغبتهم في إعادة إعمار البلاد، والعودة من المنافي القسرية التي فرضت على جيل كامل من الشباب والشابات، فكتبت هدى: "رح إجمع رفقاتي وننزل إيد بإيد، نكنس الشوارع وندهن حيطان البيوت المحروقة ونعمر المدارس"، فيما أبدى الغالبية رغبتهم بالاهتمام بجيل من الأطفال حرم التعليم، وأهمية عودة هؤلاء الأطفال إلى المدارس، لاستعادة مستقبلهم المسروق ومستقبل البلاد بأكملها.

البعض من الفئة الأشد تفاؤلًا، أصروا على أن ما يحدث ثورة وليست حربًا، ثورة لتنتصر وليست حربًا لتنتهي، معبرين عن أملهم ألا تذهب تضحيات الشهداء ودماء من رحلوا هدرًا. يمكن أن نسمّي هذه فئة الحالمين، وهي محقة في أحلامها، حتى لو كانت افتراضية.

روح الدعابة التي لم تفارق السوريين على مدى أكثر من أربعة أعوام من الثورة، لم تفارقهم وهم يتمنون أمنيات صغيرة، تفاصيل ما كان شخص ليتوقف عندها وأصبحت أحلامًا للسوريين، فكتب علاء: "بس تخلص الحرب بدي أعمل هوية"، فيما قال أحمد بين السخرية والجد:"بس تخلص الحرب رح خلي المكيف شغال طول الليل"، بينما علقت شذا:"بس تخلص الحرب بدي جاكر وزارة الكهربا وإشعل كل ضوايا البيت وخليهن يسترجوا يقننوا"، فيما سخر شادي:"بس تخلص الحرب رح تكون سوريا كلها منظمات إنسانية".

بدوره قال بشار: "رح نحكي لولادنا كيف كنا نوقف على دور الخبز 12 ساعة"، أما إياد فعلق متمنيًا: "بس تخلص الحرب رح يرجع كيلو الموز بستين ليرة"، وابعتد أسامة عن الحاجات اليومية الأساسية، وذهب إلى القول: "بدي إحذف القنوات المغرضة وغير المغرضة وما خلي ع التلفزيون غير وناسة ومرح"، في إشارة إلى الملل والإرهاق الذي سببته المتابعة اليومية للأخبار ومجريات الأحداث، واستعار ساري أحداث مسلسل باب الحارة، وكأنه بذلك يستبعد احتمال انتهاء الحرب أصلًا: "رح فوت على حارة الضبع وأحرق الأخضر واليابس".

ولم يفت المعلقين التعبير عن خيبة أملهم جراء مواقف الدول العربية، وتعاطيها مع اللاجئين السوريين، فكتب البعض عن رغبتهم في الرد بالمثل، وعدم السماح للعرب بدخول سوريا بسهولة، وطلب آخرون أن يصبح اسم سوريا "الجمهورية السورية" مع إسقاط كلمة العربية ــ حزنًا لا أيديولوجيًا ــ بسبب من أدار ظهره للسوريين من العرب.