22-مايو-2023
Getty

عمليات الإعدام من قبل مجموعة فاغنر تمت بإجراءات موجزة (Getty)

عادت الاتهامات بارتكاب جرائم الحرب لتطارد قوات مجموعة فاغنر الروسية من جديد، فقد أصدرت مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان تقريرًا جديدًا خلُص إلى أنّ مؤشرات قوية تدلّ على ضلوع قوات فاغنر وقوات من الجيش المالي في مقتل أكثر من 500 شخص، أعدم غالبيتهم بإجراءات موجزة، في سياق عملية عسكرية استمرّت خمسة أيام ونُفِّذَت في قرية مورا في منطقة موبتي بوسط مالي في آذار/ مارس 2022، كما شملت الانتهاكات  اغتصاب ما لا يقل عن 58 امرأة وفتاة.

كشف التقارير عن عمليات عنف واسعة نفذتها مجموعة فاغنر الروسية في مالي

وبحسب مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك فإن: "نتائج التقرير مروّعة للغاية. فعمليات الإعدام بإجراءات موجزة والاغتصاب والتعذيب أثناء النزاع المسلح ترقى إلى مستوى جرائم الحرب وقد تصل بحسب الظروف إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية."

وتولت بعثة مكثفة لتقصي الحقائق في مجال حقوق الإنسان مكونة من موظفي الأمم المتحدة في مالي إجراء التقرير المذكور على مدى عدة أشهر. 

واستند التقرير إلى مقابلات مع الضحايا والشهود، وإلى الأدلة الجنائية ومصادر معلومات أخرى، على غرار صور الأقمار الصناعية، بعدما رفضت السلطات المالية طلبات الفريق الأممي بالوصول إلى قرية مورا نفسها، وفقًا للأمم المتحدة.

زكي وزكية الصناعي

تفاصيل مجزرة مورا

نقل التقرير تفاصيل المجزرة في قرية مورا، يومًا بيوم، حيث انطلقت العملية التي وصفتها السلطات بأنها عملية عسكرية لـ"مكافحة الإرهاب" ضد مجموعة تابعة لتنظيم القاعدة تُعرف باسم كتيبة ماسينا، يوم 27 آذار/ مارس 2022، وهو يوم يصادف تنظيم سوق أسبوعي مزدحم في مورا.

وأفاد شهود عيان، حسب التقرير، بأن مروحية عسكرية حلقت فوق القرية وأطلقت النار على الناس، فيما هبطت أربع مروحيات أخرى نزل منها عدد من الجنود قاموا باقتياد الناس إلى وسط القرية، وأطلقوا النار بشكل عشوائي على من حاولوا الفرار. 

كما أفاد التقرير أن بعض مقاتلي كتيبة ماسينا ممن كانوا في الحشد أطلقوا النار على القوات، "فقُتِل ما لا يقل عن 20 مدنيًا بالإضافة إلى عشرات الأفراد الآخرين الذين زُعم أنهم ينتمون إلى كتيبة ماسينا".

وعلى مدى الأيام الأربعة التالية، "أُعدم ما لا يقل عن 500 شخص بإجراءات موجزة على ما يبدو"، بحسب ما جاء في التقرير. 

وجمع فريق تقصي الحقائق "تفاصيل كثيرة تتعلق بالهوية الشخصية، بما في ذلك أسماء ما لا يقل عن 238 من هؤلاء الضحايا".

وأفاد شهود عيان بأنهم رأوا "رجالًا مسلحين من ذوي البشرة البيضاء" يتحدثون لغة غير معروفة ويعملون إلى جانب القوات المالية ويبدو أحيانًا أنّهم يشرفون على العمليات. ووفقًا للشهود، قامت القوات المالية بالتناوب يوميًا داخل مورا وخارجها، لكن العناصر الأجانب بقوا داخل القرية طوال مدة العملية، في إشارة إلى قوات فاغنر.

وبعد يوم واحد من الاعتداء، بدأ الجنود بتفتيش المنازل بحثًا عن "الإرهابيين المفترضين"، ويقول التقرير إنهم "اختاروا على ما يبدو الأشخاص أصحاب اللحى الطويلة وأعدموهم، والأشخاص الذين يرتدون سراويل بطول الكاحل، والذين يحملون علامات على أكتافهم فُسرت بأنها نتجت عن حمل السلاح، وكلّ من ظهرت عليه علامات الخوف حتّى".

كما نقل التقرير عن شهود "أنّ الجنود اقتادوا مجموعة من الرجال تم اعتقالهم في جنوب شرق القرية وأطلقوا النار عليهم مباشرةً على الرأس أو الظهر أو الصدر، ثمّ ألقوا جثثهم في حفرة. وأضاف الشهود أنّ من قاوموا أو حاولوا الفرار أعدموا أيضًا على يد القوات المسلحة المالية و"الرجال البيض المسلحين وأُلقي بهم في الحفرة".

بودكاست مسموعة

اغتصاب وعنف جنسي وتعذيب واعتقال

كشف التقرير الأممي عن "تعرض 58 امرأة وفتاة للاغتصاب أو لأشكال أخرى من العنف الجنسي. وفي إحدى الحوادث المروعة، ورد أن الجنود أحضروا أغطية وبياضات من أحد المنازل، وفرشوها تحت الأشجار في الحديقة وتناوبوا على اغتصاب النساء".

كما تمّ اعتقال عشرات الأشخاص، وقد تعرض بعض المحتجزين، حسب التقرير الأممي "للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة أثناء الاستجواب وأثناء الاحتجاز في قرية مورا، وكذلك في الوكالة الوطنية لأمن الدولة في العاصمة باماكو".

وأشار التقرير الأممي إلى إعلان السلطات المالية "عن فتح تحقيق في هذه الحوادث بعد وقت قصير من وقوع الاعتداء، لكن بعد مرور أكثر من عام وبانتظار النتيجة النهائية للتحقيق، واصلت إنكار ارتكاب قواتها المسلحة أي خطأ".

وتعليقًا على موقف السلطات المالية الإنكاري، قال المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك "يجب إجراء التحقيقات في مثل هذه التقارير الخطيرة عن انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بطريقة مستقلة وحيادية وشفافة وبهدف محاسبة المسؤولين والجناة".

مردفًا القول إنه: "من الضروري للغاية أن تتخذ السلطات المالية جميع الخطوات اللازمة لضمان أن تحترم القوات المالية المشاركة في أي عمليات عسكرية وعمليات إنفاذ القانون، بمن فيهم العناصر العسكريون الأجانب الخاضعون لقيادتها أو سيطرتها، قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان بالكامل".

موقف أمريكي 

تفاعلًا مع التقرير الأممي الجديد أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية، بيانًا جاء فيه أنّ الولايات المتحدة "تشعر بالذهول من التجاهل للحياة البشرية الذي أبدته عناصر من القوات المسلحة المالية بالتعاون مع مجموعة فاغنر المدعومة من الكرملين".

ووصف البيان الأمريكي مجموعة فاغنر بكونها "قوة مزعزعة للاستقرار، حيث شارك أفرادها في نمط مستمر من الانتهاكات، بما في ذلك القتل على غرار الإعدام والعنف الجنسي والتعذيب في مالي والدول الأخرى التي تكافح مع عدم الاستقرار".

أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية، بيانًا جاء فيه أنّ الولايات المتحدة "تشعر بالذهول من التجاهل للحياة البشرية الذي أبدته عناصر من القوات المسلحة المالية بالتعاون مع مجموعة فاغنر المدعومة من الكرملين"

يذكر أنه بعد الإطاحة بالرئيس المالي المنتخب إبراهيم بوبكر كيتا آب/أغسطس 2020 من قِبل ضباط في الجيش أبرمت السلطات الجديدة في باماكو "اتفاقًا تم بموجبه نشر نحو 1000 مقاتل من مجموعة فاغنر في قواعد عسكرية بمعظم أنحاء البلاد"، ومن حينها والاتهامات تطارد فاغنر بارتكاب فظائع ومجازر في مالي وعدة مناطق أخرى في العالم، بما فيها مناطق أوكرانية من بينها باخموت على سبيل المثال حسب تقرير لصحفية الغارديان البريطانية.