20-يوليو-2018

كشفت حملة ""#MeToo" مئات قصص التحرش الجنسي التي ظلت طي الكتمان لسنوات (أ.ف.ب)

شاركت آشلي جود، وغوينيث بالترو، و16 شخصية أخرى من عوالم ومجالات مختلفة، قصصهم فيما يخص تأثير حملة "#MeToo" لكشف قصص التحرش الجنسي، على حياتهن.

كشفت حملة "#MeToo" مئات القصص عن التحرش الجنسي التي ظلت طي الكتمان لسنوات، خصوصًا في أوساط المال والفن والإعلام

وإن كنا نعلم ما واجهه المتهمون بارتكاب جرائم التحرش الجنسي، من تجاهلهم للأمر في أعقاب الاتهامات التي بدأت توجه لمشاهير في عالم المال والفن والإعلام؛ فربما لا نعلم ما الذي حدث للأشخاص الذين دفعوا ضريبة دعمهم لهذه الحملة.

اقرأ/ي أيضًا: "أنا أيضًا ضحية تحرش" #Me_Too.. حكايات مؤلمة وواقع مرير

فيما يلي، ونقلًا بتصرف عن صحيفة نيويورك تايمز، نستعرض تفاصيل ما حدث لـ20 امرأةً ورجل تحدثوا عما جرى لهم في أعقاب كشفهم عن قصصهم التي طال كتمانها، فقد عانوا من انهيار عاطفي، ومستقبل مهني على المحك، وربما انتابهم قليل من الندم، إلا أنه في نهاية المطاف، تجرأ كثيرون وعرفوا على الأقل أن أصواتهم تعني الكثير.


1. آشلي جود (ممثلة):

تلقيت أول رسالتين على بريدي الإلكتروني في هذا الصدد في الخامس من تشرين الأول/أكتوبر، وكانا من مساعدين تنفيذيين لرؤساء استوديوهات. كان الأمر مؤثرًا للغاية آنذاك، لأنهن كانا امرأتين يعملان تحت إمرة رجال يتحكمون في كل شيء. فقد كانتا أول وأسرع من أرسل لي مذكرة شكر، ودعم، وإعجاب. وعلى حد علمي كان من الممكن أن يمثل ذلك نهاية الأمر، كان قويًا جدًا.

تبيّن بعد ذلك أن تلك كانت مجرد بداية. فقد أرسل لي كثير من الناس رسائل شكر على متن الطائرات، رجالًا ونساء. وفي الواقع، أُعيد قراءة ثلاث رسائل منهم أحتفظ بهم على المنضدة بجانب سريري. فحواهم متشابهة إلى حد كبير، جاء فيهم: "لك جزيل الشكر، لقد مررت بتجربتي الخاصة مع التحرش والاعتداء الجنسي، لقد كنتِ شجاعةً للغاية، وجعلت الأمر أسهل بالنسبة لي".

آشلي جود
آشلي جود

وعلى متن إحدى الطائرات، كنت أرتدي قميصًا مكتوبًا عليه "Time’s Up" (إحدى الحركات المناهضة للتحرش)، وعند نزولي من الطائرة، وجدت الركاب مصطفين لشكري.

يمثل التحرش الجنسي في أماكن العمل تهديدًا على الفرص الاقتصادية، إِذْ يتجلى التلاعب بديناميكية السلطة في مسار العاملين، ما يؤثر على راتبهم بطبيعة الحال. إن القدرة على وضع أساس قانوني للإصلاح يعد أمرًا بالغ الأهمية. فالترقيات التي لم تتحقق، والتحويل الذي أُعيد تعيينه، والفرص مقابل العمل الإضافي، كلها أساليب لمعاقبة النساء. إن الكشف عن كل هذه الأمور، وطرح علاج اقتصادي وقانوني لها، يعد جزءًا لا يتجزأ من إستراتيجية تقدم القوى العاملة.

قبل بضعة أشهر، كنت أقود سيارتي في ريف ولاية تينيسي، وكنت أستمع إلى تقرير عن حملة "#MeToo" في البرلمان الروسي. أثار الأمر دهشتي بشدة، فقد بدأ الأمر بسيطًا من خلال أحاديثنا. لقد قمت بذلك لأنه الشيء الصحيح الذي يجب القيام به، وكنت أثق بأن الأمور ستسير بشكل صحيح.

الآن، أود أن أصرخ فرحًا من على أسطح المنازل وأنادي: "ليتقدم الجميع، ليشارك الجميع". على كل شخص أن يتخذ قراره الخاص، لكنني أظن أننا نستطيع القول بثقة، إن لدينا ملايين الأشخاص هنا يقدمون الدعم والأمل. لا أحد يستطيع فعل ذلك بالنيابة عني، لكنني لن أستطيع فعل ذلك وحدي.

2. سوزيت رايت (عاملة بمصنع فورد في شيكاغو خلال التسعينات):

كان الأمر أشبه بالتقلبات العاطفية، فقد أعاد ذلك إثارة كثير من المشاعر بالنسبة لي، وهو ما كان صعبًا عليّ التعامل معه. وفي نفس الوقت، في ظل وجود كثير من الناس يتواصلون معي بحثًا عن المساعدة في الوقت الذي كنت ألملم فيه شتات عواطفي؛ كان من الصعب عليّ موازنة الأمر. سعيت للحصول على دعم نفسي، وشعرت أنني في حاجة لذلك حتى أستطيع الاستمرار.

سوزيت رايت
سوزيت رايت

أعتقد أن أفضل رد تلقيته جاء من بعض الرجال الذين قالوا إن سماعهم لقصتي ألهمهم لإحداث بعض التغييرات في الشركة، ما جعل الأمر يستحق العناء بالفعل بالنسبة لي.

لم يتوقف هاتفي عن الرنين طوال الوقت، وقد تلقيت دعوةً للمشاركة في اختتام المسيرة النسائية بشيكاغو، والتي كانت استثنائيةً بكل المقاييس. انتهزت كل فرصة أصادفها لأنني أعرف حتى الآن، وحتى هذه اللحظة، أن هناك نساء لا زلن يعملن في ذلك المصنع، وفي كافة الصناعات الأخرى يخشين التحدث. كان الاعتذار من شركة فورد مهمًا لأنه يُعد اعترافًا بالخطأ، ولكن لابد من فعل شيء الآن.

3. ويندي والش (كانت ضيفةً على برنامج The O’Reilly Factor):

في فترة ما بعد الظهيرة، نشرت صحيفة نيويورك تايمز تحقيقًا عليه صورتي في الصفحة الأولى، تلقيت حينها رسالةً شخصية واحدة على حسابي في تويتر من غريتشن كارلسون، أخبرتني فيها أنها تصدقني. تنفست الصعداء، وشعرت أنني لست وحدي.

وردني بعدها خطاب تهديد من محامي الإعلامي بيل أوريلي، تجمدت أوصالي من الخوف مرة أخرى. هل يسعى هؤلاء الرجال ذوي النفوذ إلى مقاضاتي؟ وهل يدفعونني وأطفالي إلى حافة الفقر تحت وطأة أتعاب الدفاع القانوني؟

ويندي والش
ويندي والش

لكن الرسائل الإيجابية التي وصلتني عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أذهلتني، وكان أفضل شيء في كل ذلك، أنني تلقيت عددًا هائلًا من رسائل الدعم من رجال؛ لقد أخبروني قصصًا مروعة عن مشاهدة رجال سيئين يتلاعبون بالنساء، وبسبب القوانين الذكورية، أو مراتبهم العالية، تُصبح النساء عاجزات عن الشكوى.

وعلى الرغم من قلقي المتزايد من تضرر أعمالي بسبب ذلك، حيث أعمل حاليًا في مجال الإذاعة، والرعاة هم كل شيء؛ زاد الأمر من مصداقيتي بشكل ما. فقد أرادت كافة أنواع الشركات الأخلاقية بشكل مفاجئ أن أمثل علامتها التجارية.

4. ناتالي سيبيل (كانت تعمل في مطعم لصاحبه كين فريدمان):

في السنوات التي تلت فصلي من العمل، تملكني غضب شديد، وغيظ مشتعل لا أجد لهم منفسًا. ولم يكن ثمة ما ألتجئ إليه. وراودني إحساس بأن الوقت قد اقترب لفعل شيء. فكرت بما أن لدي المستندات الخاصة بي، بالإضافة إلى الغضب المشتعل بداخلي، فلابد من استخدامها بالشكل الأمثل. وعندما لاحت الفرصة للمشاركة والمساعدة لكي أكون محفزةً ومناصرةً للأخريات، كنت على أهبة الاستعداد.

ناتالي سيبيل
ناتالي سيبيل

لم أكن أريد أن يكون الأمر متعلقًا بي وبمصداقيتي وبثأري فحسب. فقد أردت للأخريات أن يكون لديهن شعورًا بالحزم والتعافي من الصدمة، ومن الإيذاء، والخوف، واللوم، والخجل من النفس. فهؤلاء هن الشابات الضعيفات اللاتي يعتمدن عليه للحصول على مرتباتهن.

في الحقيقة، كان الأمر متعلقًا بالسلطة والهيمنة على النساء. كان هناك بعض النساء اللواتي يحبون فريدمان بالفعل ويمرحن معه. وبادلته الكثير من النساء الحب. أعتقد أنه سيطلق على نفسه داعمًا للنساء إذا سألته عن ذلك. لم يعد الأمر يمثل صدمة بالنسبة لي، بل يشعرني بالحزن الشديد.

5. درو ديكسون (كانت تعمل مديرةً تنفيذية لدى شركتي Def Jam وArista Records):

كان اليوم الذي نشرت فيه تلك القصة على الإنترنت أكثر اللحظات سرياليةً في حياتي، كان بمثابة قنبلة متفجرة!

هناك رجال يتمتعون بنفوذ كبير لا يمكن تصديقه. إنهم رموز ثقافية، ورجال أعمال بارزين. لذا، كان مجرد العبث بعش دبابير هاتين الفئتين الضخمتين من الأشخاص من الأمور التي لم أكن أعرف عقباها.

في نفس الوقت، ولدى قرائتي للموضوع للمرة الثانية، شعرت بارتياح شديد، لأنني فعلت ما يتوجب عليّ فعله، ولكن على الرغم من الرعب المحيط برد الفعل وتداعيات الأمر، ومدى صعوبة تقبل عائلتي لذلك، فلقد اكتفيت من تحمل هذا العبء الثقيل. كان ذلك أشبه بحمل أُزيح عن كاهلي، والذي لم أكن أدرك مدى ثقله حتى وضعته.

من الصعب جدًا على امرأة سمراء البشرة أن تتهم رجلًا أسمرًا واسع النفوذ، لأننا لا نملك الكثير من هذه النوعية. لقد قاتلنا دومًا، ولانزال نقاتل في هذه المعركة الشاقة، ونسعى دومًا للتغلب على خرافة الرجل الأسمر الهمجي.

درو ديكسون
درو ديكسون

وبالتالي فإن آخر شيء تود القيام به هو المشاركة في ذلك بأي شكل من الأشكال. إنها مسألة معقدة بالنسبة لامرأة سمراء، هل ستضمها للفريق؟ وهو ما فعلته طوال 22 سنة. أم أنك ستصر على أنك أيضًا تستحق الكرامة، والسلامة الجسدية، والاحترام؟ كان ذلك صعبًا للغاية بالنسبة لي، وهو ما احتفظت به سرًا حرفيًا طوال هذه السنوات. لم أكن أرغب في تشويه رجل أسود، فما بالك باثنين. لكن ما فعلوه كان خطًأ.

على الجانب الآخر، لم أرد لامرأة سمراء أن تفوت المشاركة في حملة "#MeToo". لم أرغب في ضياع هذه الفرصة حتى يسمعني ويصدقني الآخرين.

أود القول إن ذلك كان دافعًا حقيقيًا بالنسبة لي لأعود من جديد إلى مجال الموسيقى، فقد كان الأمر مصدر سعادة، ورضا نفسي كبير بالنسبة لي. وأعتقد أنني أبلي بلاءً حسنًا في ذلك. كان عدم قدرتي على تسجيل الموسيقى بمثابة خسارة كبيرة لي. بسبب المقال المنشور، تواصل معي كثير من الفنانين المبدعين، واحدةً منهم قد وقعت لها على الغلاف الذي أعددته خصيصًا لتسجيلها. لم يكن ذلك ليحدث لو لم أعد للظهور، وأذكر نفسي، والآخرين، بما أبرع فيه.

6. ديبورا هاريس (كانت مديرة معرض Armory Show للفن المعاصر):

بالعودة إلى شركة "فوراندو"، حددت أنا ومحاميّ قيمة تعويضي، لكنهم كانوا عنيدين ولم يرغبوا في التفاوض، ومن ثم، لجأنا إلى اللجنة الفيدرالية لتكافؤ فرص العمل (E.E.O.C)، بسبب بيئة العمل العدائية والانتقامية. كان من المفترض أن يستغرق حلّ هذه القضية من ستة أشهر إلى سنة.

لم أستطع سرد ما حدث بالفعل عندما غادرت، فقد غادرت خلسةً. كما لم أرغب في التحدث عن أي شيء لأنني لم أرغب في تعريض أي مسار للتفاوض للخطر.

ديبورا هاريس
ديبورا هاريس

تقوم فقط بما عليك القيام به للخروج من هذا الوضع. لم يكن لدي أي شيء لأخسره في هذه المرحلة، ولم أكن أبحث عن وظيفة كبيرة بدوام كامل، ولكن لنقل أنك لازلت في الثلاثينيات من عمرك، ولازلت منخرطًا في العمل ولا تريد أن تُنبذ، تلك هي المعضلة. وقد كان أسوأ شيء بالنسبة لي، عدم دعم النساء الأخريات في المكتب لي، على الرغم من شكواهم بهذا الصدد لي. لم يردن فقدان وظائفهن حسب ما فهمت.

بعد نشر القصة، نشرت ابنتي على فيسبوك قائلةً: "أمي محاربة في حلبة العدالة الاجتماعية". شعرت بنوع من الفخر في عينيها. أنا حقًا فخورةً بنفسي.

7. غوينيث بالترو (ممثلة):

أشعر وكأنني لم أعالج الأمر بعد. لازلت أشعر بالصدمة تمامًا، فقد نشأت في عالم حيث حافظت تلك الأنظمة على بقائها. إن رؤية شخص مثل هارفي واينستاين، الذي كان شخصًا سلطويًا في عالمنا المهني، والذي كان يمسك بكثير من خيوط مسيرتي المهنية في يديه، مصفدًا، أمر غاية في الروعة بالنسبة لي.

إن هذا النظام موجود منذ آلاف السنين، ولكن لا يمكن التصرف وفق هذا النهج في الوقت الراهن. إن الآثار النفسية التي عانينا منها جراء استغلال رجال يمتلكون سلطة علينا، كثيرة لدرجة يصعب علاجها، لأننا بنينا هويتنا، وأنظمتنا الدفاعية، وقوتنا دون حماية أنفسنا من هذا النوع من الأنظمة. بصفتي أم لفتاة تبلغ من العمر 14 عامًا، إنه لأمر صاعق أن نعرف أننا نعيش في ثقافة تؤول بنا لهذا النوع من الأشياء.

غوينيث بالترو
غوينيث بالترو

هناك ساتر من الخزي قد رُفع عن كل هذه الأمور. ثمة شعور رائع بالترابط داخل المجتمع النسائي. كثير من النساء ليس لديهن أدنى قوة للدفاع عن أنفسهن. من أجل ذلك شعرت بالإزعاج والأهمية، كما شعرت بالسذاجة لعدم خوض تأهيل نفسي لفرضية ما إن حدث ذلك لامرأة واحدة أرادت وضع نهاية للأمر.

8. جولي روفولو (كاتبة حرة):

ربما قد سمعت ولو قليل عن مقال نيويورك تايمز. لكن لا أحد تقريبًا قد تواصل معي. لم أكن مستعدة لكبت ما أشعر به، خاصةً بعد ما رأيت مدى حجم المشكلة بالفعل بشكل مُركّب.

لا أستطيع التحدث عما حدث، ولا أستطيع أن أخبرك ما إذا كان ذلك قد حدث أكثر من مرة أم لا، كما لا أستطيع أن أخبرك من أيضًا كان متواجدًا لدى حدوث ذلك، أم كنت وحيدةً. لا أستطيع أن أخبرك عن شعوري حيال ذلك، ولا أستطيع أن أخبرك عن القوة التي تربط بيني وبين الشخص أو الأشخاص الذي حدث ذلك لهم.

لا أستطيع أن أخبرك عن الأشخاص الذين أبلغتهم بما حدث في الشركة، ولا عن ردة فعلهم. لا أستطيع حتى أن أخبرك عن ما إن كان قد تغير رد فعلهم مع مرور الوقت أو مدى تغيره. لا أستطيع أن أخبرك عمن طلبت نصيحته، أو عما قالوه لي. لا أستطيع أن أخبرك عن الظروف التي وقعت أثناءها على الاتفاق، ولا أستطيع أن أخبرك بما قيل لي قبل أو بعد توقيع الاتفاق.

جولي روفولو
جولي روفولو

كنت أود أن أشارك غيري من الأشخاص في كل مكان، رجالًا ونساءً، أيًا من كانوا، وأشجع الجميع على أن يتفحصوا جيدًا اتفاقية عدم الإفشاء. لأنك عندما توقع على إحداها، فإنك تتنازل عن حقك الدستوري في التعبير بحرية عن رأيك.

ربما يجب ألا نُسهب في التساؤل عن توقعنا لتصرف البشر بشكل مثالي، ولكن التساؤلات الأهم التي يجب أن نطرحها: ما هي الآليات المُطبقة عندما لا تسير الأمور بشكل جيد؟ وعندما تُنتهك حقوق شخص ما؟

 

 

9. ليندسي ماير (رائدة أعمال):

كان من بين الأشياء التي دفعتني لاتخاذ قراري بمشاركة القصة المعقدة للغاية، أنني كنت على بعد أسابيع قليلة حرفيًا من تلقي تمويل لشركتي الجديدة، معظم الناس لا يحصلون على فرصة ثانية، أو حتى يستطيعون استجماع شجاعتهم ورغبتهم في تحمل هذا الحجم من المخاطر مرة أخرى. وهكذا، كنت على وشك الحصول على فرصتي الثانية الكبرى، فما الذي كان عليّ فعله؟ كنت على وشك البدء في شيء قد يعرض سمعتي للخطر!

مرت عشرة أشهر ونصف حتى الآن، وأخيرًا وللمرة الأولى أكتشف وأدرك الدور الذي استطعت تأدتيه آنذاك. والآن أستطيع التعامل مع الناس والنظر مباشرةً في أعينهم، وأميز الإطراء الصادق عن غيره ذي النوايا المسيئة.

ليندسي ماير
ليندسي ماير

وبعد أيام قليلة، وأسابيع، بل وحتى أشهر من كتابة هذه القصة، كنت أحمل في ذاكرتي هذا الحجم الهائل من الخزي. لم أكن أتوقع أن يستغرق الأمر كل هذا الوقت. ساعدني صوتي وقصتي في إشعال تلك القضية والحركة التي أصبحت عالمية، لقد اكتسبت حياة كاملة خاصة بها، لدرجة أنني لم يكن لدي وقت كي أتنفس، أو أفكر فيها، أو آخذ قسطًا من الراحة.

في حالتي، كان هناك دليل دامغ، وفي حالة ما إذا كنت قد عرفت ذلك آنذاك، لكنت استطعت فعل شيء في نهاية المطاف بكل تلك الرسائل النصية، والرسائل الإلكترونية، والرسائل الصوتية.

كنت ممتنةً لأنني احتفظت بكل دليل ورقي، ما جعلني أدرك كلما عدت بالذاكرة إلى الوراء، أن ما مررت به لم يكن مجرد أوهام في رأسي.

10. كارين برونكر (فنانة):

أود أن أقول أن 89% من الردود التي حصلت عليها كانت إيجابية للغاية. فقد عبر أغلب الأشخاص عن إعجابهم بشجاعتي بالظهور والتصريح بما حدث. وهو تدريب جيد بشكل أو بآخر على الدفاع عما تؤمن به، والصدوع بالحق في أمور لا تُغتفر.

مقارنةً بطريقة سير الأمور، قد يبدو ذلك أمرًا تافهًا يمكن القيام به. إنه لأمر رائع أن يراني بعض الناس أتمتع بالشجاعة، لكني إن لم أستطع فعل ذلك، كيف لي أن أقف في وجه أي شيء آخر أكبر حجمًا؟ أعتقد أيضًا أن هناك ميزة كنت أملكها، أنني لن أخسر مستقبلي المهني كمهندسة معمارية، لأنني قد تركت المجال بالفعل نحو الفن.

كارين برونكر
كارين برونكر

كان من بين الأمور التي أشعرتني بالفخر، رؤية رد فعل ابنتي، فقد كانت معجبة للغاية،و لسان حالها يقول: "أمي، يا له من أمر رائع، كان ذلك قاسيًا، لقد فعلت الشيء الصحيح، ما أكسبك قوة أكبر". إنها في الـ23 حاليًا، بدأت العمل للتو. الشابات الصغيرات في الوقت الراهن لديهن توجه مختلف. لديهن استعداد قليل للتغاضي عن الأشياء.

كان ما يُقال آنذاك: "ليس هناك مكان آخر أذهب إليه، وهذه هي طريقة تعامل الرجال"، لكن الأمر مختلف الآن. ففي الوقت الراهن سوف يستمع الناس إلى هذه القصة في نهاية المطاف بدلًا من الانصراف عنها. نحن نتحدث الآن لأن الثقافة السائدة تسمح بالإصغاء إلينا.

11. هيلين دوناهو (كاتبة ومديرة تواصل اجتماعي):

شعرت بعزلة أكبر منذ أن أفصحت عما بداخلي، يرجع ذلك جزئيًا إلى أن المقال المنشور قد أفسد العديد مما تبقى من علاقاتي بأشخاص في الوسط الإعلامي. كنت في أجازة مع العائلة. علم والديّ بما كان يجري، وكانا فخورين، ومتحمسين بشكل ما لظهور تغريدتي على شبكة "سي إن إن". لجأت في عدد من المرات إلى مواقع التواصل الاجتماعي، والتي كانت بمثابة علاج، فأخيرًا أبدى الناس بعض الاهتمام.

وعندما نُشر المقال، ازداد قلقي بشكل كبير. فقد تعرف عليّ أشخاص غرباء من خلال الإنترنت، وراسلني أناس لم أتحدث إليهم منذ سنوات. لكنني اكتشفت أن عدد أصدقائي في شركة فايس (التي وقعت فيها حادثة التحرش) أقل من أي وقت مضى. فقد تواصل معي رجل واحد فقط كان يعمل معي في شركة فايس في الأيام التالية لنشر المقال، وكان أمرًا متوقعًا، فهو صديق جيد ويعرفني جيدًا.

هيلين دوناهو
هيلين دوناهو

أما بقية من تواصلوا معي كانوا من النساء. حتى ذلك الحين، كان عدد من تواصلوا معي أقل بكثير مما كنت أطمح إليه. كان أمرًا قاسيًا، فكل هؤلاء الأشخاص الذين اعتبرتهم عائلتي في يوم من الأيام لم يقفوا إلى جانبي.

تواصل معي عدد آخر من زملاء العمل السابقين في وقت لاحق، ولكن على الرغم من ذلك، كنت أفترض أن الأمر يبدو وكأن كل رجل مستقيم عملت معه في شركة فايس، كان مرتعدًا لأنه ربما قد تحرش بي في وقت ما، لذا من الأفضل عدم قول أي شيء على الإطلاق، وكذلك من الأفضل عدم الاعتذار كي لا يبدو الامر وكأنه إقرار بالذنب. أعتقد أن الرجال قد اعتادوا على ديناميكية السلطة في أماكن العمل، لدرجة أنهم لا يستطيعون إدراك أن ما يفعلونه يتسبب في أضرار دائمة عند النساء.

اخترت عدم الدخول في علاقات وثيقة ومعتدلة مع زملاء العمل في الوقت الراهن. فأنا أذهب إلى العمل، وأقوم بعملي، ثم أعود إلى البيت. ففي آخر مرة حدث تداخل بين عملي، وبيتي، وزملائي، وعائلتي، خسرت كل شيء. وخسرت نفسي. لن يحدث هذا ثانيةً.

12. كيم روبنستاين (كانت تعمل مخرجة في مسرح لونغ وارف بمدينة نيوهيفين):

في نهاية المطاف، ذرفت الدمع طوال الوقت. كان ذلك مزيجًا من الراحة والأسى، فقد كان هذا الأسى والحزن على ما حدث برمته. لقد تلقيت العديد من الرسائل الإلكترونية الداعمة، فقد ساندني ووقف إلى جانبي أناس من الذين كانوا معي في مسرح لونغ وارف، والذين علموا قليلًا مما حدث لي، كان ذلك مفيدًا حقًا، كما تلقيت مجموعة من الرسائل الإلكترونية من أشخاص كان لهم تجارب مريرة مع جوردون (المتحرش) أيضًا، وقالوا "إن ما وصفته قد حدث بالضبط تقريبًا معي".

كيم روبنستاين
كيم روبنستاين

لقد انتهيت للتو من إخراج مسرحية جديدة باسم "كيف تدافع عن نفسك"، هنا في مهرجان المسرحيات الجديدة في سان دييغو، تدور أحداثها عن طالبة تعرضت للاغتصاب من أحد أعضاء الأخويات، وتقوم إحدى زميلاتها في نادي الطالبات بتأسيس فصل لتعليم فنون الدفاع عن النفس. كان عملًا رائعًا، وكانت عاقبته راحة وشفاء للصدر، ولكن تخلله بعض الأوقات التي كنت أخرج للراحة فيها، وتنتابني نوبة بكاء أو غضب شديد.

اتصل مسرح لونغ وارف بي بعد وقت طويل، لا لكي يقولوا لي "كيف حالك؟"، أو "نشعر بالأسف عما حدث"، ولكن للسؤال إن كنت على استعداد للحديث إلى شركة محاماة عينوها للتحقيق في كيفية حدوث ذلك، وأسبابه. تحدثت إلى المحامية، وكان الأمر جيدًا، قالت إن هذه ليست محادثة لإثبات أي شيء، لأن الجميع يصدقونك. لذا، فنحن نتحدث عما يمكن فعله.

شعرت في هذه اللحظة أن ستارًا كبيرًا قد كُشف، وتمكننا من رؤية أشياء لم نتمكن من رؤيتها من قبل. أشعر بشديد الامتنان لذلك، الأمر صعب ولكن هذه هي الطريقة التي نتطور بها ونمضي بها قدماً.

13. فانيسا كارلتون (طالبة سابقة في مدرسة نيويورك سيتي للباليه):

كان ذلك بمثابة تنفيس جماعي لما يحيق بصدور كثير منا. إن الشيء المختلف بالنسبة للباليه، ثقافة الصمت التي تحيط به. إذ تبدأ في التكيف مع ذلك ببلوغك الـ11 أو الـ12 من عمرك. لم يكن لدي أدنى فكرة عن معاناة الآخرين. إنه انفصال تام عن الجميع لدرجة أنك تعيش بالفعل في تجربتك الخاصة، ومن ثم كشفت هذه الحملة عن كل شيء مرة واحدة.

فانيسا كارلتون
فانيسا كارلتون

كان التحدث أمام مُسجل أمرًا مرعبًا بالفعل. فبمجرد التحدث في الأمر، تشعر أنك تقفز من أعلى منحدر شاهق، ثم تُدرك أنه لا يوجد منحدر في الحقيقة. ويتحول إلى باب، عندما تفتحه تجد أشخاص آخرون على الجانب الآخر يقولون حرفيًا "أنا أيضًا".

لقد كنت مصدومة حقًا من بعض القصص التي سمعتها من راقصات باليه، اعتقدت في وقت من الأوقات أنهن لا يمكن المساس بهن. كان أثر ذلك صاعقًا بالنسبة لي. لقد كُن ملكات. لم يكن مقبولًا أن تشتكي. أنت مرهون بقبول نمط معين من التواصل، وطريقة محددة في التعامل. أما الآن، ستتحول هذه الشركة إلى شيء لم يرد على أذهاننا على الإطلاق. كلنا نريد تغيير ذلك، وبالتالي يجب تغييرها.

14. تريش نيلسون (عاملة مطعم):

أريد فقط أن أكون منفتحة في الحديث، وآمل أن أجد سكينتي مثل الجميع. قبل حدوث ذلك، داومت على زيارة معالج نفسي بشكل أسبوعي على مدار خمس سنوات، أما الآن، فقد أصبح من الواضح ما الذي كنت أريد عمله بالفعل كي أتعافى، وهو الإقلاع عن الصمت القاتل الذي كنت أُصر عليه شعورًا بالخزي، وأن أتحدث، بل أكثر من ذلك، أن أصرخ بالحقيقة. 

تريش نيلسون
تريش نيلسون

لقد شعرت أنني أخيرًا قد أُتيحت لي فرصة التخلص من حذاء رقص نقري بالي، ذلك الحذاء الذي اعتدت الرقص به حول الغرور المنتفخ والسلوك الشهواني الذي تحركه سلطة الرجال لعقود. فقد شعرت أخيرًا بنفسي مرة أخرى.

أنا قريبة جدًا من الفتيات الأخريات اللاتي تقدمن للأمام وروين قصصهن، وسوف نناقش كيف أثر ذلك علينا. لقد كنا أناسًا مجهولين غير معروفين. وهذا حال معظم الطبقة العمالية في هذا المجتمع المقسم إلى طبقة عاملة وطبقة ثرية. إنه لأمر عظيم أن تُسمع أصواتنا أخيرًا بدلًا من تجاهلنا.

 

 

15. تينا بيكر (مغنية):

كان الأمر غريبًا، أن يتوجب عليّ الاتصال هاتفيًا بالناس لأخبرهم عما حدث، وذلك لأنني قد عرفت فقط أنهم بصدد الوصول إلى معرفة شيء ما، ولم أرد لهم أن يشعروا بالصدمة. لذا، أرسلت رابط المقال إلى كل مكان، وأخبرت الجميع أنني فعلت ذلك، أي أخبرت بما وقع لي، لأنني شعرت أنه كان من المهم عدم التسامح مع سلوك مثل هذا.

تينا بيكر
تينا بيكر

أرسل لي عدد من الأشخاص رسائل إلكترونية قالوا فيها: "يا إلهي، لا أصدق أنك شاركت في ذلك (أي في حملة #MeToo)"، بينما لم يقل معظم الناس أي شيء. بعد ذلك في حفل رأس السنة، قال أحد رفاقنا من الرجال إنه كان غاضبًا للغاية، وشعر بحزن كبير على ما أصابني. كما كان يشعر بالغضب لأنه يحب موسيقى الهيب هوب.

أخبرت أحد أصدقائي الأوفياء، وهو رجل، عن الموضوع، وبدا عليه الغضب. قال: "أريد أن أسألك سؤالًا: لا أستطيع أن أصدق، كيف لامرأة قوية مثلك أن يحدث لها ذلك؟ كيف سمحت لهذا أن يحدث لك؟". لذا، أعتقد أن ثمة كثير من التثقيف يجب القيام به. هذا الشخص يحبني، لكنه يحتاج إلى الفهم، إذ إن أي شخص قد يكون عرضة للاغتصاب.

16. راشيل رينوك (الشريك المؤسس لشركة توظيف Wethos):

لقد تفاجأت بعدد الأشخاص الذين تواصلوا معي دون سابق معرفة، فقد تلقيت رسائل إلكترونية من نساء كن معي في الكلية، في الوقت الذي كن خائفات من الدخول في مجال التكنولوجيا. تلقيت رسائل إلكترونية، ورسائل عبر لينكدإن من أمهات، ومن متخصصين في مجالات أخرى.

أعتقد أنني ارتبط برابط مميز جدًا بالنساء الأخريات اللاتي تقدمن. لقد أخذت تلك الحلقة في الاتساع بالنسبة لي، ومن ثم كان الظهور على شبكة "إن بي سي" مع خمس مديرات تنفيذيات أخريات في مجال التكنولوجيا، للحديث عن قضايا التحرش مع ميغان كيلي. ولازلت على صلة وثيقة بالكثير من هؤلاء النسوة.

راشيل رينوك
راشيل رينوك

لم يكن لدي خبرة أو فهم حول نوع الرابطة المترتبة على ذلك. فقد كانت قوة لا تُصدق في واقع الأمر، لما لديهم من نظام دعم، وقدرة على الاتصال بالناس، وقولهم إن "الكونغرس يريدني أن أدلي بشهادتي. ما رأيكم في ذلك يا رفاق؟". ساعدت تلك الرابطة في التوصل إلى فرص أكبر، لأنها بنيت على شبكة من النساء القويات -على أتم الاستعداد لتقديم المساعدة.

17. آبي شانشر (كاتبة ورسامة وممثلة)

لقد تابعت حسابي على فيسبوك عن كثب، كان هذا المجتمع يفيض حبًا. كان علي أن أُفصح عما يحيق في صدري تجاه ما حدث. أنت تتحول إلى رمز، ولا تصبح أنت بعد الآن. إنه أمر أكبر مني بكثير. بالنسبة لصحتي العامة والنفسية، كان عليّ أن أبقى صغيرة، حيث كان الحب يسكن. لقد قررت أنني لن أكون ضحية، لقد كنت المستلمة غير المحظوظة. لقد سامحته (المتحرش الكومديان لويس سي كيه).

آبي شانشر
آبي شانشر

تم الاتصال بي، وكنت حينها مختبئة. من الأفضل -في الوقت الراهن- أن أتغلب على نفسي وأبدأ في المشاركة. أنت لك صوتك الخاص، وتستطيع استغلاله بالشكل الذي تراه مناسبًا. ليس معنى أنك خارج مجال العمل الآن أن تتوقف عن الإبداع، إذا كنت فنانًا، فهذا هو عملك.

لقد عان الذين كشفوا عن قصصهم مع التعرض للتحرش الجنسي، إلى أزمات نفسية وتهديدات تخص عملهم ومستقبلهم المهني

أعتقد أن هذا هو الجانب الأكثر جلبًا للقوة. لا يتعلق الأمر بالتغلب على شخص ما، بل هو ردع الأشخاص في وقت مبكر، والقضاء على المشكلة لدى الأشخاص الذين يعانون منها بشكل مزمن أو قهري، ذلك هو الأمر المهم. لقد كان الاستماع إلى تجارب بما يحول دون استمرارهم بالشعور بالخزي، أحد أهم التأثيرات التي أتت بعد ذلك.

18. توني سالي (صحفية)

أجلس هنا والدموع تملأ عيني. لقد اتصلت بي للتو امرأة أعرفها، وأخبرتني بأنها تعرضت للاغتصاب منذ ستة أشهر، وبعد أن قرأت قصتي، تحلت بالقوة وأبلغت الشرطة. "شكرًا لك لما بقي من حياتي"، هكذا أخبرتني.

توني سالي
توني سالي

 

اقرأ/ي أيضًا:

"البنك الدولي للتحرش الجنسي".. 25% من الموظفات تعرضن للإساءة

نقاشات "#Me_Too" الغائبة عربيًا