08-أبريل-2022
من الاحتجاجات المناهضة للانقلاب العسكري (الترا سودان)

من الاحتجاجات المناهضة للانقلاب العسكري (الترا سودان)

شارك عشرات الآلاف من المحتجين السودانيين في مسيرات بالعاصمة الخرطوم ومدن وبلدات أخرى بمناسبة الذكرى الثالثة لسقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير للتعبير عن رفضهم لاستيلاء الجيش على السلطة في الآونة الأخيرة. وحصرت لجنة الأطباء المركزية في تقريرها الدوري يوم أمس الخميس (78) حالة إصابة من بينها (6) إصابات بالرصاص الحي، بعضها استدعى تدخلًا جراحيًا.

في الأسابيع الأخيرة كثف النشطاء والسياسيون دعواتهم عبر منصات التواصل الاجتماعي لتنظيم احتجاجات

وفي الأسابيع الأخيرة كثف النشطاء والسياسيون دعواتهم عبر منصات التواصل الاجتماعي لتنظيم احتجاجات مستخدمين عدد من الوسوم مثل "#عاصفة 6 أبريل" و"#زلزال 6 أبريل". كما أطلقت دعوات للخروج  للمظاهرات بالعاصمة الخرطوم في وقت متأخر من نهار الأربعاء مراعاة لصيام المتظاهرين. وانطلقت احتجاجات في وقت سابق بالمدن والبلدات السودانية شملت مناطق بورتسودان وكسلا والقضارف شرقًا، والأبيض ونيالا والجنينة غربًا، ومدني وكوستي وكادقلي جنوبًا.

وسارت المواكب في الخرطوم نحو المطار حيث تمت مواجهتهم بالغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت أثناء توقفهم لتناول الإفطار، واستمروا في المسيرة بعد غروب الشمس وهم يهتفون "الثورة ثورة الشعب والسلطة سلطة الشعب". فيما انتشرت قوات الأمن والجيش في الشوارع الرئيسية حيث تم إغلاق المنشآت الحكومية الرئيسية في العاصمة الخرطوم وكذلك الجسور المؤدية إلى أم درمان وبحري بحاويات الشحن.

وفي أم درمان شوهدت قوات الأمن ومنها الشرطة الاحتياطية المركزية، التي فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليها، وهي تطارد المحتجين المتوجهين نحو مبنى البرلمان في الشوارع الجانبية، وتم سماع طلقات أعيرة نارية مع بدء المحتجين الاستعداد للإفطار. ودعت لجان المقاومة في الخرطوم وأم درمان المحتجين إلى الانسحاب مع حلول الليل، وأشارت لجان أم درمان إلى تعرض المحتجين للقمع.

هذا وأعلنت لجنة أطباء السودان المركزية عن مقتل أحد المتظاهرين وإصابة عدد آخر، وجاء في بيان صادر عن اللجنة أن "الطيّب عبد الوهاب البالغ من العمر 19 عامًا قتل إثر إصابته برصاصة أطلقتها قوات السلطة خلال قمعها تظاهرة في مدينة شرق النيل بولاية الخرطوم"، ليرتفع عدد ضحايا التظاهرات منذ الانقلاب الذي قاده الفريق أول عبد الفتاح البرهان في 25 تشرين الأول/أكتوبر إلى 94 شخصًا وفق بيان اللجنة.

كما أشارت لجنة أطباء السودان المركزية  إلى أن "قوات المجلس العسكري الانقلابي اقتحمت مستشفى الجودة وتطلق الغاز المسيل للدموع بداخله وتروّع المرضى والكوادر الطبية وتتسبب في اختناق عدد منهم". وحاصرت "قوات السلطة الانقلابية مستشفى الأربعين  بأم درمان خلال قمعها لمواكب أم درمان المتراجعة من محيط البرلمان، وأطلقت هذه القوات الرصاص الحي والمطاطي والقنابل الصوتية التي شكل صوت دويّها إزعاجًا ومضايقة للمراجعين والعاملين بالمستشفى".

وفي الشق السياسي نقلت وكالة رويترز للأنباء عن مصادر مطلعة قولها إن الفصائل المتحالفة مع الجيش السوداني عقدت اتفاقًا لتشكيل حكومة انتقالية من شأنه تعزيز سيطرة الجيش على مقاليد السلطة. ويأتي مشروع الاتفاق في وقت يتعرض فيه المجلس العسكري لضغوط شديدة بسبب الاقتصاد المتدهور والاحتجاجات  المستمرة رغم حملة القمع العنيفة التي تشنها قوات الأمن والجيش.

وتحدث مصدر رفيع المستوى على اطلاع بالمناقشات حول الاتفاق أن من صاغه سياسيون مقربون من العسكر ويلقى قبولًا من قيادة الجيش السوداني. وقالت تلك المصادر عن أن مشروع الاتفاق الذي لم يعلن عنه من قبل شهد دعمًا من بعض الأحزاب السياسية المؤيدة للمجلس العسكري والمتمردين السابقين الذين وقعوا اتفاق سلام في العام 2020، بالإضافة لبعض الزعماء القبليين والدينيين.

وأشارت إلى أن الجيش لا يزال يسعى لتوسيع نطاق الدعم لمشروع الاتفاق من خلال محاولة كسب ود أكبر حزبين تقليديين في السودان هما الحزب الاتحادي الديمقراطي وحزب الأمة أو أجنحة داخلهما. ويتضمن الاتفاق تعيين حكومة تكنوقراط وترشيح أعضاء الهيئات القضائية ولجنة الانتخابات، استعدادًا للانتخابات المتوقعة العام المقبل.

كما تنص مسودة الاتفاق على أنه سيتم إطلاق سراح السجناء السياسيين كإجراء لبناء الثقة، وهو تعهد تم تقديمه أيضًا في صفقة قصيرة الأجل تم التعهد بها بعد شهر واحد من الانقلاب لإعادة عبد الله حمدوك كرئيس للوزراء. لكن أبرز ما تقوله وثيقة الاتفاق أن الجيش هو السلطة المؤسسية والمشرف على المرحلة الانتقالية ويتولى سلطات مجلس الأمن والدفاع، على غرار التجربة الانتقالية في نيسان/أبريل 1986، في إشارة إلى فترة انتقالية سابقة عندما حكم الجيش لمدة عام قبل الانتخابات.

وهذا من شأنه أن يعطى الجيش صلاحيات مطلقة باعتباره السلطة العليا في البلاد، ليتجاوز بشكل واضح بند تقاسم السلطة مع المكون المدني بعد الإطاحة بحكم البشير والمنصوص عليه في الإعلان الدستوري الذي ظل نقطة مرجعية حتى بعد الانقلاب.

في حال إقرار هذه الوثيقة ستشهد الساحة السودانية انقسامًا حادًا وصدامًا مع الأحزاب والقوى السياسية

وفي حال إقرار هذه الوثيقة ستشهد الساحة السودانية انقسامًا حادًا وصدامًا مع الأحزاب والقوى السياسية التي لعبت دورًا خلال انتفاضة 2019، بالإضافة للجان مقاومة الأحياء التي تقود الاحتجاجات الحالية والتي ترفض الحوار مع الجيش وتطالبه بالانسحاب من الحياة السياسية.