1. سياسة
  2. سياق متصل

بعد قطيعة لعقدَين... صلاة لبنانية في دمشق ورسائل في الدين والسياسة

7 يوليو 2025
مفتى الجمهورية اللبنانية
مفتي الجمهورية اللبنانية، الشيخ عبد اللطيف دريان خلال لقائه بالرئيس أحمد الشرع
نادر حجاز نادر حجاز

كسر مفتي الجمهورية اللبنانية، الشيخ عبد اللطيف دريان، قطيعة استمرت نحو عقدين بين دار الفتوى والنظام في سوريا، وهي قطيعة ألقت بظلال ثقيلة على موقع دار الفتوى في الحياة السياسية اللبنانية، خصوصًا بعد اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، الذي وُجهت أصابع الاتهام فيه إلى نظام الأسد، وأدى إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان وتوتر العلاقات بين بيروت ودمشق.

تُعتبَر الزيارة تاريخية بامتياز، لا سيما من حيث التوقيت، وقد جاءت بالتزامن مع التغيّرات الاقليمية الكبرى والانفتاح العربي والدولي على سوريا الجديدة، التي بدأت ترسم طريقها نحو مستقبل مختلف عن كل العقود السابقة. والأمل بأن يسلك لبنان طريقًا مشابهًا نحو النهوض بعد سنوات طويلة من الحروب والأزمات.

ساعة في قصر الشعب

استمر اللقاء بين دريان والرئيس السوري أحمد الشرع، في قصر الشعب، حوالى الساعة والربع، في ظل اهتمام واضح من الشرع بمداولات الاجتماع وما طرحه العلماء المشاركين، حيث قام بتدوين الكثير من الملاحظات.

وفي مبادرة تحمل الكثير من الدلالات، منح المفتي دريان للشرع وسام دار الفتوى المذهّب، "لمواقفه الإسلامية والعربية ولجهوده وعطاءاته وتضحياته في خدمة سورية"، كما كُتب على الشهادة الصادرة عن دار الفتوى. مع الإشارة إلى أن الشرع هو الرئيس الثاني الذي يُمنَح هذا الوسام بعد رئيس الجمهورية اللبنانية جوزاف عون في رمضان الماضي.

تكمن رمزية زيارة المفتي دريان في طيّ صفحة حكم آل الأسد الثقيلة على لبنان وسوريا

دريان الذي لم يزر الشام منذ توليه سدة الإفتاء في العام 2014، استهل زيارته بأداء الصلاة في المسجد الأموي، حيث أدى صلاة الظهر للمرة الأولى منذ العام 2005 في دمشق. وكان له وقفة فوق جبل قاسيون المشرف على العاصمة السورية، مع كل ما تحمله من إرث تاريخي وثقافي للعرب والمسلمين، وكأنه يعقد مصالحة بين دار الفتوى في لبنان والشام، بعدما " غيّبونا كما غيّبوا وغرّبوا عشرة ملايين من أبناء الشعب السوري"، على حدّ تعبيره في كلمته، قائلًا "الدم لا يصبح ماء".

طي صفحة الأسد

تكمن رمزية زيارة المفتي دريان في طيّ صفحة حكم آل الأسد الثقيلة على لبنان وسوريا، وهي صفحة دفع الشعبان ثمنها سنوات طويلة من المعاناة. فقد شاب علاقة سُنّة لبنان بالنظام السوري محطات متوترة، لا سيما في عهد المفتي الراحل حسن خالد، الذي اغتيل في سياق الحرب الأهلية والدور السوري آنذاك. كما كان حال المفتي خالد، فإن كثيرًا من الشخصيات اللبنانية دفعت ثمن مواقفها من النظام المخلوع، وهي جميعًا حضرت رمزيًا في زيارة دريان، التي بدت كإحياء لخطوط التواصل وفتحٍ لباب جديد نحو مستقبل ما بعد الأسد.

المعاني السياسية

علّق الإعلامي صبحي قبلاوي، الذي واكب الزيارة إلى سوريا، بالقول: "هذه الزيارة الأولى من نوعها لمفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان على رأس وفد كبير جدًا من مفتي كل المناطق في لبنان وأمين الفتوى الشيخ أمين الكردي وأمين الفتوى في طرابلس الشيخ بلال البارودي. وهذه الزيارة تحمل معانٍ سياسية ودينية، لكنها سياسية وعروبية بامتياز".

وتابع قبلاوي، في حديث لـ"الترا صوت": "واضح من كلام المفتي دريان أنه يريد إيصال رسالة بأن مَن يطبق خارطة الطريق العربية والدولية يلاقي الأيادي العربية والدولية لمساعدته على العودة والنهوض ببلده. وهذا ما فعله الرئيس أحمد الشرع خلال الفترة القصيرة التي تولّى فيها قيادة سوريا حتى الآن".

وأضاف قبلاوي: "لقد أشار الى هذا الكلام المفتي دريان في كلمته عندما قال أن آمال اللبنانيين معلّقة على ما ورد في خطاب القَسم لرئيس الجمهورية والبيان الوزاري، مشدداً على أهمية تطبيق اتفاق الطائف الذي رعته المملكة العربية السعودية. كما شدد على عمق لبنان العربي وأن لا نهضة للبنان إلا بعمقه العربي". 

وختم قبلاوي: "هذا كلام واضح، فنحن أمام مرحلة جديدة تغيّرت فيها المنطقة وسيلعب التغيّر الجيوسياسي دوراً كبيراً في مستقبل العلاقات بين لبنان وسوريا".

الاعتدال السني

بالتوازي، حملت الزيارة رسائل دينية مهمة، لا سيما في ظل المخاوف من المقاتلين الأجانب في سوريا وعودة التطرّف وتنظيم داعش. فهدف الزيارة الديني هو تأكيد الإعتدال السنّي مع قادة سوريا الجديدة.

قال قبلاوي لـ"الترا صوت" إن المفتي دريان أراد إيصال رسالة مفادها أن الالتزام بخارطة الطريق العربية والدولية يفتح أبواب الدعم، كما يفعل الرئيس أحمد الشرع حاليًا في سوريا

ومن هذا المنطلق كان استحضار دريان للتفجير الذي استهدفت كنيسة في دمشق، في توجيه لافت إلى ضرورة محاربة التطرّف وعدم السماح له للعب بمصير الشعب السوري من جديد.

وكان شدد دريان​، خلال لقائه وزير الأوقاف السوري محمد أبو الخير في دمشق، على "أهمية الدور الإسلامي في لبنان من خلال دار الفتوى بنشر الفكر الإسلامي الوسطي الذي يحترم الآخر، ويقدر الخصوصيات وتعزيز ثقافة المواطنة والعيش المشترك بين شرائح المجتمع، خاصة في الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة العربية".

كذلك أكّد دريان وأبو الخير خلال اللقاء على "أهمية التشاور والتعاون والتنسيق بين العلماء السوريين واللبنانيين للقيام بدورهم الفاعل في تأصيل الهوية".

لا لبنان بلا السنّة

لا يمكن تناول زيارة دريان من دون التذكير بالموقف عالي النبرة الذي صدر عنه الأسبوع الماضي، بأن لا دولة في لبنان من دون السنّة. والذي استدعى سلسلة توضيحات صدرت عن دار الفتوى بأنه لا يقصد به أحدًا محددًا، إلا أنه كان من دون شك يحمل رسالة امتعاض واضحة، وإن بقيت الرسائل مشفّرة بين السطور.

فالسنّة في لبنان يفتقدون إلى الزعامة السياسية، لا سيما بعد اعتكاف سعد الحريري الطويل، ما يبرّر ربما صرخة المفتي وقد يوضح أيضًا الكثير مما ورد في كلمته أمام الشرع.

كلمات مفتاحية
إيران

المفاوضات النووية.. طهران تسعى لاتفاق سلمي مع واشنطن وسط خلاف على الشروط

تَصْدُر من طهران إشارات متباينة حول المفاوضات النووية

قطاع غزة

قطاع غزة مهدد بالتقسيم مع تعثّر الخطة الأميركية

حذّرت مصادر أوروبية متعددة، في حديثٍ لوكالة "رويترز"، من خطر تقسيم قطاع غزة مع تعثّر الخطة الأميركية

الانتخابات المصرية

المرحلة الأولى من الانتخابات المصرية: انسحابات وشكاوى وسط هيمنة المال السياسي

لم تحمل المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب المصري، التي جرت يومي 10 و11 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، جديدًا يُذكر في المشهد السياسي

إيران
سياق متصل

المفاوضات النووية.. طهران تسعى لاتفاق سلمي مع واشنطن وسط خلاف على الشروط

تَصْدُر من طهران إشارات متباينة حول المفاوضات النووية

الصين قديمًا (شبكات تواصل اجتماعي)
نشرة ثقافية

اكتشاف قبر صيني عمره 5 آلاف عام يؤكد وجود مملكة ما قبل التاريخ

قبر صيني عمره 5 آلاف عام يؤكد وجود مملكة ما قبل التاريخ

قطاع غزة
سياق متصل

قطاع غزة مهدد بالتقسيم مع تعثّر الخطة الأميركية

حذّرت مصادر أوروبية متعددة، في حديثٍ لوكالة "رويترز"، من خطر تقسيم قطاع غزة مع تعثّر الخطة الأميركية

الانتخابات المصرية
سياق متصل

المرحلة الأولى من الانتخابات المصرية: انسحابات وشكاوى وسط هيمنة المال السياسي

لم تحمل المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب المصري، التي جرت يومي 10 و11 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، جديدًا يُذكر في المشهد السياسي